معرض “روح تتحرر”.. الأشجار لا تعرف الموت لأنها خالدة
ثلاثي حلب.. يمررون رسائل إنسانية عبر لوحات تشكيلية

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس
ماذا توحي لك الأشجار، فرادى وجماعات.. بقدم متجذرة في القاع، ورأس مرفوعة في الفضاء؟
أي شموخ لديها، في كل أحوالها؟ حتى حين تحترق؛ تُفنّد مقولة “الأشجار تموت واقفة” فتنفض عن أكتافها الرماد وتغتسل بالمطر وتنتعش مؤكدة أنها صامدة، لا تعرف الموت كونها خالدة.
فكيف إذا اقترنت الشجرة بالتحرر من قيود النار، تمدّ أغصانها إلى الجهات، تلوّح أنني ها هنا باقية، لأنني روح حرة.
روح حرة! هذه هي أولى رسائل معرض ثلاثي حلب المشترك: الفنانة التشكيلية بثينة عرابي، والفنانة التشكيلية دعاء فاضل بطيخ، والفنان التشكيلي مصطفى جرجنازي. الذي اقتصر على لوحات “الأشجار” فقط. وقد اتفقوا على عنوان عريض لمعرضهم “روح تتحرر” الذي أقيم مساء أمس في “المركز الثقافي العربي” فرع العدوي. وافتتحه مدير ثقافة دمشق الأستاذ وسيم مبيض، وعضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق الأستاذ فيصل سرور، ورئيسة المركز الأستاذة ريم الطيلوني، ونخبة من الفنانين التشكيليين والإعلاميين والمهتمين بالفنون وروّاد المركز.
.
.
وجد الفنانون في “الشجرة” السامقة، الأداة المثلى للتعبير عن أرواحهم وأفكارهم، فكانت الشجرة رمزاً للذات، ورمزاً للروح، ورمزاً للوطن، وجدوا في شموخها مرآة تعكس اسم ومعنى وتاريخ وجغرافية سورية.. كل منهم بحسب منظوره ولغته اللونية ونصوصه التشكيلية.
فالفنانة بثينة عرابي حافظت -في لوحاتها التي شاركت بها- على هويتها وأبجديتها اللونية التي تميل إلى ثلاثي الأزرق والأخضر والأحمر، وتعددت أفكار لوحاتها من حيث رمزية كل شجرة، ووظفت حرائق الأشجار في لوحتين قبل وبعد. قبل يعني الأخضر وبعد يعني الأحمر الذي أطفأته النار. فضلاً عن لوحات رسمت الشموخ الإنساني والثبات الوطني بإبداع فنانة متمكنة.
.
.
في الطريق إلى التحرر الفكري، والتحرر من كل ما يعيق تطور الإنسان وإثراء تجربته، لجأت الفنانة دعاء بطيخ إلى التخلص من أوراق الأشجار الذابلة، وأعادت الشجر إلى أصله وعرّيه، رمزاً إلى الخلاص من الأحزان والآلام، وقيامة الإنسان والأوطان من الأزمات والملمات، وقدمت مجموعة لوحات لأشجار في معظمها عارية إلاّ من ضوء القمر، محافظة على ثنائية النور والعتمة في امتداد لسلسلة لونية من الذهبي وصولاً إلى البني القاتم، تجلى فيها الإبداع خاصة في جدارية شعّ منها اللون الذهبي وتصدرت قاعة المعرض.
.
.
عكست لوحات الفنان مصطفى جرجنازي فكرة المعرض، بحيث اتسمت لوحاته بألوان ناصعة أقرب لهيئة الروح في المخيلة البشرية، ألوان زاهية منعشة مريحة، خاصة في لوحات الزهور. بينما لوحات الأشجار اتصفت بالحيوية والحياة والتحرر من المدنية والعودة إلى الطبيعة والانعتاق. فبرز اللون الأخضر على الجدار المخصص للوحاته، يوحي بعودة الحياة إلى الوطن وسيادة اللون الأخضر رمز الحياة والعطاء.
.
.
قدم الفنانون الثلاثة -بذلك- معرضهم ؛ كرسائل إنسانية، فيها الحلم والواقع، والأنا والآخر، والعتمة والنور، والحزن والفرح، والذات والوطن.. بأساليب لونية وتقتنيات متعددة. وعملوا على لوحاتهم زمناً كافياً امتد لعامين (2018 إلى 2020) وثمة لوحات استلزمت منهم شهوراً لإتمامها.بينما استلزم منهم الإبداع عمراً بأكمله قضوه مع الريشة واللون والطموح.
.