الصبوحة، معلومات مثيرة! .. مراد داغوم

أبت {الصبوحة} إلا أن يعلّق لها الرئيس شمعون وسام الأرز الوطني، (كان ترك الرئاسة) في عهد الرئيس شارل حلو الذي رفضت السلام عليه بعد حضوره افتتاح مسرحيتها ضمن مهرجانات بعلبك، و السبب أنها طلبت منه موعداً لطرح موضوع معه فلم تحصل على موعد مع رئيس الجمهورية… لكنّه منحها وساماً بوساطة زوجها آنذاك النائب جو حمّود كما تخبر. وما إن انتهت الانتخابات النيابية سنة 1972، حتى انفصلت عن زوجها بصورة نهائية. قبل ذلك، في عام 1967، عندما عادت صباح إلى مصر عودة الفاتحين، حملت أغنيات لبنان، مع أغنيات كبار ملحني مصر مثل محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، بليغ حمدي، محمد الموجي وغيرهم. هذه العودة أثارت ضغائن شتى عند فنانات مصر مثل شادية ونجاة وفايزة أحمد، وكما حصل حين التآمر على أسمهان، حاولت تلك الفنانات الإساءة إلى صباح عن طريق فرقة أحمد فؤاد حسن الموسيقية ومهندس الصوت في حفلها الفني الكبير الذي أقيم في جامعة القاهرة في 30 نيسان. يبدو من تفاصيل الحفل (الفيديو المرفق) المحاولات الجاهدة لإفشال وصلة صباح من قبل أحمد فؤاد حسن وفرقته بما فيها الكورال، مع مهندس الصوت. استطاعت صباح بحنكتها وبمساعدة الجمهور الذي ألهبته صباح، و(ذاب) لرؤيتها على مسارح القاهرة وعلى أغنيات عشقوها وطلبوها بالاسم. فرقة أحمد فؤاد حسن من الفرق المحترمة والمتمكنة في مصر والوطن العربي، أمر يدعو للتساؤل والدهشة من تصرفات الفرقة إن كان بالأحاديث الجانبية الكثيرة بين بعضهم، أو بالاستهتار الموسيقي أثناء الغناء، أو بالارتفاع المستغرب لصوت الموسيقا مع الغناء خلال الأغنيتين الأوليين، فالمعتاد أن تصمت الآلات مع الغناء وتعزف اللوازم فقط. حتى الكورال كان يرد مع صباح بسخرية واضحة وخصوصاً عند كلمة (بطاطا) في أغنية (عالبساطة) التي لحنها المرحوم (سهيل عرفة) ولاقت نجاحاً كاسحاً في الوطن العربي كله بعد أن غنتها أمام فريد شوقي في أحد أفلامهما. في الحفل، كان يرافق صباح عازف بزق، يبدو واضحاً من نظرات عازفي الكمان وراءه وبجانبه كمية الحقد والكراهية، ربما بسبب وقوفه ما يعتبر تمييزاً له عن بقية العازفين. في بداية الحفل، غنت صباح أغنيتها الرائعة (والله واتجمعنا تاني يا قمر) ألحان محمد الموجي، فأجادت وأبدعت وهاج الجمهور وماج مع اللحن ومع حركات الصبوحة، لم أر صباح في مثل هذا الجهد والأداء العظيمين خصوصاً في الكوبليه الأخير وهو صعب الأداء وفيه طبقات عالية. ما أن انتهت الأغنية حتى وضح الانفلات والاستهتار بين أعضاء الفرقة الموسيقية، طلب أحمد فؤاد حسن أغنية (عالضيعة) وهي من ألحان محمد عبد الوهاب، لكن الجمهور أصر على أغنية (عالبساطة)، بعد المقطع الأول، انخفض صوت صباح، وبدأ صوت الفرقة في الارتفاع والتشويش بالتدريج مع زقزقات آلات الكمان في لأوكتافات العليا مع الغناء، وفي الكوبليه قبل الأخير أشارت صباح إلى المايكروفون كأنها تقول للجمهور أن صوتها منخفض، ثم نظرت إلى مهندس الصوت، وفي الكوبليه الأخير توقفت عن الغناء تنظر صوت هندسة الصوت. نلاحظ أن أصوات أحاديث الفرقة أعلى من صوت الجمهور. يبدو أن أحمد فؤاد حسن أعطى تعليماته بعدم مرافقة المطربة أثناء الغناء، ووضحت آخر جملة قالها: (يللا … لزم بس)، “لزم” هي المصطلح المصري المقابل لمصطلح “لوازم”. عادت الفرقة لموسيقا الكوبيله، وتبدو نظرات الموسيقيين إلى عازف البزق أكثر وضوحاً، بينما ارتفع صوت صباح قليلاً وتوقف الموسيقيون عن الشوشرة. ثم غنت (عالضيعة) لعبد الوهاب، ثم (جيب المجوز) للرحابنة الذي بدا واضحاً أن الجمهور المصري يحفظها عن ظهر قلب. بعدها أغلق الستار، فتجاوزته إلى الميكروفون مما اضطرهم لفتحه، وارتفعت هيصة الجمهور، واختتمت بأغنية (الله يقصف عمر الحب). الحفل في الفيديو الهام المرفق، قال صاحبه: (العودة التي قهرت فايزة وشادية ونجاة، عودة الأسطورة لبلدها مصر).
.
*(مراد داغوم – مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا).
https://www.youtube.com/watch?v=H2v5jbJUKH0