العناوين الرئيسيةالوسط الثقافي

محمد سمير طحان: أحاول عبر أعمالي إخراج الشظايا التي أصابت روح إنساننا وتطهير الجروح

"نوافذ" تركز على القيمة الإنسانية والفكرية والإبداعية لدى الأفراد..

|| Midline-news || – الوسط …
حوار: روعة يونس

.
يحقق المبدع محمد سمير طحان معادلة صعبة، الكثرة والجودة معاً، لينتج عنها منجز إبداعي. فهو منذ سنوات يجمع بين وفرة المجالات الثقافية الفنية التي يخوضها (كتابة القصة والسينما والمسرح) وبين الحرص على أن تتسم بالإبداع والقيمة الوطنية الإنسانية.
وهذا ينسحب على الشق الصحفي في عمله الإعلامي كمعدّ برامج وأفلام وثائقية للتلفزيون السوري ووكالة أنباء سانا، إذ اتصف دائماً بجماليات اللغة والتوصيف والحس الثقافي العالي.
واليوم (خلال نشر الحوار) تقام فعالية تتصل بفيليمين كتبهما الأستاذ طحان، وقام بإخراجهما “اللعبة” و”رائد فضاء” حيث يستضيف “مجمع دمّر الثقافي” من خلال مشروع “نوافذ” الذي يعده ويشرف عليه الإعلامي ادريس مراد، لعرض ومناقشة الفيلمين ضمن ندوة يشارك بها الأساتذة نضال قوشحة وسامر الشغري، بحضور الممثلة الشابة مادونا حنا والممثل الطفل جواد السعيد.
ارتأت “الوسط” أن تسبق الحدث وتقف مع كاتبنا المبدع على هذين العملين وما سبقهما ويليهما من أعمال. بخاصة أنه كان دائماً المثقف الحريص على الالتزام بقضايا الإنسان السوري وطرح هموم المرأة والطفل، ومحاولة بث الآمال وعدم الاكتفاء بتسليط الضوء على الآلام.
.

.

“تطبيب الأرواح”
تكتب في مجالات عديدة (صحافة وقصة وسيناريو أفلام وسينما ومسرح) وبعبارة واحدة: ما الذي تريده من الكتابة؟

  • خلال سنوات الحرب عانينا جميعاً من أزمات عامة وخاصة، وعن نفسي فقد وجدت في الكتابة عموماً ملجأ لتطبيب روحي مما أصابها من شروخ عميقة. وأردت من خلالها أيضاً تطبيب ما استطعت إليه سبيلاً من أرواح مكلومة، فتوجهت إلى القصة القصيرة، والسيناريو السينمائي. وفيما بعد للكتابة المسرحية، إلى جانب استمراري في عملي الصحافي.
    .

.
إنما الملاحظ أن عملك الصحافي أخذ بعداً توثيقياً.. فما الدافع لذلك؟

  • هذا التوجه تمّ خلال السنوات العشر الماضية.. عبر سلسلة من الحوارات أجريتها مع مبدعين سوريين في كافة المجالات، ومن كامل الجغرافيا السورية، وحتى من خارجها. وذلك سعياً مني لجمع شتات هؤلاء المبدعين في سياق ثقافي وطني واحد. مما أنتج مئات الحوارات في شتى صنوف الثقافة التي يُستند عليها اليوم في عدة دراسات أكاديمية حول الفن السوري.
    .

.
“التوجه إلى الأفلام”

بالعودة إلى كتابة السيناريو، لنتابع معك ونتعرف إلى بداية هذه الرحلة؟

  • كانت البداية مع سيناريو فيلم “الدمية المحاصرة” الذي فزت من خلاله بجائزة مسابقة سيناريو “سينما الأطفال” بدورتها الأولى، والتي أطلقتها “المؤسسة العامة للسينما” عام 2015.
.
.

شهدت الأونة نفسها أكثر من سيناريو أو عمل لك؟

  • نعم، ففي ذات الوقت كنت كتبت سيناريو فيلم “اللعبة” واستفدت من حماس عدد من زملائي في “وكالة سانا” لنقوم بتنفيذ هذا الفيلم كعمل جماعي، دون جهة إنتاج! وكان ذلك في ظروف غاية في الصعوبة، وبمساعدة طاقم فني متطوع ومميز من الفنانين والفنيين.
    فيلم “اللعبة” تمّ تصويره على مدى يومين في “دار أوبرا دمشق” وشاءت الأقدار أن يعرض الفيلم بذات الصالة التي صورناه فيها ضمن عروض تظاهرة “إنتاجات لأول مرة” في الدورة الرابعة من “مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة” عام 2017. وهو يطرح في أقل من عشر دقائق موضوع فقدان فتاة لحبيبها بسبب الحرب، وما تركه من ألم وانكسار لديها، وكيف استطاعت أن تخرج من هذا الانكسار بقوة الإرادة والتحدي للواقع الصعب. واستخدمت فيه الأسلوب التعبيري من خلال التناوب بين الرقص والأداء الإيحائي، في مزج بين الحلم والواقع؛ ضمن الإمكانات التقنية والفنية البسيطة التي كانت متاحة لنا في وقتها.
    .

.

“تنويه لجنة التحكيم”
وصلنا إلى فيلم “إشارة حمراء” الذي شاركت به في دورة أخرى من المهرجان ذاته؟

  • صحيح، نفذت فيلم “إشارة حمراء” ضمن منح مشروع “دعم سينما الشباب”، الذي عرض ضمن مسابقة الدورة الخامسة من “مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة”، وبعد عرض ضمن تظاهرة “أيام دمشق السينمائية” نال تنويهاً من لجنة التحكيم، ويحكي الفيلم قصة طفل فقير يببع الورد على إشارة المرور، يدفعه إحساسه المرهف وشغفه الفطري بالموسيقا لدخول معهد فني ليرى ويسمع من أين تأتي تلك الألحان الجميلة! وهناك يشاهد فتاة صغيرة جميلة تبتسم له فيبادلها الابتسامة، إلا أن تلك السعادة الصغيرة لم تدم طويلاً؛ لتمتد يد المستخدمة إلى اذنه وتسحبه منها وترميه خارجاً مكسوراً محطم الفؤاد، فيعيش بعدها حلمه الذي نظنه واقعاً؛ ليكتشف في النهاية أن الواقع أقوى من الحلم! فيتمرد على ذلك الواقع بلقطة ختامية نشاهد فيها وجهه الغاضب باللون الأحمر وهو ينظر بكل تحدي إلى تلك الإشارة الحمراء التي تمنعه عن كل أسباب الحياة.
.
.

ضعنا إذاً في صورة باقي أعمالك السينمائية، خاصة أنها نالت استحساناً وثناءً كبيرين؟

  • قدمت بعد تلك الأفلام، فيلم “رائد فضاء” ونفذته أيضاً ضمن منح مشروع “دعم سينما الشباب” بدورته السادسة، وهو فيلم مدته أقل من عشر دقائق، نرى من خلاله ومنذ اللحظات الأولى تعلق الطفل رائد بحلمه في أن يكون رائد فضاء. حتى يقف أمام معلمته الجديدة ويخبرها بهذا الحلم. لكن سوء تقدير تلك المعلمة الشابة جعلها تسخر بغير قصد من ذلك الحلم رابطة اسمه بحلمه مما يتسبب له بالغصة والألم، لكنها سرعان ما تشعر بضرورة مصالحته لتعاود سؤاله في مكان ثان عن سبب رغبته بأن يكون رائد فضاء، لنكتشف أن سبب حلمه هو رغبته بالصعود إلى السماء ليرى والده الشهيد الذي اشتاق إليه كثيراً! وفي ذات الدورة السادسة عرض فيلم من كتابتي بعنوان “قضبان المدنية” لكنه ليس من إخراجي، ويتحدث عن طفل تشرد مع أختيه في الشوارع بعد موت والديهما في الحرب، ونراه كيف يسعى جاهداً لتأمين لقمة عيشهم رغم كل الصعاب والتحديات، وبأسلوب يعتمد على التشويق والمفاجأة في النهاية.
    ومؤخراً.. نفذت هذا العام فيلم وثائقي بعنوان “نساء من سورية” عرض على قناة “السورية الفضائية” وهو ضمن سلسلة وثائقية أعمل على تنفيذها، أركز فيها على الجانب المشرق في المرأة السورية وقدرتها على تحدي الظروف الصعبة والواقع الرديء، عبر تقديم نماذج ناجحة من المجتمع السوري استطاعت أن تثبت ذاتها خلال سنوات الحرب.
    .
.

“نوافذ.. أبو الفنون”
بعد سلسلة أفلام رائعة، توجهت إلى “أبو الفنون” حدثنا عن تجربتك المسرحية؟

  • قمت في العام الماضي بتقديم عرض مسرحي بعنوان “الطين الأحمر” من تأليفي وإخراجي على خشبة “مسرح القباني”. ضمن منح “مشروع مسرح الشباب” التابع لخطة “مديرية المسارح والموسيقا” وهو أيضاً يركز على المرأة وما ألمّ بها من انكسار بسبب الحرب، بأسلوب تجريبي يخلط بين السينما والمسرح. فما يشغلني في عالم الكتابة هو الإنسان السوري وخاصة الطفل والمرأة، وما ألمّ بهما من انكسارات وشروخ في عالمهما الداخلي؛ سواء في الروح أم في الفكر. وأحاول رصد تلك الشظايا وإخراجها للعلن وتسليط الضوء عليها لأن بداية التداوي تكون بتطهير الجروح وإخراج ما أصابها من تقرحات والتهابات، وذلك ضمن حالة تراعي الواقع والظروف المحيطة والإمكانات المتواضعة المتاحة.

.
بعد ساعات ستتوجه إلى “مجمع دمّر الثقافي” حيث تقام ندوة تكريمية لك من خلال مناقشة تتصل بفيلميك (اللعبة- رائد فضاء) كيف تنظر إلى هذا الحراك الثقافي بمجمله؛ والمؤثر في المبدع والمتلقي؟

  •  نعم، أود التنويه بأهمية المشاريع الثقافية التي تحمل فكراً استراتيجياً تراكمياً، وتركز على القيمة الإنسانية والفكرية والإبداعية لدى الأفراد، لما لهذه المشاريع من أهمية بالغة في حالتنا السورية المحتاجة لإعادة بناء الإنسان في البداية قبل إعادة اعمار الحجر. و”سلسلة نوافذ” التي يعدها ويشرف عليها الزميل الإعلامي ادريس مراد تأتي ضمن هذا السياق. وأيضا عملك أنتِ داعم للحركة الثقافية- الفنية ومبدعيها. ففي النهاية نحن جميعاً جداول ماء ترفد نهر الثقافة السورية العظيم ومعاً نكون أقوى وأعذب.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى