وفاة دونالد رامسفيلد ” مهندس تدمير وتقسيم العراق “ومؤسس سجن أبو غريب

|| Midline-news || – الوسط …
شهناز بيشاني :
توفي وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد عن عمر 88 عاما..
رحل رامسفيلد لكن أرواح مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء الذين قتلوا في العراق و أماكن أخرى من العالم بسبب السياسة التي سنها رامسفيلد للجيش الأمريكي. ستبقى تطارده للأزل ..وسيبقى ذكراه مؤبدا كواحد من مجرمي الحرب الذين ابتلت بهم الإنسانية .
و يعتبر رامسفيلد من أهم الأعضاء في ما يسمى بالصقور أو “المحافظون الجدد” وهو من المؤمنين بالإمبراطورية الأمريكية وباستخدام القوة لتحقيق الغايات، وهو من أطلق على أوروبا لقب القارة العجوز.
وحياة رامسفيلد مليئة بجرائم ضد الإنسانية حيث تسبب في قتل آلاف البشر خلال حرب أفغانستان وحرب العراق كما أمر بوضع السجون السرية الأوروبية والاعتقالات السرية، وتسبب باعتقال اعداد كبيرة من البشر واستخدام جميع أساليب التعذيب خلال الاستجواب
كما أسس أكبر معتقل بالعالم وهو معتقل خليج غوانتانامو الذي أمر باستخدام جميع أنواع أساليب التعذيب ومنها الاغتصاب واستخدم الكلاب، والضرب، والصعق بالكهرباء، والقتل خلال استجواب المعتقلين داخل المعتقل، وحرمان جميع المعتقلين من محاكمة عادلة.
ولن ننسى تأسيس رامسفيلد لسجن أبو غريب خلال غزو العراق، هذا السجن الذي استخدمت فيه جميع أنواع أساليب التعذيب بما فيها قتل المعتقلين العراقيين كما فضحت ذلك صحيفة نيويورك تايمز إذ قامت بتسريب عدد كبير من الصور داخل السجن ومع ذلك لم يقدم رامسفيلد إلى المحكمة أو المساءلة عن جرائمه.
و تتهمه جانيس كاربينسكي الضابط في سجن أبو غريب بأنها رأت بأمِ عينيها مذكرة موقعة من رامسفيلد حول استخدام وسائل الاستجواب القاسية ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب، ومهمشة من قبلهِ والتأكيد على الالتزام بالتنفيذ، حيث أكدت الوثيقة على اجبار المعتقلين بالوقوف لوقت طويل، ومنعهم من النوم وعدم تقديم وجبات الطعام لهم بشكل منتظم، واسماعهم موسيقى بصوت صاخب جداً، لإشعارهم بالانزعاج وعدم الراحة.

واطلقت وول ستريت جورنال على رامسفيلد اسم مهندس الغزوات الأمريكية لأفغانستان والعراق.
ونحن نستعرض مسيرة رامسفيلد الإجرامية لابد من التوقف عند كتاب (حروب القرن الحادي والعشرين) للكاتب الفرنسي اينياسيو رامونيه والذي تناول فيه الحرب على العراق.. حيث شكك بدقة المصطلح التي أطلقته واشنطن على حروبها وهو “محاربة الإرهاب”..
واعتبر الكاتب الفرنسي أن حجة الدعاية الأميركية ممتازة تحت شعار الموت في سبيل الديمقراطية غير أن “الواقع أقل سموا.. غزو النفط العراقي. كان الهدف الحقيقي الموجه ضد بغداد هو النفط ولم يكن الباقي سوى ذرائع زائفة.
ووصف رامونيه في كتابه “الصقور” المحيطين بالرئيس الأميركي في عملية غزو العراق بأنهم “الرباعي الجهنمي” وهم نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد والرجل الثاني في (وزارة الدفاع) البنتاجون بول وولفويتز ورئيس مجلس السياسة الدفاعية ريتشارد بيرل الملقب بإبليس.”
وقال إن هؤلاء الأربعة كانوا يشكلون مع مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس وإلى حد ما وزير الخارجية كولن باول آنذاك “الحكومة الحقيقية للحرب. هؤلاء الأشخاص خطرون… كانت المغامرة السياسية الكبرى الأولى لهذا الرباعي الجهنمي غزو بنما في ديسمبر (كانون الأول) 1989 دون تفويض من الأمم المتحدة ولا حتى من الكونجرس الأميركي” لإطاحة حاكمها الجنرال مانويل نورييغا.
وأضاف أنه بفضل الانتصار الذي تحقق في بنما أثبت الصقور أن الحرب “ليست خيارا ينطوي على مجازفة كبيرة بل طريقة ممكنة للإدارة الدبلوماسية.. وحصل الرجال القساة أو الأشرار الأربعة على ما كانوا يسعون إليه وهو ما تمثل في أن يعاد إلى القوات المسلحة الأميركية دورها كأداة لا مناص منها للسياسة الخارجية.
ومنذ ذلك الحين صارت القوة العسكرية العظمى للولايات المتحدة في خدمة مشروع للسيطرة الإمبراطورية على الكوكب.
واستعرض المؤلف بعض مظاهر الدمار الذي تعرضت له كثير من المدن في التاريخ منها “ما قيل عن نهب القسطنطينية عام 1204 على أيدي المحاربين الصليبيين” ونهب روما عام 1527 وتخريب بغداد عام 1258 على أيدي المغول بقيادة هولاكو وصولا إلى ما جرى بعد الغزو الأميركي للعراق 2003.
و أكد إن القوات الأميركية “سمحت بأعمال تخريب همجية بشعة الآثار أدت إلى دمار جانب كبير من دلائل كل أمجاد الماضي (العراقي)… نهب متاحف الآثار في بغداد والموصل وتكريت وإحراق المكتبة القومية ونهب أكثر من خمسة آلاف موقع أثري. آلاف من قطع متحف بغداد جرى تدميرها وأكثر من 75000 قطعة أثرية سرقت.”
وخلص رامونيه في كتابه إلى أن “المسؤول الحقيقي عن نهب بغداد هو دونالد رامسفيلد.”
هذه هو رامسفيلد الذي تلطخت يداه بدماء مئات الآلاف من العراقيين ، على رأس عصابة المحافظين الجدد،و مع ذلك رفض الاعتذار عن جرائمه بل أصر على أنه اتخذ القرار الصائب مثلما ورد في مذكراته .
وهنا لابد من الاستغراب والتساؤل عن هذا القرار الصائب و الإنجازات التي حققها رامسفيلد في حربه على العراق 2003؟!
إلا إذا اعتبرنا سقوط ما بين 150 ألف ونصف مليون قتيل عراقي ضحايا لهذه الحرب إنجازا .. بالإضافة إلى التسبب بالإعاقات للآلاف وترمل حوالي مليون امرأة وتيتيم أربعة ملايين طفل ومعاناة العراقيين المستمرة حتى الآن بسبب البنية التحتية المدمرة .
و الأنكى من ذلك أن أسباب الحرب على العراق ، وحمام الدماء هذا ، كانت مبنية على أكاذيب.. ومازالت حتى الآن تتراءى امام ناظري الصورة التي ترسخت في الذاكرة الجماعية: وهي صورة وزير الخارجية الأمريكية كولن باول في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي في الـ 5 من شباط /فبراير عام 2003..حيث شغل باول قبل ستة أسابيع على بدء الحرب آنذاك ، الرأي العالم لمدة 76 دقيقة من خلال خطاب ألقاه عن ضرورة شن حرب على العراق. وارتكز محتوى خطابه بالأساس على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وكيميائي ودعمه للإرهاب وسعيه إلى صنع أسلحة نووية.
ويفسر بقاء خطاب باول في الذاكرة هو أن كل هذه الادعاءات تبين فيما بعد أنها خاطئة. إذ وصف باول بنفسه هذا الخطاب في عام 2005 بأنه يعد وصمة عار في حياته المهنية.. فيما أكد راي ماكغوفرن، وهو من العاملين المخضرمين في مجال الاستخبارات، كما عمل لصالح وكالة المخابرات المركزية CIA لمدة 27 عاماً، أن المعلومات الاستخباراتية لم تكن خاطئة فحسب، وإنما كانت مزيفة أيضاً.
رامسفيلد أيضا كذب على مواطنيه، وقدم مبررات مفبركة لهذه الحرب، وتسبب في مقتل حوالى خمسة آلاف جندي امريكي، علاوة على إصابة ثلاثين الفاً آخرين بإعاقات مختلفة ، وكلف خزينة بلاده حوالي تريليون دولار يمكن ان ترتفع الى خمسة تريليونات، ومع ذلك لا يندم الا على حدوث تعذيب في سجن أبو غريب.
والمؤسف ان معظم المتورطين في حرب العراق ابتداء من جورج بوش الابن ..ومرورا بتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وانتهاء برامسفيلد يرفضون الاعتذار عن جرائمهم هذه، ويخفون الحقائق في مذكراتهم التي يجنون من ورائها المليارات. والسبب في ذلك انهم محصنون من الملاحقات القضائية.