العناوين الرئيسيةحرف و لون

مظفر النوّاب .. ثلاث أمنيات على بوابة السنة الجديدة ..

مظفر النوّاب ..
مَرةً أُخرى على شُباكِنا تبكي
ولا شيء سِوى الريح
وحبّاتٍ مِن الثلجِ وحُزني
أَنا حُزني بالعراق
مرةً أُخرى يَنُثُّ الدمعَ
في صَمتي على صَمتِ الزُقاق
مرةً أُخرى أُمَنّي بالكوابيسِ فؤادي
وأُضيء الشمعَ وحدي
وأُوافيهِم على بُعدٍ
وما عُدنا رفاق
لم يَعُد يذكُرُني منذُ اختَلَفنا
أَحَدٌ غيرَ الطريق
صارَ يكفي
فرحُ الأَجراسِ يأتي مِن بعيدٍ
والصَهيلِ الأُنثَويّ الفَجّ
يستَنهِضُ عَزمي
تَعَبَ الأَيامِ. أَحزاني. شُموعي
سفُنُ الميناءِ لا تَشحَنُني
والقاطراتُ استَثقَلَت حُزني
كَم ضَخمٌ رجوعي
وأَثينا كلُّها
في الشارعِ الشتويّ كالشَّهوةِ
هل أَخرجُ للشارعِ؟
مَن يعرِفُني؟
مَن تشتريني بقليلٍ مِن زوايا عينِها؟

تَعرِفُ شَدّاتي وضَمّي ودموعي..

أَي إلهي إن لي أُمنيةً
أَن يسقطَ القَمعُ بِداءِ القلب
والمَنفى يعودونَ إلى أَوطانِهِم

ثُمّ رجوعي

لم يعُد يذكُرُني منذُ اختَلَفنا
غيرَ قلبي والطريق
صارَ يَكفي
كلُّ شيءٍ طعمُهُ طعمُ الفراق
حينما لم يبقَ
وجهُ الحِزبِ وجهَ الناسِ
قد تَمَّ الطلاق
حينما ترتَفِعُ القاماتُ
لحناً أُمَمِياً
ثمّ لا يأتي العراق
كان قلبي يضطرِب
كُنتُ أَبكي
كُنتُ أَستَفهِم عن لونِ عريفِ الحَفل
عَمَّن وجَّهَ الدعوةَ
عَمَّن وضعَ اللحنَ
ومَن أَنشَدَ.. ومَن قادَ
أَستَفهِمُ حتى عن مذاقِ الحاضرين
يا إلهي
إن لي أُمنيةً ثالثةً
أَن يرجِعَ اللحنُ عراقياً
وإن كان حزين
إنهُ صَمتُ الفراق
لم يعُد يذكُرُني منذُ اختلفنا
أَحدٌ في الحَفلِ غير الإحتِراق
كانَ حَفلاً أُمَمِياً
إنما قد دُعِيَ النفطُ
ولم يُدعَ العراق
يا إلهي. يا إلهي. يا إلهي
رَغبةٌ أُخرى إذا وافَقت
أَن تَغفِرَ لي بُعدِيَ أُمي
والشُجَيراتُ التي لم أَسقِها
منذُ سِنين
وثيابي كُلُّها غيّرتُها أَمسِ
بثَوبٍ دونَ أَزرارٍ حزين
صارت الأَزرارُ تُخفيهِم وتُخفيني
فَحَذَّرتُ الهوى والعاشقين
لا يُقاسُ الحُسنُ بالأَزرارِ
بل بالكَشفِ

إلّا في حِسابِ الخائفين.

مظفر النوّاب .. شاعر عراقي

 

تابعونا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى