الديك الفصيحالعناوين الرئيسية

ناس بسمنة وناس بزيت .. غسان أديب المعلم ..

 

“ناس بسمنة وناس بزيت” ..

لطالما كانَ هذا المثل الشاميّ للسخرية وازدراء الانقسام الطبقيّ بين فئات المجتمع في سوريا، ودائماً ما تُشير به الناس للمدعومين وغير المدعومين، أو ممّن يلقون المُعاملة الحسنة الطبيعيّة أو من يلقون نقيضتها السيّئة!، و كذلك الأمر للتمييز بين من يحصلون ويتحصّلون على الأرباح ومن لا تقربه على الإطلاق رغم أنّ الطرفين بذات القيمة!

أمّا اليوم، وفي ظلّ الأسعار الرائجة الكارثيّة، فق غدا المثلُ ضعيف الحٌجّة بسبب التقارب بين سعر المادّتين كباقي المواد الاستهلاكيّة الموازية، وأصبح يُنظر للسوريّ القادر على جلب المادّتين على أنّه من فئة البرجوازيّين، دونما مبالغة، بعيداً عن حسابات المساعدات أو الديون التي تفرض جلبها..

وكعادة السوريّين في كلّ فصلٍ مسرحيٍّ حكوميّ، تُؤلَّفُ الحكايات والهمروجات الساخرة ولا تترك تفصيلاً واحداً دونما تسليط ضوء السخرية عليه، وأحدث مؤلّفات السوريّين حول مادّة الزيت هو أنّ يتمّ استخدام العبوة الواحدة لثلاثة آلاف كيلو من البطاطا، أسوةً بتبديل الزيت في السيارات بعد مسار ثلاثة آلاف كيلو متر مربّع!!!.

والمضحك المُبكي في ذات السياق أنّ دستور البلاد ينصّ حرفيّاً على توازي الأجور وأسعار المعيشة، في حين أنّ شراء كلا المادّتين مع الخبز بدون أيّ إضافة يوازي متوسّط الأجور الشهريّة في سوريا!!، والأمور من سيّء لأكثر سوءاً، في ظلّ العجز الحكوميّ عن ضبط سعر مادّة واحدة!!

أمّا غاية السوء فهو استسلام السوريّين عبر فقدانهم الثقة حتى في الحكومة الجديدة كما تتحدّث الشائعات!!، فقد بات مُعظم السوريّين على يقين بالعُرف أو العادة المُتّبعة في تغيير الأسماء والأشكال فقط، وأنّ الأوضاع تتوجّه نحو الانحدار أكثر فأكثر ..

فالمشكلة والحلّ في مكانٍ آخر تماماً بعيداً عن هذه الحكومات “الآراكوزيّة” التي تكون واجهة الدولة العميقة لا أكثر، وأنّ الأجدى هو تغيير النهج في الترشيحات واختيار الأسماء التكنوقراطيّة الحقيقيّة، مع إعطائها الصلاحيّات الفعليّة وحريّة القرار بعيداً عن الانتماءات المناطقيّة والتحزّبات!!

وغير ذلك يعني السقوط أكثر فأكثر في أعين الجموع التي قدّمت الغالي والنفيس لأجل الوطن والإبقاء على مؤسسّاته!، والتي ترى نفسها خاسرة بكلّ المقاييس في ظلّ انعدام العدالة والمواطنة وانتشار الفساد، فما تكاد تتقبّل مُرغمةً قراراً ما، حتى يأتيهم القرار الذي يليه على نحوٍ أدهى وأمرّ..

أما آخر إبداعات الحكومة وبعد تصريح أحد الوزراء اللبنانييّن بأنّ غاز المنطقة الوسطى يذهب إلى لبنان، وهو ما يؤثّر على أداء الشبكة الكهربائيّة في سوريا وحرمان المُدن من الكهرباء .. ليأتي إبداع الحكومة بإعفاء مناطق الشاليهات البحريّة ذات النجوم المُتعدّدة من التقنين!!!، رغم أنّ متوسّط أُجرة الليلة الواحدة في هذه المناطق يُعادل خمسة أضعاف مُرتّب شهريّ لأيّ موظّف سوريّ!!

وبناءً عليه .. أصبح مؤشّر الانقسام مُتبايناً أكثر من تقارب أسعار السمن والزيت في سوريا .. والحقيقة المؤكّدة أن الانقسام أصبح بين “ناس بجاكوزي مع العسل، وناس بإبريق بلاستيك مع المياه المعكرة”، وهذا الانقسام سيكون له أثرٌ بالغ السوء على كافّة المستويات والشرائح المجتمعيّة..

فهل ستزيد الحكومة المُقبلة الطين بلّة مع استمرار ذات النهج والتعيينات كما يرى أغلب السورييّن؟، أم تحدث شبه معجزة عبر “حكومة تكنوقراط” وطنيّة تُعيد التناسب وتُقرّب الفروقات، أو على الأقلّ ليعُد المثل الشعبي إلى ما كان عليه .. “ناس بسمنة وناس بزيت” ..

ونحن لكم من الشاكرين!!!

*كاتب ورواائي سوري

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك