ثقافة الاحتراف .. حسين شعبان

اليوم بمناسبة صدور نتائج الثانوية العامة (الدورة التكميلية) نبارك لكل الأهالي الذين نجح أنجالهم، ونقول لمن لم ينجح أو لم يحصل على العلامات المرجوّة: حظاً أوفر.
لكن لماذا ما يزال تفكير الأهل كلاسيكياً؟! برتبط بفكرة أن نجاح الأبناء في الحياة مرتبط عضويّا بالنجاح الأكاديمي أو الدراسي!! وهل اليوم أساساً، تطعم الجامعات والوظائف خبزا؟!
بمعنى آخر: سيكون من الجميل تفوّق الأبناء ودخولهم إلى كليات مهمة، والعلم بطبيعة الحال مصدر افتخار، لكن هناك شيء اسمه (الاستثمار في الانسان) وكل إنسان لديه سِمات خاصة ومَلكات يتميّز بها عن أقرانه، وبمجرد دخول الإنسان في مجال يحبه ويبرع به، من الممكن أن يكون متميزاً وفذاً في مجاله. وربما أشهر من الأطباء ونجوم السينما أحياناً!
الأهم هنا، انه سيحقق مصدر دخل جيد ويفتتح له مجالا للعمل في الخارج أو عن بُعد. بالإضافة إلى أن احترافه في مجال يحبه ويبرع به، قد يجعله أيضاً يدخل نادي التعويم الاجتماعي، بحكم اسمه الذي سيصبح معروفا، ولدينا أمثلة كثيرة من اللاعبين الرياضيين والموسيقيين والحرفيين الأفذاذ وأصحاب الصنعات المتميزة، وحتى مصممي الأزياء والطهاة واختصاصيّي الصيانة البارعين الخ…
قديما كانت الحجة أن الدولة تحارب الكفاءات أو المواهب! أو أن الروتين والتعقيدات الإدارية تشكل عائقا أمام الاحتراف، أو عدم وجود الدّعم، وخاصة عدم توفر المموّل الخ…
ولكن في عصرنا يا عزيزي، لم تعد لديك حجة.. فاليوم بعد دخول العالم الافتراضي ووجود منصات “السوشال ميديا” وخاصة “اليوتيوب” وغيرها، إذا كان لديك الموهبة الكبيرة المصقولة، والشجاعة المطلوبة والإدارة الذكية، من الممكن أن تحترف وتحصد المال والشهرة. فالعالم اليوم ليس قرية صغيرة فقط بل منزل واحد.
يرأيي، على الأهل عدم الضغط الهائل على الأبناء للنجاح في المدرسة أو الجامعة، أو اختيار الفرع أو طريقة الحياة بدلا عنهم. لنعطهم الثقة ونتابع مواهبهم وندعمهم حيث يشعرون أنهم يجدون أنفسهم لا أنقسنا!
اليوم من يحترف (دعبلة أقراص الشنكليش) ولديه قناة “يوتيوب” ولها متابعات كبيرة يُحصِّل عشرات آلاف الدولارات. ومعروف أكثر من طه حسين عميد الأدب العربي.
.
*كاتب من سوريا