العناوين الرئيسيةمنوعات

هنا دمشق :أول كلمة بصوت يحيى الشهابي من الإذاعة السورية

 

عند الساعة السابعة من صباح 3 فبراير/شباط عام 1947 يتهيأ عدد من الفنيين في مبنى مستأجر متواضع يفتقر إلى التجهيزات الكاملة في شارع بغداد في العاصمة السورية دمشق بمعداتهم البسيطة، لينطلق صوت الأمير “يحيى الشهابي” الرخيم بعبارة “هنا دمشق .. إذاعة كل العرب”، مُعلنا عبرها انطلاق أثير إذاعة دمشق.

الثالث من شباط (فبراير) عام 1947، شاب أنيق في أواخر العشرينات يجلس خلف الميكروفون متأهّباً للإعلان عن أمر يبدو عظيماً. «هنا دمشق»، إذاعة الجمهورية العربية السورية، كانت العبارة السحرية التي صدح بها صوت المذيع الأول في سوريا الأمير يحيى الشهابي، معلناً بداية إرسال «إذاعة دمشق» رسمياً، ليكون أوّل صوت يسمعه السوريون عبر الراديو، وباتت هذه العبارة لازمة وعلامة مميزة رافقت الإذاعة السورية العريقة، التي تطفأ اليوم شمعتها الخامسة والسبعين.

و هكذا أصبحت إذاعة دمشق أول وسيلة إعلامية مسموعة، والمعجزة التي رافقت السوريين ولا يزال إرسالها مستمراً حتى اليوم، وتعد الإذاعة الثانية في الوطن العربي بعد «صوت العرب» في القاهرة

عقود مضت على بث الإذاعة السورية في عطاء مثمر ومهم ومرت في تجارب وصعاب كثيرة ولكنها أسفرت عن مؤسسات إعلامية وومهمة كان لها دورها في نشر الثقافة والفنون والفكر إلى العالم أجمع.. وخرجت قامات من الإذاعيين والمحررين والفنيين  كانوا علامة فارقة في سماء الإعلام

بدأت الإذاعة بشكل خجول وبعد محاولات عدة لإثبات الوجود وبجهود أناس مخلصين أثمرت إذاعة وطنية لها مكانتها ودورها في المنطقة، كانت بداياتها في مبنى استؤجر في شارع بغداد عام 1947 حيث احتلت الإذاعة الطابق الأرضي .

إن حاسة السمع هي الأقدر على تنمية الخيال ورسم الصور للكلام المنقول عبر جهاز الراديو، فأقبل أهل دمشق على هذا الجهاز يتجمعون في المقاهي ليستمعوا إليها، إذ كان عدد أجهزة الراديو يومها عشرين جهاز راديو  لذلك لا يتوفر في كل البيوت، ولا يقدر على شرائه سوى الأثرياء.

ثم انتقلت الإذاعة إلى بناء المقر الجديد  لها في شارع النصر قرب القصر العدلي لتستقر اليوم في مبنى الإذاعة والتلفزيون بساحة الأموييين.

تاريخ الإذاعة:

نشأت «إذاعة دمشق» بعد الاستقلال بينما كانت سوريا تتحرّر. من بقايا الاستعمار الفرنسي. ولأن الدولة كانت تعمل على بناء مؤسساتها الوطنية، كانت الإذاعة أحد ملامح الاستقلال الوطني.

أطلقت الإذاعة عبر الجهاز الخشبي خيال السوريين، وحررتهم، وكانت المصدر الأول للخبر، ومساهماً أساسياً في الحياة السياسية، منذ إنشاء الجمهورية مروراً بالحروب. التي شهدتها المنطقة بعد احتلال فلسطين. و أطلقت الإذاعة برنامج «صوت فلسطين» الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

تركت الإذاعة أثراً وجدانياً وعاطفياً عميقاً. لدى السوريين والعرب، وأثارت من خلالها الحكومات السورية المتعاقبة المشاعر الشعبية وحشدت الجماهير، خصوصاً أثناء الأزمات والحروب لتعبئة الرأي العام، واستخدمت الأغاني الوطنية والأناشيد الحماسية والنشرات الإخبارية والتعليقات السياسية الساخنة.

في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات. عاشت سوريا أجواء سياسية متوترة تميزت بانقلابات عديدة، قام بها العديد من ضباط الجيش الذين وجدوا في الإذاعة ملاذا لإيصال أخبارهم، مُعلنين سيطرتهم على الحكم.

وهكذا أصبحت إذاعة دمشق في عصر الانقلابات السياسية، منبراً لقراءة ما يُعرف بـ «البيان رقم واحد».

إذاعة دمشق كانت من الإذاعات السباقة في الوطن العربي، وأشهر ما كان يميّزها في تلك الفترة هو اهتمامها الكبير باللغة العربية، إضافة إلى تخريجها للكثير من مشاهير الغناء والطرب في الوطن العربي، كـفيروز، وعبد الحليم حافظ، وفايزة أحمد وغيرهم.

عملت إذاعة دمشق منذ الانطلاقة الأولى لها على استقطاب العديد من المطربين الذين لم يكونوا معروفين في تلك الفترة، والذين صاروا لاحقا من أعمدة الفن والطرب، مثل فايزة أحمد وفيروز التي احتضنتها الإذاعة منذ أغنية “غيرة” و”بو فارس عندو جنينة”، وهما من نوادرها التي ما تزال محفوظة في أرشيف الإذاعة.

ففي عام 1953، كان مدير البرامج في «إذاعة دمشق» الأمير يحيى الشهابي يتناول طعامه في في بيروت، وكان مذياع المطعم يبث برامج الإذاعة اللبنانية، حيث قدم المذيع مطربة اسمها فيروز، دُهـش الأمير الشهابي بصوتها، ودعاها إلى دمشق مع الأخوين عاصي ومنصور الرحباني.

هنا شرّعت الإذاعة السورية أبوابها للفن الفيروزي، وأنتجت لفيروز «عتاب»، أغنية الشهرة الأولى. وبعدها نشأت العلاقة التاريخية بين فيروز والرحابنة مع سوريا وأهلها وخصوصاً دمشق، ولا تزال الإذاعة السورية محتفظة بكنز فيروزي عظيم يشغل حيّزاً كبيراً من مساحة إرسالها ويطغى على برامجها حتى يومنا هذا.

أما وديع الصافي فوجد في إذاعة دمشق ملجأ ليبثّ عبرها أغانيه، فعندما سجّل أغنية “ع اللوما” في الإذاعة اللبنانية لم تلقَ النجاح، فقرر أن يحملها ويرحل بها صوب إذاعة دمشق كي تُبث عبرها، فحققت نجاحا أسّس له خطواته الفنية الأولى التي أرست له الدعامة ليكون أحد أعمدة الطرب في الوطن العربي، وكذلك ما حصل مع عبد الحليم حافظ في أغنية “صافيني مرة” التي كانت بدايتها من تلك الإذاعة.

كما أطلقت «إذاعة دمشق» عبر أثيرها مواهب فنية كبيرة من السوريين والعرب، لا يتسع لأسمائهم مقال واحد. وخلقت الإذاعة جواً من الألفة والصداقة مع المستمعين، عبر أهم الإعلاميين ، الذين أصبحت «إذاعة دمشق» بفضلهم رقماً صعباً في المنطقة، وأصبحوا جزءاً من تاريخ سوريا الحديث.

لم تتوقف إذاعة دمشق عند الفنانين العرب، فقد دعمت المواهب الغنائيّة السورية، وأطلقت أسماء عديدة في عالم الغناء العربي، مثل فتى دمشق وماري جبران ونجيب السرّاج و رفيق شكري. كما أنشأت “معهد الموسيقى الشرقية” الذي عمل على صقل مواهب الموسيقيين والمطربين والكورال بطريقة علمية حديثة ممنهجة، فصارت نقطة التقاء للفنانين، ومُنفذاً يُطلّون عبره ويقدمون إنتاجهم الفني. كما أسّست فرقتين كبيرتين للموسيقى الكلاسيكية والغناء الشعبي واكبت أعمال فيروز وسعاد محمد ونجاح سلام ومعن دندشي وفتى دمشق.

وكونها من أولى الإذاعات في العالم العربي، صدّرت «إذاعة دمشق» مئات المذيعين والمذيعات إلى العالم العربي، ولاحقاً إلى التلفزيون الذي استقطب عشرات النجوم الإذاعيين، ولا تزال الإذاعة السورية مستمرة في تخريج أجيال جديدة من العاملين في المجال الإذاعي.

أعلام الإذاعة السورية

هدى وعبلة.. الصوت النسائي الأول

استطاعت إذاعة دمشق في انطلاقتها عبر السنوات الأولى أن تواكب الأحداث العالمية والعامة والمفصلية في سوريا والوطن العربي، رغم أن بثها يستمر ست ساعات يوميا فقط (كان في البداية ساعتين)، كما تمكنت من أن تحكي عن الناس وهمومهم وتصوّر قضاياهم، وتواكب أحوالهم ومعيشتهم.

احتاج السوريون في تلك الفترة إلى وسيلة إعلام تُعبّر عن ذواتهم ويومياتهم، فراحت الإذاعة المحلية تسير مع تطلعاتهم عبر طرح كل القضايا الاجتماعية المختلفة بأسلوب طريف، من خلال أعمال درامية ساهم في تقديمها عدد من الفنانين الروّاد، منهم حكمت مُحسن الذي راح يُجسّد تمثيليات إذاعية عن يوميات دمشقية باللهجة الدمشقية المحلية، عكس السائد وقتها بتقديم الإنتاج باللغة العربية الفصحى، فأصبح رائد الدراما الشعبية السورية. كما برز أنور البابا ” أم كامل”. و فهد كعيكاتي “أبو فهمي” و تيسير السعدي الذي قدم مسلسلا إذاعيا بعنوان “صابر وصبرية” مع زوجته صبا المحمودي، ويحكي فيه يوميات حياتية بسيطة.

وظهر أول صوت نسائي هو هدى شعراوي، عندما شاركت في بعض التمثيليات في الدراما الإذاعية التي قدمت أعمالاً مميزة ومرتبطة بالأحداث التي تمر بها المنطقة العربية في ذلك الحين.

ويروى أيضاً أن أول صوت نسائي انطلق من الإذاعة هو للمذيعة عبلة أيوب الخوري، حين انتسبت إلى إذاعة دمشق في بداياتها، وظلت تعمل بالإذاعة السورية تسع سنوات، حتى انتقلت إلى إذاعة لبنان في بيروت.

على مدى مسيرة الإذاعة الممتدة لسبعة عقود، برزت عدة أسماء بين إداريين ومعدين ومذيعين أصبحوا جزءا من تاريخ سوريا

عادل خياطة ، مذيع سوري بعتبر من أروع وأجمل الأصوات التي شهدتها إذاعة دمشق.

سامي الشمعة ، صحفي ومشارك بتأسيس إذاعة دمشق.

يحيى الشهابي ، إعلامي وكاتب ومشارك بتأسيس إذاعة دمشق.

فؤاد شحادة ، من المذيعين الرواد اشتهر بالنقل الخارجي.

يضاف لهؤلاء.. على سبيل الذكر لا الحصر: أجيال متعاقبة وكلهم تمتعوا بالموهبة والحضور والصوت القوي والثقافة والتمكن من اللغة:

فايز قنديل :ا لمختزن والصوت الموهوب ..إعلامي وإذاعي *سوري فلسطيني*..للراحل برامج مشهورة عدة بثت في إذاعة دمشق أهمها : الحقيقة أولا – الموسيقى صديقتي – حديث العودة الذي رسخ من خلاله القضية الفلسطينية وبشر بالعودة من خلاله – صوت فلسطين من دمشق

يوسف الخطيب:” مجنون فلسطين” هو الاسم الذي أحب الشاعر العربي الفلسطيني الكبير يوسف الخطيب أن يطلقه على آخر دواوينه الشعرية.. و لمدة نصف قرن كامل، كانت إذاعة صوت فلسطين من دمشق تصدح مساء كل يوم مع  افتتاح بثها بعدة عبارات نثرية هي أقرب الى أبيات شعرية قصيرة ومغناة وبالصوت الجهوري للراحل يوسف الخطيب، الذي رحل قبل أعوامٍ قليلة. العبارات النثرية المغناة، كانت تقول في مطلعها :

الى عرب النكبة عزة الثورة،

الى الزاحفين غداً على بطاح الجليل وصحراء النقب،

الى رافعي العلم العربي في سماء يافا وقمة الكرمل،

اليكم صوت فلسطين من دمشق

داوود يعقوب :من أهم البرامج الإذاعية التي كتبها وأعدها الراحل داوود يعقوب للإذاعة السورية، وشارك في تقديم معظمها، وأخرج العديد منها، نذكر منه : برنامج جائزة المدينة- برنامج قراءة في الرِّواية العربية-برنامج “أعمال أشهر من صانعيها”-برنامج أحلى ما عندهم

طالب يعقوب: مذيع سوري-فلسطيني من أشهر الأصوات الإذاعية التي حملها هواء إذاعة دمشق في الربع الأخير من القرن العشرين ، وبداية القرن الحادي والعشرين وبل نافست شهرته وهو المذيع الإذاعي كل مذيعي التلفزيون بالصوت والإلقاء المميز.

استطاعت إذاعة دمشق خلال السنوات الأولى من تأسيسها أن تواكب الأحداث العامة في الوطن العربي في تلك الفترة، والتعبير عن أحوال الناس ومعيشتهم وطرح مختلف القضايا الاجتماعية بأسلوب طريف، من خلال أعمال درامية ساهم في تقديمها عدد من الفنانين الرواد منهم، حكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي، وفهد كعيكاتي، وأول صوت نسائي هدى الشعراوي حيث كانت أعمال مميزة ومرتبطة بالأحداث التي تمر بها المنطقة العربية في ذلك الحين.

فترة الوحدة

ثم جاء عام 1958 والوحدة بين سوريا ومصر، وقد كان لإذاعة دمشق النصيب الأكبر من ثمار هذه الوحدة، حيث تُوئمت مع إذاعة القاهرة، التي كانت آنذاك من أهم وأكبر الإذاعات العربية وقد استفادت إذاعة دمشق من هذه الخطوة، وأقامت المسابقات والدورات التدريبية والتبادل الإعلامي بين الإذاعتين، مثل مسابقة لاختيار مذيعين، ومعلقين سياسيين، وكُتّاب إذاعة، ومخرجين وممثلين، وغيرها من الأنشطة الإذاعية بإشراف لجان مشتركة بين الإذاعتين.

وقد نجح أربعة من المتقدمين وهم فاروق حيدر، ومروان عبد الحميد، وفائق بريزيني، ومحمد صالحية، وجميعهم أقاموا في القاهرة دورات تدريبية لمدة 6 أشهر، ومن ثم العودة إلى إذاعة دمشق التي كانت -في تلك الفترة- تعيش حدثين هامين، أولهما الوحدة بين سورية ومصر، والتطورات التي كانت تطرأ على الإذاعة حينئذ..

والثاني هو نشوء التلفزيون العربي، وهو التلفزيون السوري اليوم، والذي أَثر سلباً على الإذاعة، عندما استلب خيرة الإذاعيين والمذيعين كسامي جانو، ومروان شاهين، وخلدون المالح، وعادل خياطة، وعليه عانت الإذاعة من أن كبارها غادروها نحو التلفزيون .

ومع ذلك حاولت الإذاعة التقدم مستغلة الفرص التي تتيحُها لها إذاعة القاهرة إضافة إلى الجهد الكبير الذي بذله فؤاد الشايب ويحيى الشهابي لكي تبقى.

من دمشق …هنا القاهرة

لمّا وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 دمرت إحدى الغارات الإسرائيلية هوائيات البث للإذاعة المصرية، فقد كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر سيُلقي خطابا للعالم والشعب المصري بعد كلمة “هنا القاهرة”، معتلياً منبر جامع الأزهر.

أراد الاحتلال الإسرائيلي إسكات الصوت المصري وإيقاف تغطيته للحرب، ومنع الناس من سماع خطاب عبد الناصر، فتوقفت الإذاعة المصرية عن الإرسال وتوقف بثها، ولم يستطع الناس الوصول إلى المعلومة من الإذاعة المصرية، ولم يقدروا على سماع أخبار حربهم. وفي صباح الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1956 فوجئ السوريون بصوت المذيع عبد الهادي البكار في إذاعة دمشق يقول “من دمشق.. هنا القاهرة”.

لم ينتظر البكار الأوامر من رؤسائه، فعندما وصل إليه خبر القصف استهلّ نشرته الإخبارية الإذاعية بهذه العبارة التي أمست مرتبطة بذاكرة إذاعة دمشق وأثيرها، للتعبير عن تضامن السوريين مع المصريين في معركتهم التي يخوضونها ضد ثلاث دول (إسرائيل وفرنسا وبريطانيا) بعد تأميم قناة السويس، متابعا “هنا القاهرة من دمشق.. هنا مصر من سوريا.. لبيك لبيك يا مصر”.

أهمية إذاعة دمشق

يتعلق نجاح أي إذاعة بالتصاقها بهموم المواطنين، وبما أنها تعتمد على التواصل الصوتي فقط، فلا بدّ أن تعرف الطريقة المثلى لإيصال الحالات الانفعالية إلى المستمع، وتُعبّر عن مكنونات داخلية لتلبّي حاجته، لتجعل أكبر قدر ممكن من البرامج على تواصل معه، مما يؤدي إلى إضفاء حيوية على البرامج المقدمة.

تُعدّ إذاعة دمشق ثاني إذاعة في الوطن العربي بعد إذاعة القاهرة، لكنها كانت الأولى في فكرة ابتكار مواجز الأخبار بدقيقة واحدة، وهي من أولى الإذاعات في البث المباشر.

وقد تعوّد الناس سنوات طويلة على أنغام بزق محمد عبد الكريم (أمير البزق) الذي كان يبدأ البث بأنغامه، كما ارتبطت بأصوات مذيعين ومذيعات استمع إليهم السوريون طويلا حتى صاروا مُقترنين بهم وبيومياتهم، مثل يحيى الشهابي وفخري البارودي وصباح قباني وعادل خياطة .

مرّ بإذاعة دمشق كثير من المبدعين السوريين والعرب في تقديم البرامج، مثل صلاح دهني في برامجه عن السينما، وسعيد الجزائري في برنامجه “أدب وأدباء”، والشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)

يضاف إليهم جيش من الصحفيين و الكتاب و المحررين و المعدين و المهندسين والمخرجين والفنين

استمرت في سبعينيات القرن الماضي برامج حققت انتشارا واسعا بين السوريين، مثل برنامج “مرحبا يا صباح” من تقديم منير الأحمد و نجاة الجم ، وبرنامج “المواطن والقانون” من تقديم نجاة قصاب حسن، وبرنامج “ما يطلبه المستمعون” لفردوس حيدر، والذي بنى عليه عبد اللطيف عبد الحميد فيلما سينمائيا بالعنوان ذاته، يرصد ترقب الناس للطلبات التي كانوا يرسلونها إلى الإذاعة للاستماع للأغاني التي يطلبونها، ما يوحي بقدرة الإذاعة على التأثير في النفوس والشغف بها، كونها وسيلتهم للإطلال على العالم والتواصل مع بعضهم.

أعمال في البال :

من البرامج التي شكلت علامة فارقة في إذاعة دمشق.. برنامج استوديو 26 الشيق  وهو على الهواء مباشرة .

وكان المذيع السوري نذير عقيل هو أول من قدم فكرة البث المباشر في الإذاعات العربية.. .. ومنه انتقلت إلى الإذاعات العربية الأخرى .
وقد بدأ نذير عقيل مسيرته الإعلامية في الصحافة ، ثم انتقل إلى إذاعة حلب ومنها لإذاعة دمشق .
التحق بعد ذلك بالتلفزيون العربي السوري فور افتتاحه ، وبعد ذلك انتقل إلى القاهرة وعمل في إذاعة صوت العرب .
ومن خلال عمله في إذاعتي دمشق وحلب قدم الراحل نذير عقيل أفضل برامج المنوعات منها برنامج ( استوديو 26 ) ،

كما قدمت الإذاعة برنامج برنامج “عطيني أدنك”، الذي كان يؤدي فيه الفنان الراحل ناجي جبر المعروف” بأبو عنتر”. شخصيات متنوعة بتلوينات صوتية تدل على مقدراته الفنية.

ومن البرامج الشهيرة “ظواهر مدهشة” والذي يحكي حالات وظواهر كونية غريبة.

أما الفنان الراحل رفيق سبيعي فقد سرد في برنامجه “حكواتي الفن” سيرة العديد من روّاد الفن السوري في الغناء والتمثيل والمسرح.

كما استمرت الدراما الإذاعية التي تُصوّر المحكيات اليومية في مسلسل “يوميات عائلية” من بطولة الفنان الراحل عصام عبه جي والفنانة وفاء موصلي، يحكيان فيه يوميات زوجية استكمالا لما قدمه تيسير السعدي وصبا المحمودي في “صابر وصبرية”.

أما المسلسل الإذاعي الأشهر الذي حقق نجاحا باهرا واستمع له السوريون عقوداً طويلة فهو “حكم العدالة”، إذ استمد حكاياته من قضايا جنائية حقيقية تعتمد على ملفات وزارة العدل، ثم حُوّل فيما بعدُ إلى عمل تلفزيوني، لكنه أخفق في الوصول إلى الناس لارتباطهم بالصورة السمعية التي كانوا يرسمونها لصور الشخصيات التي وضعوها في مخيلتهم، فلم يستسيغوا “الرائد هشام” و”المساعد جميل” ممثلَين يظهران أمامهم، لأن الصورة البصرية الظاهرة محدودة  بشكل معين بينما الصورة الإذاعية فهي متروكة لخيال المستمع وهنا سر الإذاعة

وكما قال الشاعر بشار بن برد: يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة.. والأذن تعشق قبل العين أحيانا.

الإعداد: شهناز بيشاني

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى