روبيني: هناك /10/ تهديدات كبرى تواجه الاقتصاد العالمي

كشف نورييل روبيني المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون أن هناك /10/ تهديدات كبرى تواجه الاقتصاد العالمي من بينها الديون المتزايدة والقنبلة الديموغرافية الموقوتة ونهاية العولمة وخطر الذكاء الاصطناعي.
ونقلت صحيفة “التليغراف” عن روبيني قوله أن المملكة المتحدة تعاني أسوأ تضخم مصحوب بركود اقتصادي بين جميع الاقتصادات المتقدمة، وأن الركود مضمون، وحتى بنك إنجلترا يتوقع في الأقل خمسة أرباع الانكماش وأن الركود المقبل سيكون أقل من التراجع الذي حدث في الثمانينيات أو عام 2008 خلال الأزمة المالية، إذ انتهى الاقتصاد العالمي بنسبة 2% نتيجة لذلك، مقارنة بـ 6% أعقاب الانهيار المالي.
ولفت روبيني إلى أن التدهور الاقتصادي لن يكون إلا قصيراً وسطحياً وقال: إن الاقتصاد البريطاني قد استغرق /5/ سنوات للعودة إلى حجمه الذي كان عليه قبل الأزمة المالية لعام 2008، مشيراً إلى أنه بعد ما يقرب من /3/ سنوات من انتشار الوباء، كانت المملكة المتحدة هي الاقتصاد الوحيد لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى الذي لم يعد بعد إلى مستويات ما قبل الجائحة، لافتاً إلى أنه ومع اقتراب الركود تتجه بريطانيا نحو عقد ضائع من النمو.
على هذا الصعيد يقر صانعو السياسة في البنوك بأن الأسعار ستواصل ارتفاعها بمعدل سنوي يزيد على 5% حتى نهاية العام المقبل في الأقل، فيما يصر محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي على أنه لا يوجد شرط أو تحفظات لإعادة التضخم إلى اثنين في المئة، وصف روبيني ذلك بأنه “مهمة مستحيلة”.
أدوات خفض التضخم
وبحسب روبيني فإن مستويات الديون المرتفعة ستجعل البنوك المركزية عاجزة عن رفع أسعار الفائدة من دون التسبب في أزمة مالية رغم أنه قد يكون لديها الأدوات اللازمة لخفض التضخم، ويرى أن البنوك المركزية لا تتمتع بالصدقية عندما تقول إنها ستحارب التضخم بأي ثمن، فإذا كنت ترغب في رفع أسعار الفائدة بما يكفي لإعادة التضخم إلى 2%؛ فعليك أن تسبب ركوداً وبالنسبة إلى كثيرين فإن الشعار اليوم بأنه سيكون هناك ركود قصير وضحل هو هراء على العكس سيكون قاسياً للغاية وطويل الأمد.
وكان الاقتراض قد شهد تضخماً خلال الوباء إذ دعمت الحكومات الأجور بشكل جماعي أثناء الإغلاق في حين تبلغ مستويات الدين العالمي حالياً /240/ تريليون جنيه استرليني (290 تريليون دولار).
وقال معهد التمويل الدولي إن ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطيرة في كلف خدمة الدين، كما نما الدين العام بالمملكة المتحدة من 40% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2006 إلى ما يقرب من 100%اليوم، وفي الولايات المتحدة قفز من 65 إلى 140% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن الوباء أجبر كثيرين على الادخار لكن ديون الأسر ظلت أيضاً عند مستويات مرتفعة، عند 133.9% من الدخل المتاح للأسر، وهذا ليس بعيداً جداً من ذروة 155.6% قبل انهيار بنك “ليمان براذرز”.
وأوضح روبيني أن هناك قدراً كبيراً من الدين العام والخاص في النظام لدرجة أنه إذا قمت بزيادة أسعار الفائدة لمحاربة التضخم، فإنه لا يتسبب فقط في ركود، لكنه يتسبب أيضاً في انهيار مالي مضيفاً أن أسعار الفائدة المرتفعة في المملكة المتحدة تسببت بالفعل في حدوث هزات مالية، في حين أدت القفزة المفاجئة بكلف الاقتراض التي أثارتها الميزانية المصغرة للمستشار السابق كواسي كوارتنغ إلى ركوع عديد من صناديق المعاشات التقاعدية، مما أجبر بنك إنجلترا على التدخل وشراء الديون الحكومية.
انتزاع ورقة التين
وحذر روبيني من أن المملكة المتحدة ستنتهي – في أعقاب الميزانية المصغرة- بالتوسل لصندوق النقد الدولي من أجل الإنقاذ منوها بتراجع هذا التوقع لكنه أصر على أن أفضل ما يمكن أن تأمله بريطانيا هو نمو متوسط موضحاً أن صانعي السياسة “أطلقوا النار على أنفسهم مع الخروج من الاتحاد الأوروبي“.
وقال: على البنوك المركزية أن ترمش وتقبل تضخماً أعلى، إذا لم تكن على استعداد لزيادة الضرائب أو خفض الإنفاق، من أجل تقليل الديون والعجز، فإن الطريق الأقل مقاومة هو الدخول في نوبة تضخم غير متوقع، لأن التضخم يقلل من القيمة الحقيقية للديون ذات الفائدة الثابتة”.
وتساعد “ضريبة التضخم” هذه على تقليص كومة ديون بريطانيا بالنسبة إلى حجم الاقتصاد، لكنها تعني أيضاً ارتفاع الأسعار بشكل دائم.
ويعتقد روبيني أن معدلات التضخم ستستقر عند نحو 5% بالمستقبل المنظور، وأن “5% إلى 6% هو الوضع الطبيعي الجديد، إذا انتقل التضخم من اثنين إلى 6% يجب أن تكون عوائد الذهب في الأقل 8% ومعدلات الرهن العقاري بين 10 و12%” مما سيؤدي على حد قوله إلى إلحاق ضرر دائم بصدقية البنك المركزي لافتاً إلى أن البلدان مدمنة الديون الرخيصة لأن هذا هو ما يريده الناخبون وتحتاج الأسواق ذات الرافعة المالية إلى تجنب الانهيار
الصين والساحة العالمية
وفي إشارته إلى الصين لفت روبيني إلى أنها إنها بدأت تغلق نفسها حتى قبل الوباء، وأنها تشعر الآن بمزيد من الانغلاق والجميع حذر وقال: إنه في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الصيني إحكام قبضته على ثاني أكبر اقتصاد عالمياً، فقد أصبحت بكين أكثر رأسمالية كما انفتحت لفترة، لكن في ظل حكم شي جين بينغ كان النموذج أكثر اعتماداً على الشركات المملوكة للدولة.
وبحسب روبيني هذا يضع الصين بوضع غير مؤات على الساحة العالمية، لكنه يتساءل إن كان قرار بكين بالابتعاد عن سياسة “صفر كورونا” الضارة سيحدث أي فرق وهو يعتقد أن الأوان قد فات، وأن نمو الإنتاجية أخذ بالانخفاض، لذا فإن تخفيف قيود كوفيد-19 لن يحدث فرقاً كبيراً، فهم في الصين عالقون مع نمو يتراوح بين 2و3%”.
البطالة التكنولوجية
وفي الحديث عن التكنولوجيا، يعتقد روبيني أن موجة جديدة من البطالة التكنولوجية في الطريق وأن الوقت قد حان عندما تفضل الشركات الآلات على الناس، ورأس المال على العمالة ويرى أن الأذكى والأفضل سيستمرون في النجاح لكن الغالبية ستتخلف عن الركب.
وقال: اليوم في الولايات المتحدة على سبيل المثال، هناك فئة كاملة من الناس من الفقراء والمهارة والعاطلين عن العمل واليائسين والعاجزين، إنهم يجمعون بالفعل شيكاً اجتماعياً، وماذا يفعلون؟ يلعبون ألعاب الفيديو، يعيشون في الواقع الافتراضي”.
وأضاف: مليونان منهم في الولايات المتحدة يدمنون المواد الأفيونية، ويموت 5% منهم كل عام ليس لديهم أصدقاء، ويعيشون على الإنترنت، ويطلق عليهم اسم “إنسلز” (العزوبية غير الطوعية)، لأنهم عازبون خارج إرادتهم، وهم غاضبون من النساء.
رغم كل الكآبة يصف روبيني نفسه (64سنة) بأنه شخص سعيد رغم أنه لم يذهب إلى حد القول أنه متفائل وهو يصر على قول: “أنا لست دكتور دوم، أنا الدكتور الواقعي”، وسبق له أن حصل على اللقب لنظرته القاتمة للعالم المالي بعد توقعه الصحيح للأزمة المالية عام 2008.
المصدر: إندبندنت عربية- وكالات