على مسؤوليتي .. حجر في المياه الراكدة!.. عصام داري ..

تطورات جديدة شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثلت في عمليات فدائية استشهادية في العمق الإسرائيلي، أي داخل الخط الأخضر، أو فلسطين المحتلة عام 1948.
تأتي هذه العمليات التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الإسرائيليين، بعد فترة طويلة لم نشهد فيها مثل هذه العمليات التي تدمي الإسرائيليين، وهذا يؤكد أن الفلسطينيين قادرون على الوصول إلى أي مكان على الرغم من كل الإجراءات المنية المشددة في كل فلسطين المحتلة.
ما جرى كان بمثابة صدمة للقيادة الإسرائيلية أولاً، وللجمهور الإسرائيلي ثانياً الذي عاد ليشعر بأنه ليس في أمان، وأن الموت ينتظره في أي بقعة من بقاع “إسرائيل”، وما يعنيه ذلك من عوامل نفسية واجتماعية تنعكس سلباً على المجتمع الإسرائيلي الهش بطبيعته.
لكن ما زاد وفاقم القلق الإسرائيلي أن الفصائل الفلسطينية،أعلنت أنه لا أمن ولا أمان ولا استقرار للاحتلال حتى ينال الشعب الفلسطيني حريته، وان أي فعل إجرامي من الاحتلال سيقابل بمقاومة أقوى وأشد.
ما يجري جاء في ظل تصعيد إسرائيل ممارساتها القمعية والتعسفية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من اعتقالات وانتهاكات وعمليات قتل واغتيالات واقتحامات للمسجد الأقصى ومحاولات تهجير الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم، وخاصة في حي الشيخ جراح على وجه الخصوص، وبعض المدن والبلدات الفلسطينية الأخرى.
والعمليات الفدائية ربما كانت محاولة لإيقاظ العالم من سباته العميق، وإخراجه من حالة صمت القبور الذي يمارسه منذ سنوات طويلة، ويسهم فيه للأسف بعض العرب الذين ارتضوا على ما يبدو بسياسة الأمر الواقع.
هذا الصمت الدولي المريب على الممارسات دفع بالمقاومين الفلسطينيين إلى إلقاء حجر في المياه الراكدة فشهدت أراضي فلسطين المحتلة داخل خط 1948 تلك العمليات النوعية التي استهدفت المستعمرين الصهاينة الذين يطلق عليهم تسمية مستوطنين، وهي عمليات مرشحة للتوسع في الأيام القادمة وفق التهديد الذي أعلنته الفصائل الفلسطينية.
هناك من رأي أن العمليات الفدائية، أو الاستشهادية، أو الانتحارية، جرت بسبب تراجع الاهتمام الدولي بقضية الشرق الوسط وعملية السلام بسبب انشغال العالم بالحرب الروسية في أوكرانيا، لكن هذا الكلام غير صحيح، أو هو غير دقيق كحد أدنى، فتراجع الاهتمام بالشعب الفلسطيني بشكل خاص، ولعملية السلام في المنطقة بشكل عام ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى سنوات خلت حيث تُركَ الشعب الفلسطيني لمصيره وبات عليه أن “يقلّع شوكه بيده”.
وهكذا كان، فعندما يدير”المجتمع الدولي” ظهره للشعوب، ويتجاهل قضاياها، فعلى هذه الشعوب أن تتحرك قبل أن تضيع حقوقها، وتتبخر آمالها في الحياة والحرية والعيش بكرامة.
لذا تعتبر عودة العمليات الفدائية إلى داخل الخط الأخضر بمثابة جرس إنذار للداخل الإسرائيلي بأن الرد سيكون قوياً وحاسماً على أي عدوان يستهدف الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وأن الرد سيكون في أي بقعة من بقاع فلسطين التاريخية من النهر على البحر.
لقد غابت العمليات الفلسطينية داخل الخط الأخضر طويلاً للإفساح في المجال أمام القيادة الفلسطينية لتحقيق أي انجاز مهما كان ثانوياً لحماية الفلسطينيين من العربدة الإسرائيلية والعدوان المتواصل والمتصاعد، لكن شيئاً من هذا لم يحصل، وما زاد الطين بللاً أن القيادة الفلسطينية دانت العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكأن الفلسطينيين هم المعتدون، وهذه المصيبة عينها!.
في ظل كل ذلك على دول العالم أن تتخذ مواقف حقيقية لوضع حد للعربدة الإسرائيلية والعدوان المستمر وانتهاك حقوق الإنسان وكل الأعراف والقوانين الدولية، والقيم الإنسانية، لأن ما تقوم به إسرائيل ينسف كل القيم والقوانين الدولية ويحول العالم إلى غابة واسعة تسودها شريعة الغاب.
*كاتب سياسي – سورياالمقال يعبر عن رأي الكاتب ..