نحو مسار شامل .. هل يفعلها السوريون ويغيرون من وقع أزمات الاقتصاد ..؟.. هني الحمدان

المقياس الحقيقيّ للنجاح هو حسن التنفيذ ، تنفيذ المهام والمسؤوليات والواجبات و التقيّد بالبرامج الزمنية للخطط والمشاريع على كل الصعد، ومن هنا فإن حسن التنفيذ يستدعي وجود القادرين والعازمين عليه، ولا أدّعي أو أجزم أن كل الموجودين من المسؤولين عن الإدارات ومن يقود المؤسسات على مختلف أنشطتها هم غير قادرين، ربما يكون هناك أحدهم أو قلة يؤدون عملهم وقيادتهم بدراية وكفاءة عاليتين، ولكن بالمقابل هناك من أثبت موجودية زمنية وخرج مع توصيف “حراميّ”، وهناك من جاء بالواسطة ولم يحرّك ساكناً، فقط يلاحق مصالحه الذاتيّة..! وإشارتي هنا بمثابة دعوة للتأكد وضمان توفر بيئة مؤاتية لحسن التنفيذ، حتى يتم هذا التنفيذ بالشكل الصحيح الذي يحقّق الغايات ويرقى إلى تطلّعات الجميع.
بعد ما حصل في سورية، وخاصة بعد نكبة الزلزال المدمّر، وتفاقم الأوضاع بصورة أكثر بشاعة، الخيار الوحيد هو ما سيقدمه أبناء البلد مع بعض أفراد ومؤسسات ومجتمع مدني وقطاعات عامة ومشتركة وخاصة، فأي ترقّب لأي حلول تأتي من الخارج لا يجدي نفعاً، فالحل قدر الإمكان من الداخل، وأبناء الوطن هم من سيتقدمون به، فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليست على ما يرام، بل للأسف هي دون التوقع والطموح، وتعكس حالات ملموسة من التقصير، ومن يقول غير ذلك فقوله يجافي الحقيقة والواقع، ويكون أقرب إلى الخيال، وقد يكون ذلك لضعف في الرصد والتحليل الواقعي للمشكلات وحالات التقصير حيال معالجتها، أو ربما فيه تزييف أو نفاق يهدف إلى منفعة شخصية على حساب الصالح العام .!
هنا السؤال، وفي ظل تراكم الأزمات وتفاقم ضغوطها، هل بالإمكان العمل لتغيير واقع الحال والمساهمة بكل ما سيؤدي إلى تحسين الظروف الاقتصادية الصعبة ..؟
وهل بالإمكان رفع منسوب الثقة لدى المواطن بالمؤسسات والإدارات، وتالياً زيادة مستوى الشعور الحقيقي لدى الجميع نحو خدمة الوطن، وترجمة ذلك الشعور على أرض الواقع، وتحويل كل الطاقات إلى قوى منتجة تعمل بجد ودأب وصولاً للمراد وتحقيق النهوض بالقطاعات وزيادة الإنتاجية …؟
التعويل على المواطن مضمون وأُثبت من خلال تعاطي المواطن السوري مع آثار الزلزال المدمر، حيث سجّل محطات كبرى من الوطنية والغيريّة والاندفاع الطوعي، ودوره سبق دور المؤسسات العامة ودور القطاع الخاص، فالتشبيك الثلاثي، مابين المواطن والقطاعين العام والخاص بكل الفعاليات والمنظمات والاتحادات والتجمعات، ممكن ومتاح وبالإمكان الوصول إلى مرحلة توظّف فيها كل الفعاليات طاقتها لرفعة الوطن، وأن يكرسوا سعيهم وفعلهم لخدمته، ويقف الجميع دون استثناء خلف قيادات وإدارات تعي طبيعة المرحلة، ذات عقلية مرنة غير متشنجة، وعلى درجة عالية من الكفاءة والنزاهة، والعمل بكل الطاقات لتحقيق أهداف النجاح.
الدور الذي أثبته السوري في فاجعته يؤكد وبشكل جلّي أنه قادر على صنع متغيرات مهمة، في حال كانت خلف قيادة المؤسسات إدارات نظيفة، همّها الوطن أولاً وأخيراً، والسوريون معروفون بكل شي جميل، ومعظم تحدياتهم أو المعضلات التي يواجهونها اليوم مردُّ القسم الأعظم منها إلى أخطاء مسؤولين، فصلاح حالهم عبر تصويب الاعوجاجات التي سببها معالجة قاصرة من الإدارات، ربما يخفف مما يعانيه المواطن. فسلامة نهج المسؤول يجفف مَواطنَ السوداوية، ويمحو آثارها، ويغذي بالمقابل التفاؤل والإيجابية لدى الجميع.
هنا أحب الإشارة إلى مسألة مهمة جداً، طالما أن السوريين لا خيار أمامهم سوى الاعتماد على ذواتهم، ولكي “ينصلح” الحال لا بد أن يكون المسؤول قدوة في كل شيء، وأن تسود حالة عامة من الشفافية والنزاهة والحوكمة وفي كل شيء أيضاً، ووضوح الرؤى، مع الفهم العميق لا السطحي لأي منها، وإصدار قرارات تقوي تعزيز الثقة، ومن ثم التنفيذ السليم لها، فالظروف لم تعد تسمح للتعلم ولا التدرّب، بل وضوح للمسارات والأهداف ومتابعة تنفيذها بعين وطنية كبيرة، فعندما نجح المواطن السوري في خلق حالة جديدة إزاء إخوته وأهله كان ديدنه فقط حب أبناء وطنه وبلده وإسعاف كل محتاج، لم يخضع لخطط وساعات تدريب، وهنا على الجهات الرسمية بلورة صيغ وسياسات محددة تقودها وتشرف عليها إدارات كفوءة تعي أهمية الانضواء جميعاً لتنفيذ أهداف كبرى.
عوامل النجاح الوطني بدأت تتبلور، وكان المواطن السوري سبّاقاً في ذلك، وهي اليوم ضرورة وتتمثل بالقدرة الكاملة والتمكن والقدوة النزيهة في القول والفعل، وفعالية عملية لتنفيذ مسارات العمل والإنتاج، فالوضع الاقتصادي والظرف يستدعيان ليس هبّة كبيرة وصادقة من المواطن بل من كل شرائح المجتمع ومؤسساته وقطاعاته، عندها نحن قادرون على تغيير صورة الوضع الاقتصادي، ولا ضير هنا من الإشارة إلى دور القطاع الخاص الذي لم يكن على المستوى المأمول، في كل مراحل وزمن توالي أزمات المواطن السوري..!
إقرأ أيضاً .. سورية الوجع ..
إقرأ أيضاً .. التنمية .. وقرانا البائسة ! ..
*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب