العناوين الرئيسيةالوسط الفني
يجد المتعة في المسرح.. حسين عباس: أُتهِمت بالجنون لأنني فضلت مسرحية “التباس” على عمل تلفزيوني
بالحب والإصرار نذلل كل العقبات ونسعد الجمهور

|| Midline-news || – الوسط …
.
إعداد وحوار: روعة يونس
في هذا الحوار، لا نحاور حسين عباس! فنحن أمام 35 عاماً من الشغف بالمسرح والاشتغال فيه والتضحية لأجله والاستمتاع بتقديم العروض للجمهور. نحن أمام تاريخ يمشي على قدمين فوق خشبة المسرح. وقد مشى النجم حسين عباس حقاً وقصد دمشق ليعرض على خشبة مسرح الحمراء مسرحية “التباس” التي يستمر عرضها ليومين آخرين.
لكن، والحق يقال، لم يقتصر الحوار على المسرح وشؤونه وشجونه. لأن الفنان الجميل ومدير المسرح القومي في اللاذقية حسين عباس، لم يبخل بالحديث عن مختلف المواضيع والهموم والأحوال في الفن والحياة عموماً.
ولأن الصحافي لا يتخلى عن بعض غرور! اعتقدت واهمة أنني سأحرجه إن ألقيت إليه سؤالاً عن ندرة طلبه للعمل في الدراما التلفزيونية. فسدد كرة الإجابة وسجل هدفاً بضحكة قوية، قائلاً: أرفض التلفزيون غالباً ولا أحبه لأن خياري المسرح.
بطولة الجمهور
نورتم دمشق، وشغلتم الناس بعروض “التباس”. بداية كيف سارت عروض المسرحية في اللاذقية؟ وما الذي تأملونه من عرضها في دمشق؟
- منورة بوجودكم.. شغلنا الناس بعرض “التباس” وبعنوانه أيضاً الذي عمل “التباس”. وحقيقة فإن البطل الحقيقي في الأعمال المسرحية هو جمهور اللاذقية، لدرجة أننا نمشي في الشارع فلا يقال هذا ممثل وهذه ممثلة، بل نحن نقول هذا يحضر مسرح وهذه تحضر مسرح، جمهور رائع متعطش للمسرح ومتذوق للفن. أوجه لهم التحية لأنهم واكبوا عروضنا على مدار اسبوعين، وكانت الصالة ممتلئة عن آخرها حتى اليوم الأخير.
ودعيني أشكر “مديرية المسارح والموسيقى” ممثلة بالأستاذ عماد جلول لأنه أتاح الفرصة لنا أن نعرض في دمشق، وهذه ليست أول مرة. ففي الأعوام الأخيرة تم تبادل ثقافي، بمعنى قمنا بعروض قيمة وهامة لعدة مسرحيات في دمشق “أوبرا الشحاتين” ومسرحية “تحية” في يوم المسرح العالمي. كما أن هناك عدة فرق من اللاذقية قدمت عروضاً في دمشق. وكذلك استضفنا في اللاذقية عروض للمديرية. ووجودنا في دمشق لعرض “التباس” يشكّل فرصة جميلة لنلتقي بجمهور جديد محب للمسرح، نأمل أن تعجبه المسرحية ويستمتع بها.
تقع نصوص داريو فو غالباً بين كفتي ميزان: الغضب، الاحتجاج، التمرد. والسخرية، الوخز، التهكم. أي كفتي الميزان كانت أسبابكم لتقديم النص مسرحياً؟
- نحن كمجموعة في المسرح نعمل مع بعضنا منذ سنوات، ومن بين عشرات النصوص نختار نصاً نقدمه للمسرح القومي ونقدم معه فائدة ورسالة والأهم المتعة، أي نستمتع في تقديمه على الخشبة، فأنا لا أعمل في المسرح إلاّ للمتعة. وهكذا وقع الخيار على نص داريو فو “التباس” لأننا بمجرد أن شعرنا بأنه قريب منا، أدركنا أنه بالتالي سيكون قريباً من الناس. وكما قلتِ هو يتسم بالسخرية والتهكم من بعض الناس! تحديداً الناس الذين يعيشون حياتهم دون قيم ولا أي وازع أخلاقي أو اعتبار للآخرين أو أي قيمة أو فضيلة حياتية.
وخلال العام نقدم عملاً مسرحياً يتبع لمدرسة فنية أو لون من المسرح، فنحاول في العمل المسرحي التالي أن ننوع ونطرق مدرسة أو لون آخر. وبالفعل فإن عرض “التباس” ممتع ولا فذلكة فنية به ولا استعراض للغة، نقلناه إلى خشبة المسرح بلهجة بيضاء لكننا حافظنا على النص بالكامل، ليحصل بالتالي المشاهد على المتعة.
أعمال تشبهنا
لنعد إلى البدايات.. كي أقطف سؤالاً: هل وظّفت موهبتك في التصوير منذ المراهقة، في نقل ملامح وشخصيات ومضامين الناس إلى المسرح؟
- لدي بحر من الإجابة هنا. لكنني سأقول: إن أي ممثل لا بد أن يكون لديه في طفولته ومراهقته وشبابه؛ الكثير من القصص الحياتية والصور والذكريات والحالات والشخوص، يخزّنها في وجدانه، تظهر فيما بعد مع تقديم الشخصيات والأدوار. لذا بالتأكيد وظفت إمكانياتي وكل ما بذاكرتي من صور وملامح لأوجاع الناس وأحوالهم وحياتهم، بغض النظر عن الطريقة التي أنقلها سواء كوميديا أو دراما أو تراجيديا، لكن في كل الطرق كانت تشبهني وتشبهك وتشبهه وتشبه الناس وتلتحم بهم.
رضا تام
قضيت عمراً من حياتك على خشبة المسرح، وفي لحظة تأمل ومخاطبة للذات، هل تعبّر عن ندمك أم رضاك على هذا الخيار؟
- أنا الآن تجاوزت الـ 50 من عمري، قضيت في المسرح حوالي35 عاماً، وراض جداً على خياري ولا أندم أبداً. وثمة أمر قد يستهجنه البعض أو يعتبرونه مثالي، وهو أنني في ظروف الحرب والطاقات السلبية والآثار التي تتركها في النفس، أرى في المسرح نجاة وحياة ممتعة وتفريغ لتلك الطاقة السلبية، لذلك أعمل بكل حب وشغف واندفاع، وهو أمر يرضيني وأرى أنني محظوظ لأنني ممثل أحب المسرح وأصعد على خشبته.
جنون جميل
لماذا على الممثل المسرحي أن يدفع ضريبة عشقه للمسرح، ولا يُطلب كثيراً للدراما التلفزيونية حتى لو كان مثلك نجماً؟
- (يردد سؤالي ويضحك) سأخبرك شيئاً: خلال عملي على مسرحية “التباس” اتصل بي أحد الأشخاص لعمل تلفزيوني. فاعتذرت، وقلت له أنا أعدّ لمسرحية. فقال لي: مسرحية؟ أنت مجنون؟ ترفض عمل تلفزيوني؟ أجبته: فليكن أنا مجنون لكنني راض ومقتنع. لذا لا يعنيني أن يطلبوني أو لا يطلبوني إلى عمل تلفزيوني. وسواء كانت هناك ضريبة أو لم تكن، أنا سعيد وأعمل بمزاجية عالية.
لا أحب التلفزيون!”
كيف لنجم مسرح يمتلك كل الأدوات الفنية وبمعايير أهم وأعلى من الممثل التلفزيوني، ويقول في حوار له “لا أحب التلفزيون”؟
- نعم لا أحب التلفزيون. قلتها في برنامج “بيت القصيد” مع الأستاذ زاهي وهبي. وقالوا لي هل نبقي على هذا القول؟ فقلت نعم. أنا لا أحب التلفزيون. وأوضح لكِ بصراحة، التلفزيون يعني لي “المال” ولئلا أعمم أقول انني أعمل بعض الأعمال التلفزيونية التي أرى أنها تشبه المسرح، ومع مخرجين يتركون لي مساحة كي أعبر عن روحي وهويتي. وثمة مخرجين أستمتع بالعمل معهم. لكن أحياناً نعم أعمل دون قناعة كلية للحصول على المال.
اختلاف أدوات الممثل
إذاً، كيف تحقق لك أن تكون نجماً كوميدياً في “ضيعة ضايعة” و”الواق واق” وغيرهما؟ هل حملت روح الممثل المسرحي إلى التلفزيون؟
- روح الممثل المسرحي حملتها إلى التلفزيون هذا صحيح. وأيضاً غير صحيح. فصحيح أنني كروح إنسانية لدي مجموعة من المشاعر والهموم والأفكار التي أعبر عنها. لكن أدواتي كمثل في المسرح تختلف عن أدواتي كممثل في التلفزيون. بل أنا أراهما مهنتين مختلفتين! فأدوات الممثل التلفزيوني وروحه تختلف حين يتعامل مع آلة –كاميرا جامدة. بينما في المسرح يتعامل الممثل المسرحي مع الناس، أمامهم مباشرة.

حركة رائعة
كيف ترى حركة المسرح القومي في اللاذقية، وأنت مديره؟ هل تمكنت من إنجاز خطتك لمواسمه وبرنامجك لتسيير عجلته؟
- حقيقة، وبشهادة كل المسارح القومية وشهادة “مديرية المسارح والموسيقى” إنها حركة رائعة، لأن قومي اللاذقية من أهم وأكثر المسارح التي تعمل وتقدم أعمال طيلة العام. نضع خطة وبرنامج نعمل عليه وننفذه بشكل كامل. بل دائماً هناك المزيد من الأنشطة وما يربو عن البرنامج المسبق. مثلاً ثمة فعاليات فنية و”أماسي موسيقية” أقمناها لصالح المديرية، لعدة فرق متفاوتة في الفئات العمرية والألوان الموسيقية. بالإضافة إلى المهرجان السنوي لفرع “نقابة الفنانين” الذي تدعمه “وزارة الثقافة” مشكورة و”مديرية المسارح والموسيقى” ممثلة بالأستاذ عماد جلول مشكوراً الذي لا يتوانى عن تقديم كافة التسهيلات والدعم.
لذا نحن نجد “نقابة الفنانين” تتوائم مع “مديرية المسارح” في أغلب نشاطاتها وهذا أمر مهم جداً ويخدم الحركة الفنية والثقافية في المحافظة.
مواجهة بحب وإصرار
المسرح كما معظم المؤسسات، قد يصطدم بمعوقات تحول دون أن يحقق مديره طموحاته وتطلعاته؟ هل هناك عراقيل ما تصادف عملكم؟
- من المؤكد أن هناك ثمة معوقات تصادف المسرح، لكننا نحاول أن لا تحول دون تحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا. ثمة صعوبات أحياناً قد تكون مادية أو معنوية أو غير ذلك، نعمل على حلها وتجاوزها، فمن يحب أن يعمل يواجه بمحبة وإصرار يبددان العراقيل في سبيل أن يقدم للجمهور ما يسعده ويمتعه. فضلاً عن تفهم “مديرية المسارح والموسيقى” لظروف المسارح القومية في المحافظات. وهو تفهم داعم وكامل يمحو أي معوقات قد تصادف أي فرقة. حتى أن المديرية من خلال فرق “منح دعم الشباب” تعطي الفرص لغير الخريجين والموجودين داخل المسرح القومي. فهذه السنة –مثلاً- كان هناك عملان لدعم الشباب تم تقديمهما.
باتجاه قرطاج وجوائزه
ما هو جديدكم أستاذ حسين، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما؟
- فيما يخص المسرح ثمة جديد، لكنه لا زال في طور الإعداد، فلن أصرّح به. لكن بعد الانتهاء من العروض المسرحية، لدي تصوير بعض اللوحات في “ببساطة 2” مع المخرج تامر اسحاق. وثمة نصوص لأدوار تلفزيونية لا زلت اقرأ ولم أقرر بشأنها.
على صعيد السينما نحن مشاركون في فيلم “نجمة الصبح” في مهرجان “قرطاج السينمائي” ونأمل حين عرضه -لم يعرض بعد- في تونس، وفي سورية أن يعجب الجمهور. وهي المرة الثانية التي أشارك فيها في “قرطاج” بعد فيلم “مسافرو الحرب” الذي نال 4 جوائز مهمة. وكذلك شاركت في فيلم “درب السما” الذي نال بدوره 3 جوائز من مهرجان “الاسكندرية السينمائي”.