من الذي يكتب ؟!… أحمد علي هلال

من الذي يكتب ؟.
الكلمة أم الصورة في عالم يسعى للحاق بركب التكنولوجيا ومغامراتها حدَّ النزق، وسيصبح السؤال المشروع حقاً ماذا ينبغي للكاتب والفنان والكثير ممن مسّهم شغف الإبداع، أن يصنعوا كي يجعلوا من الكلمة مأثرة!، ومن الصورة أثراً باقياً لا يزول!.
قيل الكثير وترجح ذلك في الوعي الجمعي، إن الصورة بألف كلمة، وبالمقابل كيف ستكون الكلمة بألف صورة!، ليس ذلك تمجيداً آخر للواقعية السحرية التي تجاوزها الواقع، بقدر مايملي –هذا الواقع- بمتغيراته على خطوط الطول والعرض العمق، شكلاً للكتابة لن نختزله هنا بالشكل العابر للأجناس فحسب، بل الأكثر تمثيلاً للحياة، وهي كما يذهب بعضهم أنها خرجت عن تصنيف بعينه.
من الذي يكتب ؟! …
مثلاً كيف يجد الشعراء المعادل للقلق الوجودي، أو كيف سيكتب روائي روايته والحياة بذاتها رواية، فمن التندر القول هنا إن روايته ستصبح هامشاً يتيماً على متنها، تلك معضلة الفنون في اجتراح مآثرها المحمولة على هاجس الصورة، الصورة الكلية التي تعني جدلية هذا الأثر الإبداعي باختلاف تجنيسه، وموضعته في السياقات الإبداعية، فقد أجاب همنغواي ذات مرة عن سؤال بسيط لكنه الأكثر تركيباً في متخيله: كيف نكتب رواية؟، فقال همنغواي دون تعجل: (عليك أن تشنق ذاتك.. وبعدها تكتب بعد الشنق).
بطبيعة الحال لا يأخذنا همنغواي إلى الموت المجرد، بل إلى الموت المجازي، أي أن يعاني هذا الكاتب ويذهب في إثر طرائده وجنياته وفراديسه المفقودة، ولعل ذلك ما يفسر على الأقل أنه ما من نصٍ صاف، فمن يكتب النص إذن إذا استقر مصطلح النص بعيداً عن فوضاه واختلاطاته المنهجية؟، سيقول قائل هنا : إن النص تجربة فردية، تحمل في المنتهى اسم كاتبها، لكن ماذا عن حوامل هذا النص من الذاكرة إلى الرؤيا، إلى شغف التدوين، كل ذلك لتنهض الرواية بوصفها كما قال (مالارميه): إن الرواية هنا انثربولوجيا العالم، من تمنحنا القدرة على الإدهاش أكثر لتتبصر هذه الحياة في أمدائها الخفية وتخومها القصية، وجمرها الغافي تحت جلد الحكاية.. لماذا الرواية؟ لأنها أصبحت مغامرة جمعية يتنكبها المبدعون، لا لينوعوا على عوالمهم الإبداعية إن كانوا شعراء أو سوى ذلك، بقدر ما يذهبون إلى المساهمة بتشكيل الرؤيا في عالم لا توصيف له سوى زمن الملح.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews