/4/ شركات تهيمن على تجارة الحبوب في العالم

حققت أربع شركات كبرى تهيمن على تجارة الحبوب في العالم أرباحاً استثنائية منذ 2021 بفضل فورة الأسعار وهي متهمة بالافتقار إلى الشفافية في ظل الأزمة الغذائية.
وبلغت أسعار الحبوب كالقمح والذرة والزيوت النباتية مستويات قياسية في أيار (مايو) 2022 في أسواق عمتها البلبلة نتيجة تفشي وباء كوفيد ثم الحرب في أوكرانيا وإن تدنت منذ ذلك الحين إلا أنها تبقى مرتفعة بمستويات تاريخية.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في الأمن الغذائي في جامعة واترلو في كندا “جينيفر كلاب” أن شركات آرتشر دانيالز ميدلاند (إيه دي إم) وبانج وكارجيل ولويس دريفوس المعروفة بالأحرف الأولى من أسمائها “إيه بي سي دي” تسيطر على “70 إلى 90% من تجارة الحبوب في العالم.
وتوضح الأرقام أن الشركة الأمريكية العملاقة كارجيل كبرى شركات التجارة بالمواد الغذائية في العالم حققت أفضل نتائجها منذ 157 عاماً بحسب وكالة “بلومبيرغ” فجنت 6.68 مليار دولار من الأرباح الصافية بزيادة 35% في ختام سنتها المالية 2021 – 2022 التي انتهت في 31 مايو (أيار).
كذلك كان 2022 استثنائيا لشركة “إيه دي إم” الأمريكية التي حققت أرباحا صافية قياسية وصلت إلى 4.34 مليار دولار بزيادة 60 %.
وأعلنت المنظمة غير الحكومية السويسرية “بابليك آي” Public Eye في منتصف كانون الثاني (يناير) أن في وقت يواجه الأمن الغذائي وأمن الطاقة لملايين الأشخاص تهديداً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية، يحقق التجار أرباحا قياسية.
وقالت جينيفر كلاب: إن كانت (الشركات) اشترت كميات من القمح في يناير 2022 تسليم بعد ثلاثة أشهر قبل أن ترتفع الأسعار بسبب الحرب فهي تمكنت من بيعها لاحقا بسعر أعلى بكثير.
ولم يتراجع الطلب على الحبوب منذ ذلك الحين وقال جريج هيكمان رئيس مجلس إدارة شركة “بانج” في شباط (فبراير): نبقى في موقع جيد للاستفادة من فرص الارتفاع التي تنتظرنا.
وأشارت كارجيل إلى أن الشركة ليست من يحدد أسعار المواد الغذائية نافية في تصريح أن تكون استفادت من الأزمة بل أكدت أنها أسهمت في استقرار النظام الغذائي العالمي بدفع مساعدات بقيمة تقارب 162 مليون دولار لمنظمات إنسانية.
وتشير الشركات الأربع كذلك إلى الارتفاع الكبير في تكاليفها من أسعار الأسمدة الأزوتية إلى النقل البحري مروراً بالمحروقات.
فهذه الشركات الأربع غير المعروفة كثيراً من الجمهور العريض لا تكتفي بلعب دور الوسيط بل أوضحت إيه دي إم أن أنشطتها تمتد من دالاس إلى دلهي إذ تملك أراضي وتؤمن بذورا وأسمدة للمزارعين وتشتري محاصيلهم من الحبوب ثم تنقلها في سفن وتخزنها وتعيد بيعها.
ولفتت جينيفر كلاب إلى أنها تملك بالتالي “امتيازا في الوصول إلى المعلومات” حول المحاصيل وحاجات العالم إلى الحبوب ما يمنحها موقعا مهيمنا.
وقال بات موني مؤسس منظمة “إي تي سي” غير الحكومية الكندية وخبير عمليات التركيز في الصناعات الغذائية “من المستحيل القول لن أتعامل مع كارجيل أو إيه دي إم”.
ولم تشأ “إيه دي إم” ولويس دريفوس وبانج التعليق رداً على أسئلة وسائل الإعلام في وقت رأى فيه بات موني أن “شركات إيه بي سي دي لم تقم بمهمتها الأساسية وهي ضمان وصول الطعام إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه بسعر مستقر غير أن أرباحها الطائلة لم تواجه التنديد ذاته الذي واجهته الشركات النفطية الكبرى بسبب أرباحها الطائلة.
ونبهت مجموعة الخبراء الدولية حول الأنظمة الغذائية المستدامة IPES-Food وبين أعضائها جينيفر كلاب وبات موني من أن فرض ضريبة خاصة تؤيدها منظمة أوكسفام الخيرية يمكن أن تصحح بعض الثغرات لكن مفعولها سيكون مؤقتاً.
وقال الخبراء في تقرير: إن الشركات الأربع الكبرى غير ملزمة بكشف ما تعرفه عن الأسواق العالمية بما في ذلك مخزونها هي نفسها من الحبوب.
ويشجع هذا الغموض برأيهم المضاربة وقد يشجع الشركات على تأخير عملياتها طالما لا يبدو أن الأسعار بلغت مستوى الذروة.
وقال بات موني: حان الوقت للمطالبة بتحليل دقيق للسلسلة الغذائية كيف يمكن تحسين نظام لا يعمل لمصلحة الذين يزرعون ولا الذين هم بحاجة إلى الغذاء؟ هذه ثالث أزمة غذائية في القرن (بعد 2008 و2011) والمشكلة ستطرح مجدداً.
وباتت الأسواق الزراعية الوسيط الذي لا بد منه لإتمام الصفقات بين المنتجين والمشترين فتسمح لهم بتحديد سعر مسبق لتفادي تقلبات قوية نتيجة الطابع الفصلي للمواسم.
وترسخ موقع الأسواق بدءا من 2000 مع وصول لاعبين ماليين جدد من بينهم صناديق التحوط ومع استحداث مجموعة من الأدوات المالية حول أسعار الحبوب.
ويتم تبادل هذه المنتجات المالية دون عمليات تسليم مادية للشحنات وهدفها تدارك مخاطر ارتفاع الأسعار أو انخفاضها إنما كذلك المضاربة لجني أرباح القيمة المضافة إذا نجحت المضاربة.
وأوضح أوليفييه لو شوفالييه المستشار في استراتيجية تغطية المخاطر أن هذه الأدوات قائلاً: غالباً ما تستخدم بما في ذلك من قبل الشركات وكبار تجار المنتجات الغذائية.
وعند السؤال عن الجهات التي تتدخل أكد كارلوس ميرا مدير البحوث حول الأسواق الزراعية في رابوبنك بصورة عامة تمتنع المصارف التجارية عن اتخاذ مواقف مضاربة مقراً في الوقت نفسه بأن مؤسسات مالية أخرى مثل صناديق التحوط ستنشط في بيع وشراء عقود آجلة على المواد الأولية لتحقيق أرباح.
ولاحظت منظمة CCFD-Terre Solidaire الفرنسية غير الحكومية وهي مرجعية في أوروبا انخفاضاً هائلاً في وزن الشركات التجارية لمصلحة لاعبين ماليين بين عامي 2020 و2022 كما أوضح فالنتين بروشار المسؤول في المنظمة.