العناوين الرئيسيةحرف و لون

هدية دافئة .. هيام جابر

لوحة : مفيدة الديوب

|| Midline-news || – الوسط …
.

 

بينما أنا مستغرقة بأفكاري.. أراقب الثلج من نافذة قريبة، رن جوالي، فإذ به اابني العائد من جامعته مبكرا بسبب ظروف الطقس.
انحلت إحدى مشاكلي، حيث سيقوم بمهمة ايصالي إلى البيت. ما إن وصلت حتي عاود جوالي الرنين.. كان المتصل قريبي الذي استغربت اتصاله لعدم الاعتياد عليه.
السلام وعليكم .. وعليكم السلام. قال: أحببت أن اطمئن عليك. شكرته، وقلبي يعلو وينخفض، منتظرة أن يصل إلى سبب اتصاله الغريب! أطال في السلام دون الوصول لمعرفة غايته من اتصاله المباغت! حاولت مجاراته بالسؤال عن الطقس، فأنا على دراية أنه يسكن في قرية جبلية، تتوزع بيوتها بين جبال ووهاد وأودية. فهي باردة في عز الصيف.. فكيف بها والثلوج اجتاحت حتى مدينة تدمر الصحراوية التي تحد مدينتي من الشرق. أجاب -وكما هو متوقع- إنها عاصفة شاملة نادرا ما تمر بهذه العنجهية. ضحكت قائلة: وهل الطرقات لديكم مقطوعة؟ نعم وأنتم؟
أجبت مسترسلة: الطرق مقطوعة، والغاز مقطوع، والبنزين وووو.  وكان شأنا عاما  ومدعاة للتندر. فوجئت حين قال: غير معقول.. لم لا تقولين؟ مازحته: ها أنا قلت. قال: أيلزمك شيء آخر؟ قلت، وأنا اشعر أنه -ربما- يمثل على دور المارد السحري: لا لا .. يكفي أسطوانة غاز، وعبوة مازوت. أصر أن أطلب ما ينقصني  اكتفيت وبذهني انه يتمادى بمزاحه. قال: أ ين أنتِ؟ أجبته أنني في بيتي. فقال: حسنا كوني بالانتظار! خلال ساعة لا أكثر سأرسل لك ما طلبت.
ببساطة ودون أن أصدق النكتة قلت: أنتظرك.
ابني الذي تفاجأ بالكلام الذي سمع مقتطفات منه قهقه ضاحكا: مقلب ظريف يا أمي. فأجبته بأنني  لن أخسر شيئا.. سأكون على الموعد.
أخذت الأحلام تحلق بي.. تخيلت نفسي وأنا أحصل بسهولة على ما كان مستحيلا في الصباح. تخيلت أهلي وجيراني وحسدهم لأنني أملك ما يكاد يكون “المستحيل”. تخيلت نفسي وأنا مسترخية لا هاجس لدي.. فأنا أملك وسائل لا يملكها غيري! سرعان ما عدت أقول لنفسي لكن الطرق مقطوعة بين شوارع المدينة.. فكيف بين القرية والمدينة؟ وكيف قال بعد ساعة والطريق سيكون أبعد في هذا الجو؟ وها هي الاتصالات أيضا تتقطع إلا لماما.
اقترب الوقت المتفق عليه. خرجت لشرفة البيت.. دون جدوى. دخلت ثم خرجت… إلى أن استسلمت انه مقلب، فقد كنت أنتظر شابا أسمر البشرة طويل القامة له عينا عائلتي، لكن عبث!
بعد قليل قلت لأجرب للمرة الأخيرة وانزل الشارع. هناك وجدت نفسي بمواجهة رجل لا أعرفه يحاول جاهدا التكلم على هاتفه، وصدفة سمعت اسمي أثناء كلامه. قلت: من أنت؟ قال: رسول من قِبل قريبك.وهذه الأغراض أرسلها لك. لم يكن هناك مجال لسؤاله حينها لماذا لم يأت قريبي بنفسه. فقد أدركت من السيارة التي ركبها أنها سيارة أجرة وأن ما أخذته قد اشتراه من مكان قريب. شكرته ومضى.
قدم نحوي بعض المارة ليستفسروا عن كيفية حصولي على هذه الدرر النادرة.. كان ذهني مشتت بين الفرحة والدهشة والفخر.. لا أعرف بماذا أجبتهم من كلمات عابرة غير مترابطة. وعندما التقطت انفاسي اتصلت به لأشكره واسأل عن الثمن، واضعة يدي على قلبي خشية أن يكون المبلغ -كما خمنت- كبيراً. بصعوبة سمعته يقول وصل ثمنهم. ألححت عليه.. ممن وكيف؟ أجاب: أساساً اتصلت بكِ لأن أخاك الشهيد زارني في الرؤيا وطلب أن أتفقد أحوالك.

.

*كاتبة وقاصة من سورية

*(اللوحة للفنانة التشكيلية مفيدة الديوب- سورية)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى