رأي

الاقتصاد والانتخابات الأمريكية .. أميركا إلى أين ؟! .. محمود السريع ..

|| Midline-news || – الوسط …

 

بانتظار ما ستتمخض عنه الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم مما يتردد بأن احتمال فوز بايدن يبدو شبه مؤكد، وفقا لاستطلاعات الرأي، يتردد أيضا أنه يمكن أن تحدث مفاجأة تقلب التوقعات رأسا على عقب.

إلا أنه بمعزل عمن سيكون الفائز بالانتخابات يُطرح التساؤل التالي : أميركا إلى أين ؟.

وبينما يبدو التشاؤم أكبر في حال فوز ترامب، فإنه ليس قليلاً كذلك في حال فوز جو بايدن ، وقد أشار أحد المحللين المتابعين للشأن الأميركي عموماً وللرئيس دونالد ترامب خصوصاً, بأنه فيما يخص ترامب يصعب التكهن حول ما يمكن ان يصدر عنه من أفعال، فهو يعمل بصورة انفعالية أحياناً ويتصرف كأن لديه أجندة مدروسة جيداً أحياناً أخرى.

من المعروف أن الولايات المتحدة فرضت هيمنتها على العالم منذ  1944, عندما دعا الرئيس الأمريكي روزفلت إلى عقد إجتماع قمة في بريتون وودز, شاركت فيه 44 دولة, للبحث في اتفاق حول نظام نقد دولي، يضمن حرية التجارة, وعدم فرض القيود على المعاملات الدولية, وإتباع سياسة نقدية وأسعار صرف ثابتة, وانتقال رؤوس الأموال بين الدول, وتسهيل التجارة العالمية، وأدى ذلك إلى تأسيس (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والأمم المتحدة،  والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة).

حصل هذا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الولايات المتحدة بأقل الأضرار، إن لم يكن بالفوائد الجمة، فقد فرض الرئيس روزفلت شروطاً على الدول مقابل الاستفادة من حرية الملاحة البحرية، وتبادل البضائع دون دفع العمولات، هذا يعني أن الولايات المتحدة كانت -كما يقال- تلعب دور “شرطي العالم”، فانتشرت القوات الأمريكية على امتداد الكرة الأرضية .

وربما تعزّز هذا الدور بالنسبة لمنطقتنا العربية بعد حرب اكتوبر -تشرين- 1973 حين وجدت الولايات المتحدة نفسها للمرة الأولى، ربما، أمام موقف عربي موحد، تجلى فيما تجلى، بقرار المقاطعة العربية، ووقف تزويدها بالنفط.

أدركت الولايات المتحدة أن لعب دور الشرطي ليس بلا ثمن، لذلك يبدو الحديث عن التخلي عن هذا الدور معقولاً سواء لبروز قوى عالمية مستعدة لمواجهتها، أو لانتفاء حاجتها إلى الاستيلاء على ثروات الدول الأخرى كالنفط العربي على سبيل المثال، فقد أدى تطور صناعة الصخر الزيتي فيها إلى تحولها عام 2015 من دولة مستوردة إلى مصدرة للنفط، (تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في العالم في قطاع النفط الصخري، حيث بلغت احتياطياتها 3706 مليارات برميل أي 77% من الاحتياطيات العالمية).

سعى الرئيس ترامب الذي رفع شعار /AMERICA FIRST/ إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقات وإعادة النظر في التحالفات القائمة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فأجبر المكسيك وكندا على توقيع اتفاقية التجارة /USMCA/ في حزيران /2020/ وفرض اتفاقات جديدة على اليابان وكوريا الجنوبية فيما يتعلق بالضرائب والجمارك، كذلك الأمر مع البريطانيين والأوروبيين عموما, ما أدى الى ازدياد النمو حيث تم في شباط 2020 تسجيل أدنى مستوى للبطالة منذ خمسين سنة .

إذا كان هذا، بالنسبة لهذه الدول المنضوية تحت جناحي الولايات المتحدة، فإنه أكثر قسوة تجاه الدول الأخرى ولاسيما، الصين التي لم تستجب تماما لطلباته وشروطه، فيما يخص النشاطات التجارية، وازداد الوضع سوءاً مع انتشار فيروس كورونا.

لكن العمل للحد من قوة الصين لم يبدأ مع ترامب، بل إن عملية استعادة المصانع الأمريكية بدأت في التسعينيات وتسارعت عام /2000/ وأدت حسبما قيل إلى اخراج كثير من المصانع من الصين بتكلفة متدنية، وبالتالي تقوية الاقتصاد الأميركي.

كانت الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تستورد 95% من المضادات الحيوية، من الصين والهند لذلك سعى الأمريكيون, سواء كانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، لإلحاق الضرر بالصين. ويبدو اليوم أن هناك خططاً أمريكية، هدفها الصين وغيرها.

ففيما يخص الصين، يجري العمل على تحريض الدول كي تطالب الصين بدفع المليارات, كتعويض، عما يصفونه بعدم توخي الحذر وعدم الکشف عن الحقيقة فیما یتعلق بجائحة كورونا، وما تسببت به من  أضرار نتيجة بيع العتاد الطبي غير الصالح في ذروة الوباء.

وهنا یلوحون بانه إذا امتنعت الصين عن دفع التعويضات، ستقوم الولايات المتحدة، بوضع یدها علی 1,2 تريليون دولار من سندات الدين التي یملکها الصينيون، لدفع التعويضات، ويمكن أن تكون هناك خطط لإثارة الخلافات الداخلية في الصين.

ماسبق، سيساعد على خروج الولايات المتحدة من حالة الركود. فقد سجل الاقتصاد الأمريكي انكماشاً بمعدل سنوي نسبته 33٪ في الربع الثاني من العام 2020 فيما وصف، بالأسوأ على الإطلاق.

لا فرق بين ترامب وبايدن، لأن حزبيهما متفقان، لتحقيق خطة إنقاذ الاقتصاد التي حولت 2,2 تريليون دولار ، لإعداد البنى التحتية لاستيعاب المعامل المستعادة.

*صحافي سوري – طهران 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى