ميونيخ: حوار “الطرشان” والمياه المقطوعة! .. بشار جرار – واشنطن

“حوار الطرشان”، هذا ما ظنه الناس لجهلهم بلغة الإشارة الخاصة بإخوتنا الأحبة من الصم والبكم، ظنوا ألّا حوار بينهم في مؤتمر ميونيخ، هذا المثل الشائع يُقال إدانة لغياب الحوار، وتنديداً بسوئه إن جرى دون حسن نية، يقال إن حوار فلان مع علنتان كحوار الطرشان!.
ومن تراثنا الشامي الجميل السخرية من ذلك الحوار الذي يدور في حمامات الشام القديمة التي أتت بالنظافة الشخصية والاستحمام إلى أوروبا قبل قرون، ذلك المثل الشعبي القائل: “مثل الحمّام اللي ميته مقطوعة!” ولمن لا يتحدث السورية بطلاقة، وفي حال اهتمام مترجمين بما يكتب عن “مؤتمر ميونيخ للأمن” بلغات أخرى، يعني ذلك انقطاع المياه أثناء الاغتسال بما يشكّل ورطة حقيقية، خاصة إن عَلَتِ الوجوه رغوة فقاعات صابونية!.
من المؤسف وغير الصادم على الإطلاق، إمعان دول متحضرة أو متقدمة في كثير من العلوم على تكرار الوقوع في الخطأ القاتل، ألا وهو المقاطعة، العالم كله معني بتداعيات كورونا وأوكرانيا، معني في الصميم، في دوائه وغذائه ومصادر طاقته التي لا تعني أمن النقل وسلاسل التوريد فقط، وإنما انقطاع تلك المياه، مياه الاغتسال والطهي والشرب.
أي نجاح ينتظر مؤتمرات الحوارات التي يغيب عنها أو يتم تغييب الطرف المعني عنها؟ إن كنا نتفهّم المقاطعة الرسمية، فلم الإصرار على تكرار الخطأ من قبل منتديات قالوا إنها غير رسمية كدافوس وميونيخ.
خطورة التغييب هذه المرة أكثر سوءاً لتغييب حتى لغة الإشارة بين الطرشان!، ثقافة الشطب وإلغاء الآخر كارثية في كل المعايير. فلا تقاطع روسيا وسورية مثلاً، بل وتحجب وسائل إعلامها، ويحاصر من يتحدى التخويف والرشاوى بأنواعها: إما معنا وإما علينا، يا له من خيار بائس..
كان من الحكمة، ولا أقول الكياسة، من المصلحة، ولا أقول المهنية، أن يتم تعليق هذا المنطق العقيم في المقاطعة الذي يؤدي إلى “حوار الطرشان”، والحرص على دعوة روسيا وسورية لدافوس وميونيخ.
في الملف السوري تحديداً، وبعد “زلزال القرن”، كان من اللائق مدّ يد العون وقبل السلام إلى دمشق، بصرف النظر عن الموقف السياسي العام من الأزمة السورية، أو الأصح الحرب في سورية أو عليها..
نستبشر خيراً بالتقارب العربي السوري الأخير، وخاصة الأردن والسعودية، وحتى نتمكن من انتقاد القائمين على دافوس وميونيخ كما نريد، ننتظر عودة قريبة من جامعة الدول العربية إلى سورية..
إقرأ أيضاً .. تشابه الحروف!؟ ..
إقرأ أيضاَ .. عهدنا مع الله وتجاربنا مع قيصر ..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter