إضاءاتالعناوين الرئيسية

أزمنة الكتابة .. أحمد علي هلال

Midline-News | الوسط…

.

 من السهل لنا أن نقول أن لكل كتابة زمنها، والأكثر سهولة تواتر القول أن أزمنة الكتابة هي التي تشي بشغف كينونتنا لانتزاع بقاء فوق بقاء، ولكن من الصعوبة بمكان ألا نرى أن مفهوم الأزمنة ذاته هو مفهوم مفتوح على جدلية الكتابة، إذ ما من كتابة لذاتها ذلك قسر للدلالة واختزال لممكناتها..
الأدل هنا ألا تفيض –الكتابة- بمتعاليات زمن أو سواه إلا لتشكل مرايا له ربما كان ذلك درس الشعر، بل درس الإبداع برمته. ما معنى إذن أن تذهب لقراءة كتاب في بيتك، لكن قبل أن تصل تحتاج لأضعاف الوقت للوصول، وذلك خارج زمن القراءة، وعليك أن تصل قبل أن يحل الظلام وتُبقي على شمعة الروح فحسب.
فهل ذلك محض فصام تقودنا إليه أيامنا الهاربة من التقويم، والتي لا تشبه بعضها بعضاً؟. .. في الطريق إلى القراءة ستقرأ خارج نصوص تغالب تجنيسها، ستقرأ زمناً هارباً بالكاد تعثر عليه يمر من أمامك ومن حولك، كخيال يتقطّر واقعاً، بما يكفي وبفائض متعالياته التي تزدحم بها نصوص الحياة.
ليس للعشاق إلا أن يعثروا على وردتهم في الطريق إلى مجازات عشقهم، التي تتدثر بالخيال الأثير، فالعشق فكرة وصيرورة، كلمة السر الذي تبحث عنه الروايات والقصائد، لكن الشعر ذاته بوصفه المعطف الذي خرجت منه نصوص ونصوص، مازال معلقاً يروم من يرتديه ولو للحظات ومن ترتديه سوى الروح الطليقة.

في كل الأزمنة يتساءل كتّاب يغذون الخطا في أرض الكلام بحثاً (عن شجر كثيف في الظلام)، عن جدوى الكتابة وعن خاصية الاحتفاظ بزمنها الخالص، لكن هذا الزمن مازال يتطير إلى أوهامه الجميلة وارتكاباته الضارية، ولذلك ما من كتابة إلا ويكسوها النقص لأنها نزوع إلى الكمال، والزمن هنا مغزل حكايات لا تنته. فأزمنة الكتابة إذن هي أزمنة نناددها بالوجد لنهزم خذلانها فلا ترف الكلام الباذخ وجداً، ولا النسيان قليله أو كثيره، من يعلق أوهامه ليبدأ بذاكرة ملونة تقول : إن الإنسان هو محيط الدائرة في أزمنته المتعاقبة كلها.
.

*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى