باصات تكساس: روحة بلا رجعة! .. بشار جرار – واشنطن ..

لم تكن صدفة حب العرب الأمريكيين لتكساس، لعلها من أولى الولايات الخمسين التي تناولتها الأفلام والمسلسلات العربية، ليس النفط ولا الكاوبوي ولا “ويسكي هيوستن” الذي تحدث عنه الفنان السوري الكبير دريد لحام هو سر التقارب بين المجتمعين بقدر ما هي ميزتا الكرم والشجاعة، ثمة مقولة معروفة في الولاية “أحادية النجمة” وهي: لا تعبث مع تكساس، لا تستفز تكساس.
حاكم الولاية غريغ آبوت، جمهوي ومؤيد للرئيس السابق دونالد ترامب، طفح فيه الكيل مؤخرا مع الرئيس جو بايدن الذي تحداه أكثر من مرة وفي أكثر من ملف هو والنجم الصاعد بقوة، حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتس، وهو أيضا مؤيد لترامب ويترقب البعض خوضه الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤ على يمين ترامب وربما بديلا عنه في حال أي طارئ.
الحاكمان آبوت ودي سانتس تحديا بايدن واصطدما معه مراراً في قضيتي إغلاقات كوفيد التاسع عشر وأمن الحدود.
ولأن ولايته الأكثر تضررا من الهجرة غير الشرعية عبر المكسيك، طالب الكونغرس وإدارة أوباما الثالثة، إدارة بايدن بزيارة ميدانية للاطلاع على كارثية الوضع على حدود البلاد الجنوبية في الوقت التي تنفق فيه واشنطن المليارات على تعزيز حدود أوكرانيا والضفة الشرقية للناتو!
إزاء التجاهل مرارا والرفض مرات، فجّر آبوت قنبلة إعلامية في توقيت قاتل سياسيا بالنسبة لبايدن وحزبه الديمقراطي، قبل سبعة أشهر من انتخابات التجديد النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب، قال آبوت مخاطبا بايدن عبر وسائل الإعلام وتويتر: حسنا سيدي الرئيس سأرسل لك الحدود، إلى واشنطن، وبالفعل أرسل تباعا -حتى ساعة كتابة هذه السطور- ثلاث باصات لم يكن أيا منها أخضر اللون! باصات آبوت ميزتها واحدة وهي أنها “روحة بلا رجعة”!.
طبعا ما كان لحاكم أن يتحدى رئيساً لو لم يعطه الدستور الأمريكي هذا الحق، حق ربما يشجع بعض الدول المكبلة بتبعات هجرة فرضت عليها حتى ولو بـ”المخاجلة” اتخاذ قرارات إجرائية عملية تنهي أي شكل من أشكال الابتزاز السياسي لملف المهجرين والمهاجرين والنازحين واللاجئين كما هو الحال في عدد من الساحات الشرق أوسطية خاصة لبنان والأردن.
بعد كارثتي أفغانستان وأوكرانيا، اكتسبت قضيتا أمن الحدود وقوانين اللجوء والهجرة زخما سياسيا سيكون حاسماً في كثير من الانتخابات من بينها الفرنسية والأمريكية.
بالصدفة المحضة، كشف لي طنين ذبابة الكترونية تطاولت على بلد أحبه، أن “المغرد” الناعق يحمل جنسية مزدوجة استقوى فيها على بلده الأم، دفعني الفضول لزيارة “بروفايله” وإذ به مسؤول في “حزب التحرير” في استراليا! ولمن يجهل هذا التنظيم -الذي عارض الى حد التكفير أحياناً جماعة الاخوان المسلمين- يدعو إلى إقامة “دولة الخلافة”! ويعتبر “حزب التحرير” –الناشط أيضا في بريطانيا- جميع النظم السياسية القائمة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية نظماً فاقدة للشرعية الدينية والسياسية، فما الفرق بينهم وبين داعش والنصرة والقاعدة؟.
ربما سيأتي يوم لن يطول انتظاره، يخرج فيه آبوت استرالي يضع ذلك “التحريري” في باص أخضر و “روحة بلا رجعة”..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter