
من مقام الجنون إلى مقام الخيال.. فرات إسبر
لي أمٌ تُمسك بيدي،
النارُ جُنت بها وسقطنا في الرماد.
صراخُ المدينة تحتَ الجلد ،
وساعة ُ بغداد تبدُّد أحلامنا بدقاتها
من هنا مرَّ بشرٌ وفئران
وسمعنا صراخَ مدينة .
ظَهرُ دجلة انحنى ،
جسدي صار قارباً ،
فيه باعةٌ يصرخون َ :
هنا زجاجةٌ فيها قتيلٌ ،
فيها وطن
فيها عطرُ امرأة.
يا جارة بغداد على الجسرِ وقفتُ
وقلت ُ للريح حين كنتُ أسيرُ صوب الشمال ،
تلك حدودُ بلادي،
كيف لي أن أقطعَ هذه النار إليها؟
سلخوا جلدها مثل عنزةٍ تسرحُ في خيال الجبال.
تأخرنا، فقدنا العناقَ .
يدٌ تمسح الحزنَ عن جبين الفرات
يدٌ تطوي لدجلة ثيابَ الفراق
وعلى جسر الأعظمية كان لي أخ ٌ
يَحجُّ من مقام الجنونِ إلى مقام الخيال .
لبستُ عليه ثياب الحدادِ
قبرهُ مكشوفٌ لكل غيم ٍلكل نجمٍ
وأناديه ،
بُحةُ الصوت تشبه جرحاً في كربلاء ،
وأرثاً كأنه نينوى.
غيمة ٌ سكرىَ هبتْ بماء المطر
تحومُ على أرضٍ صارتْ فحماً وحجر
يا بلاد الأنيباء ِ لماذ لا يهدأ فيك البشر،
هل من ضلال أم ضجر ؟
على مفرقِ بغدادَ وقفتُ وقلت:
أيُّ الجهات إلى أهلي ؟
والقوافل كانت الصحر اء
كان الطريقُ ولا واحةٌ لأستريحَ
لا سهيلٌ دلني
والجبال لم تقلْ سرها،
وكلُّ ما في بطنها من أحجارِ حنيني .
على مفرق ِ بغدادَ ،
رأيت ما رأت زرقاءُ اليمامة
الدخانُ ،أنفاسُ المدينة،
وعشبةُ خضراءُ خلفي ، سبقتني إلى حقلِ الأمل
أسراب الفراغ تعلمُ ماذا هناك
نامتِ الأفعى ولم يستيقظ الخلود.
.
*شاعرة وكاتبة – سوريا
*اللوحة للفنان التشكيلي مؤيد محسن – العراق
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews