رأي

وسام داؤد – تغريبة اللجوء .. لو يرجى لماض ٍ العيش ..

|| Midline-news || – الوسط  – خاص ..

في منتصف شهر رمضان الماضي ، وكان معدل حرارة الطقس نصف ماهو عليه اليوم مع هذه الموجة الجهنمية ، وبحكم طبيعة عملنا كإعلاميين ذهبنا إلى مخيمات اللجوء السوري في البقاع اللبناني ودخلنا إلى أحد المخيمات في بلدة مجدل عنجر ، حيث منعنا من الدخول بحجة أننا لم نحصل على موافقة الجيش والمخابرات اللبنانية ، طبعا رئيس بلدية مجدل عنجر ينتمي لتيار المستقبل رفض أن ندخل المخيم .

لم نيأس وتحولنا إلى مناطق أخرى لا تدخل تحت عباءة تيار المستقبل ، وكما قال لنا أحد اللاجئين إن التعامل معهم يتم حسب المنطقة والمنطق الطائفي والسياسي في لبنان . استطعنا الدخول إلى مخيمات أخرى بمساعدة إحدى العائلات اللبنانية التي تشرف على العشرات منها دخلنا المخيمات ورأينا مالم نكن نرغب برؤيته ،كبشر أولا وكسوريين ثانيا ، وسمعنا أيضا مالم نكن نرغب بسماعه من شظف العيش وقساوة الظرف مع سوء المعاملة التي وصلت حد الاستعباد في حالات كثيرة .

هناك في هذه المخيمات لا حياة ، إنه الموت في كل لحظة جوعا أو عطشا ، بردا أو قيظا ، فضلا عن الموت حنينا لماضي العيش في وطن سلب منهم مقابل كرتونة مساعدات ، هكذا عبرت إحدى اللاجئات ، بقايا خيم الأمم المتحدة والكثير من النايلون والحشرات والروائح النتنه ، قليل من العلم للأطفال أو في حدوده الدنيا مع رعاية صحية في أسوء حالاتها ودولارات أممية لاتكفي ثمن مياه شرب .

مناسبة هذا الحديث الذي مضى عليه قليل من الزمن هو مستجد هذا الملف في أحد مخيمات اللجوء في عرسال والحرائق ” البريئة ” للمخيمات في منطقة بر اللياس ، والجدل الدائر في الداخل اللبناني ، وبعض السوريين من أصحاب المهن الراقية على الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي ، وحديث السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي عن فتح قنوات تواصل مع الحكومة السورية لعودة لاجئين إلى المناطق التي حررها الجيش العربي السوري ، رغم الفيتو الحريري الجنبلاطي المزدوج .

هذه التطورات وما يتعرض له السوري من تحريض وعنصرية على الملأ ، نكأ الجرح النازف أصلا ، ودفعنا للقول :

  • أولاً : لن ندخل في الجدال الدائر حول سلوك الجيش اللبناني مع معتقلي مخيم عرسال بعد استهداف الجيش اللبنان بعبوات ناسفة أدت إلى إصابة بعض عناصره ، ولن نقيم العوارض الإنسانية الطارئة لبعض وسائل الإعلام والشخصيات اللبنانية على معتقلي عرسال ، رغم معرفة الجميع بوجود عناصر متطرفة تتبع لجبهة النصرة أو داعش في هذا المخيم ، وهو المثير للمشكل والقلاقل الأمنية في الداخل اللبناني منذ بداية الأزمة السورية . فكان حاضنة لمن يريد بسورية شراً وشماعة لمن يريد أن يحرض على السوريين في لبنان ووصمهم بالإرهاب .
  • ثانياً : الحرائق الحاصلة في مخيمات اللجوء والتي قد تتكر ر هي نتيجة طبيعية لواقع العيش في هذه المخيمات وللحصار الذي يتعرض له اللاجؤون السوريون ، هذا إذا افترضنا أن هذه الحرائق لم تكن بفعل فاعل ، وخصوصا أن الأمن العام اللبناني لم يوضح أسبابها .
  • ثالثاً : ما يجري على الإعلام والاستمرار بحملة التحريض والعنصرية في لبنان وبهذا الشكل الفاضح والفاقع يجعل ما حدث بين الفنان السوري أويس مخللاتي وأحد الضيوف في برنامج على إحدى القنوات اللبنانية ، ميشال أبو سليمان ، يأتي في سياقات الحملة المنظمة ضد السوريين في لبنان ،خصوصا إذا ما ربطناهها بممارسة بلدية بكفيا ومنع السوريين من الإقامة تحت سلطتها إلا بعد دفع رسم مقداره مئة ألف ليرة لبنانية كل ثلاثة أشهر . طبعا كل ذلك تحت حجة أن لبنان صغير لا يحتمل هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين وأن بنيته التحتية من كهرباء وماء ونظافة غير قادرة على تلبية الأعمال ، وكذلك لبنان الصغير غير قادر على استيعاب رأس المال الكبير الذي ضخه السوريون في الاقتصاد اللبناني ، الذي كان يعاني الركود والمدينوية العالية ،كل هذا عدا عن الأموال الضخمة التي وصلت لبنان من الأمم المتحدة للاجئين والذين لم يصلهم منه إلا القليل .
  • رابعاً : اندفاع عدد من السوريين المثقفين وأصحاب المهن الفكرية و القاطنين في المدن الكبيرة والمرتادين للمطاعم وكافيهات السياسية والأدب والمنتجعات السياحية ، عن تبرير العنصرية اللبنانية أو عدم الحديث عنها وتأجيجها بالخوف من زيادة عدد العنصريين في هذا البلد أو في سواه وعدم القدرة على دفع زيادة الفاتورة في العنصرية ، فلا أحد يضمن عدم مهاجمة العنصريين اللبنانيين الكثيرين منازل السوريين ومصالحهم في كل المدن اللبنانية ، وهذا فعلا يجب أخذه بعين الاعتبار إذا ماربطنا ذلك بحرائق المخيمات وعنترية ميشال أبو سليمان .

وأخيرا على الحكومة السورية أن تتحمل مسؤليتها الكاملة في إعادة السوريين إلى وطنهم تحت أي ظرف وعدم تركهم في الواقع المزري في لبنان ، كونه ينمي جيلا حاقدا على وطنه ويزيد من حالة الكره والعنصرية والتعالي اللبناني تجاه السوريين ، وهذا يشكل مؤشر خطر كبير جدا على دولتين مثل سورية ولبنان ، ويخلق بيئة وتربة خصبة لتغذية الخلافات بين البلدين ، كما يجعل من الحدود المشتركة خط توتر دائم .. نعم كان اللبنانيون عنصريون معنا إلى أبعد حد .

*صحفي سوري
الآراء المذكورة في المقالات لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع وإنما تعبّر عن رأي أصحابها حصراً

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى