وجبات تعبير دسمة.. مراد داغوم

وجبات تعبير دسمة.. مراد داغوم

وجبات تعبير دسمة..
يتضمن الألبوم هنا عشرة أعمال موسيقية بالغة الرقة، جمل لحنية عذبة في كل عمل، مع براعة ومهارة منقطعي النظير في التنفيذ عالي الجودة، من عازفين مشهود لهم بالبراعة والإمكانيات التعجيزية.
1- يؤكد هذا الألبوم أن “التعبير” هو عنصر هام لا يمكن إظهاره بدون مهارة العزف رفيعة المستوى، ويؤكد من خلال اجتهاد العازفين أن عناصر التنفيذ الأخرى مثل التركيز على القوة والضعف، والانسيابية .. إلى آخر كل إمكانات التعبير التي يتم أداؤها من خلال الـArticulation الخاص بكل آلة؛ أن هذه العناصر هي أكثر أهمية من عنصر الإبهار من خلال مجرد السرعة الخالية من أي تعبير.
2- يؤكد هذا الألبوم أن الهوية القومية للموسيقا (والفن عموماً) ترتبط أساساً بهوية الموسيقي الإنسان (أو الفنان عموماً) الذي يقدمها، وليس بالآلة التي غالباً هي خشب أو معدن أو جلود. في هذا الألبوم نحن أمام موسيقا تركية، شرقية. آلات الدعم والضغط في هذا الرباعي هي آلتان: الدرامز الذي يضم إلى جانب الطبول الغربية الحية العشرة آلاف الآلات الإيقاعية الأخرى من خلال جهازين للإيقاع الإليكتروني، مع آلة إيقاع شرقية وحيدة وهي الطار الكبير الذي خصَّه العازف بمنصب منفرد. وألة الدعم والضغط الثانية هي آلة غيتار الباص، الغربية بكل تفاصيلها. حتى آلة الكمان المنفرد هي آلة غربية. ، لا شرقي في هذا الرباعي سوى آلة القانون وهي بالتأكيد ليست تركية الأصل. ولكن من يقول أن هذه الموسيقا ليست تركية يجادل في أمور محسوسة.
3- يؤكد هذا الألبوم أن التعبير الجيد لا يكتمل بدون إكمال اللحن إلى بقية أصواته من جهة، ولا بدون إتقان الموسيقا النظرية الغربية المتعلقة بهذا الإكمال. تقوم آلة الكمان عنا بعزف اللحن الميلودي الأساسي بمرافقة القانون الذي يعزف أيضاً اللحن الأساسي ولكنه يرفقه بالإكمال المناسب من خلال عزف الكوردات أو الآربيجات. الكوردات والآربيجات هي علاملات موسيقية تضاف إلى اللحن الأساسي لإكماله إلى أصواته التامة. وعند الحاجة يقوم عازف غيتار الباص (ذو الأوتار الستة) بعزف الكورد الكامل على منطقة جواب الغيتار، لكنه يبدي براعة طيبة في لعب العلامات المتعددة للآربيج بأسلوب متفوق، وبالطبع توافقاً من القانون الذي يعزف الكوردات ذاتها باستخدام أصابع يديه كلها، وليس كالمعتاد من عازف القانون الذي يعزف بإصعين فقط.
4- استناداً إلى 3، يؤكد هذا الألبوم أن الموسيقا الشرقية تزداد جمالاً وتكتسب حيوية من خلال تطبيق قواعد الهارموني الغربية. المقام المسيطر على المعزوفات هو مقام الكورد، لكن علامات المقام الشرقي (البيات) تتسلل في بعض المعزوفات للتأكيد على شرقية الأعمال؛ أما المقطوعة الأخيرة فهي من مقام (البيات) بالكامل، وتتميز بتوضيح ربع الصوت بشكل جيد بمسايرة رائعة من كوردات الغيتار والقانون.
5- باستماعك إلى هذا الألبوم، ستتأكد من روعة التعبير من خلال تنفيذ الجمل على كل من القانون والكمان، بدون أن تضيع طبيعة الجملة اللحتية عبر “لعوصات” سريعة استعراضية لا ضرورة لها. أنت أمام أكبر عازف فانون في تركيا، آيتاتش الذي يقوم بحركات هزلية بوجهه وجسمه أثناء العزف لتحسبه مهرجاً، ولكنه يغطى ذلك بروعة إحساسه وبراعته في تحريك أنامله.سماعاً طيباً وممتعاً؛ أتمناه لكم مع هذا الكنز الجميل من التعبير المتفوق عن الأحاسيس، عبر آلتين متاقضتين في كثير من المعايير.