إضاءاتالعناوين الرئيسية
موسيقى الرواية والعلامة الفارقة .. أحمد علي هلال

حينما التقى الروائي البوليفي ماريو براغاس يوسا جمهوره الدمشقي المثقف ، اثر زيارة له لدمشق، جهر برأي شديد الأهمية هو رغبته بأن يكتب رواياته على إيقاع السلم الموسيقي، وكان في حديثه لافتاً عن معايير علاقة الرواية بالموسيقى.
تلك العلاقة التي فتنت خيال الروائيين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الياباني المعاصر «هاروكي موراكامي» صاحب العديد من الروايات لا سيما «كافكا على الشاطئ» التي أُترعت بمقطوعات موسيقية كلاسيكية لـ هايدن، وعلى لسان النادل، حيث وقف قراءه على حضور الموسيقى في أعماله إلى الحد أن شخصياته الروائية مثلت نوعاً موسيقياً بعينه.
إذن علينا أن نتساءل هنا ليس عن تأثير الموسيقى في الرواية والاعتقاد بأن السرد يعوض بمجازاته وصوره ما احتفظت به القصيدة، فالمسألة جد مختلفة، وبمعنى آخر فالكاتب هو عازف جيد حينما تمسك أصابعه الكلمات وتدوزن إيقاعاتها وصورها ومشهدياتها، تماماً كالعازف الموسيقي الذي لا يبدو مترجماً للنوتة الموسيقية فحسب، إلا بروحه ووجهه.
لعل ذلك توطئة لمقاربة ما كتبه الأديب القاص والإعلامي عماد الدين إبراهيم، في مجموعته القصصية «تجليات شهرزاد» فالأمر لا ينطوي هنا على «تعشيق» النصوص بالسمفونية القائمة على التواتر في مقطوعاتها لـ ريمسكي كورساكوف شهرزاد العالمية، والتي تتصادى في أجواء ألف ليلة وليلة كأثر عالمي، بقدر ما ينطوي على انفتاح العلاقة ما بين الإبداع والموسيقى ومنه إلى الجنس الإبداعي القصة القصيرة، العلاقة التي تبدو أثيرة بما يكفي أن يستبطن القاص تحولات النص السردي في مناخات تعني ثقافة الأرواح.
وعليه فإن الموسيقى كمعادل جمالي –ضمني- تعبر بلغتها نسيج النص وخلاباه، إلى ما يعني أيضاً حالة من النشوة التي تحرر معنى العلامة في تلقي النص المًبدَعْ ليصبح النص في كلية تناغمه إيقاعاً أوركسترالياً يفيض بالمتعة المشفوعة بدّال المعرفة، فالعلامة الفارقة هنا فيما يشي به ذلك التواشج الخلاق، أي الانسجام بين الكلمات والإيقاع وهو الذي يعود بعلامته الفارقة في التلقي المتعدد.
* أحمد علي هلال .. كاتب وناقد فلسطيني- سوريا