من سيخلف ميركل؟ ..كيف يختار الألمان مستشارهم؟

|| Midline-news || – الوسط …
شهناز بيشاني
تحبس ألمانيا أنفسها قبيل انتخابات البوندستاغ التي ستحسم هوية خليفة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بعد استطلاعات تشير لارتفاع طفيف في حظوظ الحزب الاشتراكي الديمقراطي. فما الذي يحكم مزاج الناخب الألماني؟ في ظلِّ توقعات بحسم المترددين للنتائج.
ولاختيار أعضاء البرلمان أو ما يعرف بالبوندستاغ يصوِّت الناخبون في ألمانيا غدا الأحد 26 سبتمبر/أيلول .. وستتيح هذه الانتخابات تعيين خلف للزعيمة أنغيلا ميركل التي شغلت منصب المستشارة الألمانية لأربع ولايات متتالية.
و يتصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة أولاف شولتز استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات العامة في ألمانيا، ما يجعل وزير المالية الحالي ونائب المستشارة أنجيلا ميركل هو المرشح الأوفر حظا لخلافة ميركل في منصبها، وحظي شولتز بهذا الفرصة على الرغم من التشكيك المستمر في التزامه تجاه اليسار وسعيه المتواصل خلال مسيرته للعودة إلى السباق السياسي.
ولمعرفة النتيجة النهائية لهذا الاستحقاق التاريخي يحتاج لفترة من الوقت ، لا سيما أنه سيمثل نهاية ستة عشر عاماً من حكم أنغيلا ميركل كمستشارة، كما أنه سيكشف في النهاية عن اسم رئيس الحكومة المقبل للقوة الاقتصادية الرائدة في أوروبا. فتتميز ألمانيا بنظام انتخابي خاص وجملة من التحالفات المعقدة التي هيمنت على المشهد السياسي في البلاد لعقود. فيما يلي دليل لفهم نظام التصويت الذي سيجري يوم 26 سبتمبر/أيلول .
من هم المنتخَبون الأحد؟
لن يصوت الألمان مباشرة لانتخاب مستشار جديد، بل سيختارون النواب الذين سيشكلون البوندستاغ، ما يعادل إلى حد ما الانتخابات التشريعية في فرنسا على سبيل المثال.
لكن خلافاً لما هو معتاد، لا يعرف الألمان مسبقاً عدد النواب الذين سيتم انتخابهم عقب هذا الاقتراع. نظرياً يتألف البوندستاغ من 598 منتخباً، لكن منذ عام 2002 يزداد العدد، حيث سجل عام 2017 رقماً قياسياً بـ709 منتخبين. ومن المرجح أن يتجاوز هذا العام 800 أو ما يقارب الألف. و هذه إحدى النتائج الرئيسية لنظام التصويت الألماني المعقد للغاية.
لمن يتم التصويت؟
لكل ناخب ألماني صوتان. الأول يكون لاختيار ممثل واحد عن دائرته الانتخابية عقب تصويت بالأغلبية. بهذه الطريقة يتم انتخاب 299 نائباً لضمان حصولهم على مقاعد في البوندستاغ الجديد.
في نفس الوقت يصوت الناخبون مرة أخرى على قائمة على المستوى الوطني. وهذا التصويت هو الأكثر أهمية، فهو يحدد التوزيع النسبي لإجمالي عدد المقاعد في البوندستاغ بين مختلف الأحزاب التي حصلت على أكثر من 5% من الأصوات.
هذه النتيجة النسبية تسمح بمعرفة عدد المنتخبين عن كل ولاية والذين يمكن “نظرياً” لكل حزب إرسالهم إلى البوندستاغ، لكن يمكن لبعض الأحزاب الحصول على مقاعد نيابية أكثر مما أفرزت نتائج التصويت على القائمات الوطنية.
لماذا؟ لأنه وببساطة لديهم المزيد من المرشحين المنتخبين بفضل التصويت حسب الدوائر الانتخابية. فعلى سبيل المثال يمكن لأحد الأحزاب الفوز بثماني دوائر محلية لكن إثر التصويت على المستوى الوطني لا يتاح له سوى خمسة مقاعد، ثم في نهاية الأمر بإمكان هذا الحزب إرسال ثمانية منتخبين إلى البوندستاغ.
وضع غير مألوف لكنه وارد جداً في ألمانيا، خلال انتخابات 2017، في 13 ولاية من أصل 16، تمكنت أحزاب معينة- بشكل رئيسي الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي- من إرسال منتخبين كثر إلى البوندستاغ بفضل التصويت النسبي.
للتعويض عن هذا الفائض من النواب الذي يخل بتوازن القوى الذي حدده التصويت النسبي، تُمنح الأحزاب “المخدوعة” صلاحيات إضافية لاستعادة التوازن. وهو ما يقف وراء تضخم عدد المنتخبين..
من يترشح؟
يقدم 47 حزباً 6211 مرشحاً، إما على قوائم أو بشكل فردي في الدوائر الانتخابية، في جميع أنحاء ألمانيا.
الأحزاب الستة الرئيسية التي تأمل في تقاسم المقاعد في البوندستاغ هي: الحزبان التاريخيان الرئيسيان- حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) والحزب الديمقراطي الاشتراكي (يسار الوسط)- وأنصار البيئة بحزب الخضر، والحركة الشعبوية اليمينية المتطرفة “البديل من أجل ألمانيا”. وليبراليي الحزب الديمقراطي الحر وحزب اليسار الراديكالي “دي لينك”.
بعض الأحزاب اقتصرت على الترشح في ولاية واحدة، مثل غاردين بارتي- حرفيا حزب البستانيين- الذي لديه مرشحان فقط في ولاية ساكسونيا-أنهالت أو حزب الحب الأوروبي الذي يركز على ولاية راينلاند-شمال ويستفاليا.
هذا العام، قدم حزب يدعي صراحة أنه نازي مرشحين في ولايتي ساكسونيا وبافاريا. الويغ الثالث أي الطريق الثالث- إشارة مستترة إلى الرايخ الثالث- حزب لا يخفي عنصريته ومعاداته للسامية، اجتذب اهتمام الكثير بملصقات حملته التي تدعو إلى “شنق” المرشحين الخضر.
متى يعرف اسم خليفة أنغيلا ميركل؟
سيبدأ صدور النتائج الأولى اعتباراً من الساعة 6 مساء من يوم الأحد 26 سبتمبر/أيلول. وسيكون وقتها من الممكن معرفة الحزب المتقدم في الانتخابات.
إثر الإعلان عن الأحزاب المتقدمة في النتائج تبدأ جولة المفاوضات لمحاولة بناء تحالف يكون أساساً للحكومة الجديدة. هذا في حال لم يحصل حزب ما على الأغلبية المطلقة في نهاية الانتخابات وهو ما لم يحدث منذ عام 1961.
ويمكن لهذه المفاوضات أن تطول، فبعد انتخابات عام 2017 ، تطلب لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أنغيلا ميركل 117 يوماً لتشكيل الحكومة.
تتفق الأحزاب المتحالفة على اسم المستشار الجديد الذي يمثل أخيراً بعد ذلك أمام البوندستاغ الذي سينتخبه رسمياً.
في الوقت الحالي، المرشحون الرئيسيون لهذا المنصب هم: أولاف شولتز عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأرمين لاشيت بدعم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، وأنالينا بربوك عن حزب الخضر، وكريستيان ليندنر الذي يرتدي ألوان ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر. حزب البديل اليميني المتطرف يقدم من جهته ثنائياً مؤلفاً من تينو تشروبالا وأليس وايدل.
الأوفر حظًا
وقد تكهن مركز استطلاع الرأي الذي يشرف عليه غشفيند بشأن المرشح القادر على كسب أصوات الناخبين الأقل تحفظا. في البداية كان الاعتقاد أن مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك في الصدارة. لكن الصراعات داخل حملة بيربوك فتحت الباب أمام أولاف شولتز مرشح الحزب الاشتراكي، فيما بدا الحزب المسيحي الديمقراطي وكأنه لا يمتلك أجوبه عندما نهض خصمه القديم من تحت الرماد كمنافس جاد.
وقد قضى شولتز العديد من الأعوام في الائتلاف الحاكم بزعامة ميركل كوزير وكنائب لها منذ عام 2018، ولذا ترى هوير أن مرشح الحزب الاشتراكي قد حقق مكاسب جزئية من خلال خطف عباءة مرشح الاستمرارية من الحزب الديمقراطي المسيحي.
وتقول إنها تعتقد أن شولتز “سيكون قادرا على الاستفادة من حالة الاستياء (بين الناخبين) إذ كان بارعا في إظهار نفسه وكأنه مرشح الاستمرارية الأكثر أمنا، كذلك يبدو أنه الأقل احتكاكا وقد لا يكون مثيرا، لكنه على الأقل لن يكون مختلفا بشكل جذري عن الوضع الراهن المستقر الذي يرتقي لأن يكون الوضع المثالي”.
وتضيف بأن شولتز “من غير المرجح أن يتقدم كثيرا عما عليه الآن عند بدء التصويت، وذلك لأن حزبه لا يزال غير محبوب بشكل كبير”.
يعتبر سطوع نجم شولتز خلال الانتخابات العامة في ألمانيا غير منتظر بالمرة على الرغم من أنه كان بالإمكان التنبؤ به. فأولاف شولتز مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يمثل الوجه الأوفر حظا اليوم لخلافة أنغيلا ميركل كان قبل بضعة أشهر من الانتخابات العامة المقررة الأحد 26 أيلول /سبتمبر بعيدا جدا عن هذه الفرضية.
خلال شهر حزيران /يونيو، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ذيل المحافظين، ليس خلف الاتحاد الديمقراطي المسيحي فحسب، بل والخضر أيضا. لكن الوضع لم يتطلب أكثر من ثلاثة أشهر فقط لتنقلب الموازين وتفارق اللعنة التي لازمت هذا الحزب منذ العام 2000 وجعلته طيلة عقود في أواخر نتائج استطلاعات الرأي. حسبما أشارت فرانس برس.
ومن المفارقات في هذا السياق أن يجسد أولاف شولتز، وزير المالية الحالي ونائب المستشارة أنجيلا ميركل وأحد الكوادر الأقل تقديرا تاريخيا من قبل قاعدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، هذا الانتعاش الانتخابي الجديد لحزبه اليساري. -ويعتبر مراقبون هذا الأمر مجرد حسن حظ بحت إضافة إلى الأخطاء الفادحة التي ارتكبها خصومه السياسيون.
المصدر: فرانس برس ، صحف، مواقع إخبارية
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك: https://m.facebook.com/alwasatmidlinenews/?_rdr