هل يتحول الغاز الروسي لسلاح سياسي؟
مع احتدام الصراع الروسي الأوكراني

مع احتدام الأزمة الأوكرانية ومخاوف وقوع حرب.. والعقوبات على موسكو.. تثار بعض التساؤلات منها: هل يتحول الغاز الروسي لسلاح سياسي؟.. وهل يمكن للبلدان الأوروبية العيش دون الغاز الروسي،؟.. وماذا عن مصير خط الغاز نورد ستريم 2؟
عن هذه الأسئلة.. استعرض تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، بعض الأجوبة بشأن استخدام الغاز وخط (نورد ستريم2) سلاحًا سياسيًا في الأزمة الروسية الأوكرانية، ومدى قدرة القارّة الأوروبية تعويض أيّ نقص في إمدادات الغاز الروسي.
وبينما تدرس الدول الغربية العقوبات المحتملة ضد موسكو، حال قيام روسيا بغزو أوكرانيا، يعدّ مستقبل خط أنابيب الغاز (نورد ستريم 2) على المحكّ.
وهو الأمر الذي حدث بالفعل، إذ قررت ألمانيا تجميد خط نورد ستريم2 ردًا على اعتراف روسيا رسميًا بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا.
هل يتحول الغاز الروسي لسلاح سياسي؟
و يؤكد التقرير أن الغاز يُستخدم في بعض الأحيان سلاحًا سياسيًا للضغط على أيّ قرار قد يُتخذ، فهو ليس مجرد مصدر للطاقة فقط.
فمع تصاعد الأزمة، تظهر معضلة الغاز، إذ يوجد علاقة مشتركة يستفيد فيها كل جانب من الآخر، إذ إن الاتحاد الأوروبي يوفر 41% من احتياجاته من الغاز عبر روسيا، وبالتوازي تحقق روسيا 60% إيرادات وارداتها عبر مكاسبها من بيع الغاز عبر الدول الأوروبية.
ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تكافح فيه القارّة العجوز، مع الصعود التاريخي بأسعار الغاز، وسط انقسامات داخلية بشأن موعد التخلص من الوقود الأحفوري وتقليل كل النشاطات المتعلقة به استجابة لمحاربة التغيرات المناخية وارتفاع درجات حرارة الأرض.
ما مصير خط الغاز نورد ستريم 2؟
أُنشئ خط أنابيب نورد ستريم2 -الرابط بين روسيا وألمانيا- حديثًا، ويبلغ طوله 750 ميلًا، مع قدرته على تزويد 26 مليون منزل في ألمانيا بالغاز.
ورغم تنفيذ خط الأنابيب المثير للجدل، لكن لم يُعتمد حتى الوقت الراهن من قبل هيئة تنظيم الطاقة في ألمانيا.
وينظر إلى خط نورد ستريم 2، الذي يربط بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق، بأنه سيحرم أوكرانيا من رسوم عبور الغاز الروسي من خلال أراضيها إلى الدول الأوروبية.
تتضمن تصريحات الولايات المتحدة بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية تأكيدًا بأنها لن تسمح بتشغيل خط أنابيب نورد ستريم 2، إذا غزت موسكو كييف.
وتتوافق تصريحات بايدن مع تعليقات نقلتها صحيفة الغارديان عن وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، بأن خط أنابيب نورد ستريم2 سيكون مطروحًا للنقاش بصفته جزءًا من العقوبات في حال حدوث الحرب، وهو ما طبقّته ألمانيا على أرض الواقع بتجميده ردًا على قرار روسيا الأخير.
ويُشار إلى أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تصويت الدول الأعضاء البالغ 27 دولة لفرض أيّ عقوبات على روسيا.
وعلى الرغم من أن ألمانيا ستشكّل الكفة الأرجح في التصويت، فإن إيقاف خط الغاز سيحتاج دعم دول أخرى؛ مثل: النمسا وبلغاريا، اللتين تعتمدان على الغاز الروسي بشكل كبير.
ومع اعتماد العديد من الدول الأوروبية على الغاز الروسي، يخشى مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من أن أيّ تحرّك ضد خط نورد ستريم 2 قد يثير ردًّا انتقاميًا من جانب روسيا.
ماذا عن الطرف الآخر في الأزمة؟
ويشير تقرير الغارديان إلى أنه من الصعب توقّع أيّ اتجاه قد تسلكه روسيا بشأن خطوط الأنابيب، إذ إن الرؤية تتوقف على معرفة ما بداخل عقل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والذي لديه الرغبة دائمًا في إبقاء العالم بحالة تخمين، على حدّ وصف الصحيفة البريطانية.
ومع ذلك بالعودة إلى التاريخ، ليس من المستبعد إقدام روسيا على قطع الغاز عن أوروبا، فقد استخدمته سلاحًا في المدة من عام 2006 حتى عام 2009، عندما قطعت الإمدادات بالفعل، وأسهم ذلك في تداعيات سلبية شديدة على وسط وشرق أوروبا.
في المقابل، رأى تقرير الغارديان أنه رغم اعتماد روسيا بشدة على إيرادات الوقود الأحفوري، فإنها بذلت جهودًا خلال الـ15 عامًا الماضية لزيادة إمدادات الغاز إلى الصين، والتي تعدّ مستهلكًا قويًا.
فبحسب التقرير، وافقت روسيا على عقد مدته 30 عامًا يتضمن تصدير الغاز إلى الصين وتدشين خط أنابيب جديد، بيد أن الاتحاد الأوروبي يظل الجهة المربحة لموسكو حتى الآن.
هل يستطيع الاتحاد الأوروبي العيش دون الغاز الروسي؟
يرى التقرير أن هناك اتهامات تلاحق شركة غازبروم الروسية، بشأن تلاعبها في سوق الغاز بأوروبا بهدف الضغط على المنظمين الأوروبيين للموافقة على تشغيل خط نورد ستريم 2، ولكن عملاق الغاز الروسي رفضت تلك الاتهامات ووصفتها بالأكاذيب.
ودفعت كل تلك الأحداث الاتحاد الأوروبي بدعم من الولايات المتحدة للبحث عن مورّدي غاز بصفتهم بدائل لروسيا.
وبالفعل، هناك محادثات جارية في الوقت الراهن مع النرويج وقطر وأذربيجان والجزائر، حول زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
ويشار إلى أن الولايات المتحدة تعدّ أكبر مورّد للغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من الخلافات المتتالية مع روسيا منذ سنوات، وتداعيات ضم موسكو شبه جزيرة القرم، لم يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات ملحوظة لإبعاد نفسه عن الغاز الروسي.
وهو ما عبّر عنه مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، جوزيب بوريل، بقوله، إن الاتحاد الأوربي لم يتخذ ما يكفي لتعزيز قدرته على مواجهة أيّ تخفيضات محتملة في إمدادات الغاز.
وفي المقابل، قامت روسيا ببناء احتياطي قوي من العملات الأجنبية يساعدها على عزل نفسها عن العقوبات الغربية.
ويؤكد التقرير أنّ تعطُّش أوروبا للغاز بصفة عامة لن يختفي في أيّ وقت قريب، حتى مع أهداف المناخ المتمثلة في تحقيق حيادية الكربون، إذ ترى العديد من البلدان الأوروبية أن الغاز جسر لتحوّل الطاقة بعيدًا عن الفحم.
تابعونا على صفحة الفيس بوك…