العناوين الرئيسيةالوسط الثقافي

ماهر رجا: أشعر أنني لم أكتب شيئاً بالقياس إلى سطوة الوقائع وقسوة الجرح

نحاول النجاة من النسيان لإبقاء الوطن الذي لم نره في الروح الوجدان والفكرة

|| Midline-news || – الوسط
حوار: روعة يونس


.
كان لهذا الحوار مع الأديب ماهر رجا، أن يتم ويُنشر في “الوسط” قبل شهر. لكن لم نجد أجمل وأنبل من ذكرى “يوم الأرض” لنستضيفه في حوار عن الأرض. أرض الانتماء، أرض الهوية، أرض الهوى، أرض الشعر والنثر والمسرح والإعلام.

فأديبنا تستهويه الكتابة في أجناس أدبية مختلفة؛ إلى جانب الشعر، الوطن الحقيقي بالمعنى الأدبي -كما يصفه- فيكتب في تلك الأجناس ممتلكاً التميمة اللامرئية التي منحته سراً إبداعياً يخصه.. ولعل في كتبه التي أصدرها؛ وأعماله الأدبية المتنوعة؛ ومنجزه الإبداعي ككل، وجوائزه، ما يؤكد على تميزه أديباً إنسانياً يحرث أرض كتابته ويحرسها.

وهو مميز حتى في مقاربته لنا لثنائية (الهوية والهوى) مؤكداً أنه لا يمكنه فصد كريات دمه الفلسطيني عن تلك السورية فهما في مسرى واحد.. وبالنسبة له كانت سوريا -كما يقول- معادل التوازن في الحكاية.
والحكايات كلها، هنا في هذا الحوار مع ابن الأرض الفلسطينية الأديب ماهر رجا.
.


.

“حكاية الكتابة كالحياة”
معك يا أستاذ ماهر، نقف أمام مجموعة لا فرد. فنحن أمام شاعر وكاتب ومسرحي وإذاعي وإعلامي. والأهم -وبكل فخر- نحن أمام فلسطيني.
لدي سؤال يفرض نفسه بإلحاح: في أي مجال ثقافي تجدك أكثر؟ أم أن كل هذه المجالات لا تكفي لتمرر رسائلك المتنوعة، وتعبّر عن مواقفك؟

-الشعر بالنسبة لي هو بيت الإقامة الدائمة منذ البدايات البعيدة. ومازال ذلك المكان الأسطوري الساحر الأرض التي أصبو إليها حين تلح الكتابة.. الوطن الحقيقي بالمعنى الأدبي لروح الكلمات وعائلة الرؤى والتعبير عن المشاعر والتصورات.
لكن الكتابة في أجناس أدبية مختلفة تستهويني أيضاً. وذلك بالنسبة لي ليس مجرد بحث عن شكل فني وإبداعي مختلف، على افتراض أن الشعر في لحظة ما لا يمكنه التعبير عن موقف معين أو فكرة. الأمر كما أراه مع الكتابة المسرحية أو كتابة القصة القصيرة مؤخراً، أشبه بمحاولة اكتشاف طرق وأماكن أخرى في الرحلة.
اللجوء إلى طرق تعبير مختلفة عن الفكرة يشبه الحياة.. حكاية الحياة على وجه الأرض زاخرة بتنوع الأشكال والطرقات والأحداث والمشاهد، متسعة إلى أبعد حد ومتداخلة..
في لحظة لا يريد طائر أن يستخدم جناحيه، يفضل المشي على أرض البساتين أو الوقوف على غصن بدلاً من التحليق.. الأمر نفسه  بالنسبة لأفعال الكتابة . أحياناً تشعرين أن فكرة ما تأخذك إلى الاسترسال النثري الذي تجيده القصة أو الى الحوار والخطاب الذي تستريح فيه المسرحية.
الكتابة في المسرح أو القصة القصيرة هي كما أراها كاكتشاف أماكن وأراض أخرى في الغابة الوحدة.. يمكن للشعر طبعاً أن يعبر عن ذات الأفكار. لكن الشعر شديد التكثيف وله لغة رمزية وبرقية يفضلها. أما في المسرح والنثر عموماً فهناك مساحات سرد، مدى هادئ كالتنزه في درب طويلة.. الشعر يرمي إشارة في حين أن النثر لا يكتفي بذلك ويود أن يفصّل معالم الأحداث والمشاعر.
الشعر خاطف وحاذق وآسر كمشهد الطبيعة من نافذة قطار سريع، أما النثر فله أرض أخرى.. أفكار الشعر وصوره تحتاج إلى ثوب العاصفة أو أردية أطياف التأمل والليل، فيما يليق بالنثر الإطار الفني الأبسط أو لنقل الأطول نفساً والأكثر تسامحاً مع الإطالات السردية.
.

.
لنبدأ مع شاعر “هواجس الفتى الغافي” و”العربات” و”الغريب وأنا” وقصائد كثيرة، عكست لغة تتصف بالبساطة والعمق معاً. وطرح تتناغم فيه الفلسفة مع الفكر، والعذوبة مع الألم. كيف ابتكرت لغتك الخاصة وحققت حضورك في الساحة الثقافية، في زمن ازدهار أو لنقل شيوع الشعر (بدليل حصولك على جائزة عربية مهمة)؟

-لا أدري إن كنت قد ابتكرت حقاً لغتي الخاصة أو أنها هي من وجدتني.. في البدايات هناك صورة دائماً، نمط أو مثال يسعى الكاتب المبتدئ وراءه. وبطبيعة الحال لم يكن ممكناً لي في تلك المرحلة أن أتبين ملامح أدبية تميزني. لم يكن ذلك سهلاً آنذاك! ففي البدايات، وأمام كنوز الأدب التي رحت أتعرف عليها؛ كنت أحس انني مثل ولد قروي تائه في دهشته داخل عرس للغجر بكل ذلك الرقص وتلك الألوان.
في مرحلة لاحقة تتغير الأشياء. يدرك المرء أن عليه في رحلته القصيرة في هذا العالم أن يقدم إضافة ما في المكان الذي يتواجد فيه وأن يزرع نباتاً مختلفاً في حقل هذا المدى المفتوح أمام كل الأقلام.. ما الذي سيضيفه كاتب يشبه سواه ويتدرب على التفكير كسواه؟..  اللحظة الفاصلة في ذلك التغير تبدأ حين تبدئين في التفكير بأن هناك في ما تكتبين أشياء لا تشبهك ولا تشبه روحك. تبدئين بالإصغاء الى عالمك الداخلي أكثر، وليس ذلك فقط، إذ ينبغي أن يكون لذلك العالم رموزه وأدواته الخاصة، أجواؤه وطريقته في البناء والتعبير.. وأحياناً يحدث ذلك التغير دون قرار مسبق، يحدث على نحو تلقائي، فيشعر الكاتب بأنه بات يمتلك تلك التميمة اللامرئية التي تمنحه سراً إبداعياً يخصه دون سواه.

.
“نبض حياة واحد”

“يوم تنتهي الحرب” أوحت بفعل تاريخ إصدارها (خلال الحرب على سورية) أنها تعكس مواءمة بين فلسطين وسورية، وواقع مقاومتهما ونضالهما. هل يصح هذا الانطباع؟

-أجل بالتأكيد “يوم تنتهي الحرب” كتاب شعري متنوع الموضوعات لكنه سوري الهوى في أصالة القول وظلال الصورة. القصيدة التي تحمل عنوان المجموعة تنظر إلى المستقبل في محاولة لاستدعاء صورة البلاد وقد انتهت فيها الحرب واستتباعاتها نهائياً وإلى الأبد.
حين  أكتب عن الشام وأهل الشام فأنا أكتب عن نفسي. لا يمكنني فصد كريات دمي الفلسطينية عن تلك السورية فهما في مسرى ونبض حياة واحد. كما أنه ليس من فارق واحد بين دمشق والقدس، بين فلسطين وسوريا.. كل ما تعانية فلسطين يشبه مصاب سوريا ويتراسل معه والعكس صحيح.
“يوم تنتهي الحرب” فيه محاولة مبكرة للكتابة عما أصابنا فجأة جميعاً في الروح في سنوات الجحيم تلك. لكنني أشعر أنني لم أكتب شيئاً بالقياس إلى سطوة الوقائع ومدى قسوة الجرح.. كل تلك المشاهد، كل الأحلام الذبيحة، هبوب أعاصير الحرب على بلد ما كان يخطر لنا في أسوأ الاحتمالات أن يواجه ما حل به، كل ما تعرض ويتعرض له على مدى عقد كامل، سيظل من الصعب أن يحتوي كتاب واحد شجون ذلك الكابوس.
على أن سوريا أشبه بغابة من السنديان لا تقتلعها رياح الأزمنة. لا حاجة لعرافين ونبوءات كي يثق القلب أن بلاداً بكل هذا العمق في الجغرافيا والتاريخ ستبقى وستنهض من جديد.
.

.
أذكرُ حين كنتُ في الإمارات، نالت “صمت ابن آوى” مسرحية لك “جائزة الشارقة للإبداع” وكتبت قبلها أعمال (لم تطبع كذلك) فلماذا لم نقرأ لك إصدارات مسرحية، وكما تعلم نعاني ندرة النصوص المسرحية في بلادنا العربية؟

-اسمحي لي بتوضيح.. لم أطبع عملاً مسرحياً واحداً. الحديث هنا عن “صمت ابن آوى” التي نالت “جائزة الإبداع العربي في الإمارات”- عام 1998. وصحيح لقد كتبت قبلها ثلاثة أعمال مسرحية “للخشبة” كما يقال في لغة الإنجاز المسرحي، أحدها بعنوان ” السر” بالتعاون مع أخي الراحل بسام رجا. وأقصد بذلك أعمال مسرحية لم تطبع ولكنها كتبت لأشغال المسرح مباشرة.
من بين تلك الأعمال أيضاً مونودراما بعنوان “الطوق”، ومؤخراً انتهيت من كتابة عمل مسرحي جديد بعنوان “جسر الليلة السابعة” وأبحث عن دار نشر جيدة لإخراجه إلى النور.

الكثير من الوجائع والفقد والأحزان.. مقابل الكثير من الثبات والصبر والتفاؤل، هذه أولى ملامح نصوصك الوجدانية. ما الذي يتطلبه منك إنجاز هذه النصوص وفق هذه المعادلة الأشبة بالحياة نفسها؟

-على نحو ما يبدو أن الجانب الجميل من الحياة ما كان له أن يأتي لولا الكثير من التعب والألم.. قد تتفقين معي أن ذلك هو الحال في حكاية الحياة البشرية. ما من أحد يكره أن يلمس فراء الأمان الدافئ، وما من أحد طبيعي السريرة لا يحب أن يرى السعادة وطيور الطمأنينة تغمر سماء العالم.. لكن تلك أمنية. غالباً تولد الأشياء الجميلة من رحم التعب. في كثير من الأحيان؛ الأفراح تكون طارئة، وكل ما يحدث أن الإرادة البشرية تنجح في الاحتيال على مقاليد تلك الصورة.
هبة الحياة البشرية من الخالق للإنسان هي أروع ما نحمله ونجهله أحياناً. ولكننا إذ نعيش الحياة نتبين آلامها، الألم الذي يمكننا أن نجعله أملاً يعادل معنى الفرح.. والأصعب أن تعيشي الحياة وتراقبيها في ذات الوقت، ففي ذلك تعب آخر.
في الكتابة الأدبية على مر العصور؛ أكثر الإبداعات الخالدة تلك التي تناولت التراجيديا البشرية حتى وهي تتحدث عن الحب.. ارحلي في خيالك قليلاً وراجعي قائمة سريعة من الأعمال الادبية العظمية وسيتأكد لك ذلك.
فوق هذا، الكاتب يتأثر بمكانه. المكان له ثقل الجبال على الموضوعات، ونحن أبناء منطقة عربية جريحة محاطة بليالي الذئاب، مستهدفة وملتهبة ومغمورة بالمآسي اليومية منذ ما قبل قيام ما يسمى اسرائيل، ولا يستطيع الكاتب أن يتجاهل ذلك ويتحدث خارج الصورة. لكن أرجو أن يفهم القارئ أنها ليست دعوة مني إلى كتابة الكآبة وتلطيخ الورق كل الوقت باللون الأسود، وأنا كما أظن لست متجهماً في كتابتي. في كثير من الأحيان أكتب في الحب وصور الحياة عموماً.
.

.
“أغصان الياسمين والزيتون”
يدور الصحفي عادة حول سؤال عن مفارقة المكان بين سوريا وفلسطين في الحياة والكتابة.. كما لو أنه معيب أن نسأل أديب أو فنان أو إعلامي عن انتمائه لوطن وموطن. أو لوطنين أو مكانين. كما لو أن القلب والضمير لا يتسع لهذه الثنائية. فهل تحول دون دوراني حول (هنا سوريا.. وهناك فلسطين) وتحدثني عن هذه المفارقة في حياتك وكتاباتك؟

-أنا فلسطيني، ولدت في سوريا عام 1961، والداي هُجرا من فلسطين إثر نكبة عام 1948 وقيام كيان الاحتلال.. كشأن أبناء جيلي، أدخلتني التجربة في التباس الهوية والمكان. الحياة في وطن الذاكرة ليست بالأمر اليسير.. كان علينا أن ننجو من النسيان وأن نحمل في الوجدان والفكرة وطناً لم نره وأبقيناه في أرواحنا حاضراً بقوة الإصرار ودم الذاكرة التي حملها أهلنا عن بيوتهم وأرضهم بكل تفاصيلها.
هل نجحنا في ذلك؟.. نعم فعلنا، لكن بالكثير من جراح الروح.. لقد كنا على نحو ما أبناء حكاية دفعتنا دفعاً إلى ما يشبه الأسطورة التي لم نكن نريدها.. الأصعب في هذا أنك أمام بطولة أنت مرغمة عليها بكل ما تملكين من خوف وإحساس بالضياع..
بالنسبة لي كانت سوريا معادل التوازن في الحكاية.. الأرض التي اتكئ عليها حين تتأرج قدمي على غمام التباس المكان. وحتى الآن أفكر بالشام حين أفكر بفلسطين وأفكر بفلسطين حين أفكر بالشام.. حتى في أحلامي في الصغر، كانت الأحلام تقترح علي أماكن من بلاد القمح الياسمين سوريا حين أحلم ببلاد البرتقال والزيتون فلسطين.
قلت في مقابلة مرة: لو عادت فلسطين فإنني في طريق الرجوع سألمس في صدري ياسمين الحنين إلى الشام.
بين سوريا وفلسطين تخاطر التوائم الذين يشعرون بأقل خلجة فكرة أو روح لدى بعضهم البعض.. وما يحدث في سوريا ولها يقع لأنها تشعر بفلسطين وما يحدث لفلسطين يصيب سوريا في جهة القلب سواء كان فرحاً أو فاجعة. من المستحيل فصد دم الاختين وآلامهما، ليس بلغة الخنادق وحسب ولكن بجهة العدو والصديق والمستقبل.. تنجو حيفا إن نجت دمشق، وينطفئ النهار الفلسطيني إن أصيبت سوريا.

ذكر  الكاتب والناقد الجميل أحمد علي هلال أنك “لست فقط شاعر ومسرحي مهم، بل أيضاً كاتب وإعلامي متمكن، من خلال متابعته لبرامجك سابقاً في “إذاعة القدس”. وسؤالي: ما الذي تنوي طرحه لو قيض لك إعداد وتقديم برنامج جديد؟

-التحية أولاً للصديق الناقد أحمد هلال… الإعلام أمر آخر. العمل فيه يتطلب روح كاتب وقدرات كاتب -كما أعتقد- كي يكون الإعلامي ناجحاً. لكن وعلى الرغم من أنه كسواه من الأشغال الكتابية، ينطوي على إابداع ومخيلة إلا أنه أقرب إلى كونه مهنة.
أما عن سؤالك، فأنا أميل إلى البرامج الثقافية التفاعلية، تلك التي تعرض الظواهر الثقافية وظلالها الاجتماعية والسياسية؛ بالتواصل مع الناس، وبطريقة غير تقليدية وتبسيط يسهم في جعل البرنامج الثقافي مسلياً لا متعالياً على الناس… هناك طبعاً أفكار كثيرة ربما لا مجال لذكرها هنا.
.

.
“كسر جناح الروح”
الحوار معك لا يمكن إلاَ أن يتوقف وبود واحترام عند شقيقك الأديب والمناضل الراحل د.بسام رجا، ماذا تقول لنا: عنه و له؟

-فقدت الكثير من الاصدقاء والأهل على امتداد حياتي لكنني لم أعرف معنى الفقد حقاً ولم أحس بأثر مخالبه في الروح إلا بفقدي لشقيقي بسام.. لا أتذكر لحظة واحدة في حياتي لم يكن حاضراً فيها، حتى حين افترقنا لبعض الوقت أيام كان يدرس الإعلام في بولندا. وهو لم يكن مجرد أخ، فهو أول صديق لي وبقي صديقي الأقرب حتى اللحظات الأخيرة، وسيبقى معي إلى الأبد.
بقدر ما كان يسعدني الحديث عن بسام فإنه يؤلمني الآن.. ذكرياتنا تكاد تكون متطابقة. أحلامنا وأفكارنا، أفراحنا وأحزاننا وآمالنا. ليس في خيالي طريق لم يمش فيه وليس في أحلامه صورة لا أعرفها.
تعلق بسام بفلسطين كان حقيقياً إلى درجة أنك قد تعقدين أنه غادرها بالأمس. يتحدث عنها بقلبه وجوارحه حتى التعب، وأذكر أنه في صغره في العاشرة صدّق كذبة ولد من المخيم قايضه على ألعابه البسيطة مقابل أن يدله ذلك الولد على معسكر مزعوم يعد الأشبال للانضمام إلى الفدائيين. حين تقدم به العمر كبرت الفكرة معه وتعددت تجلياتها.. في الصحافة والكتابة الأدبية حيث كتب في القصة القصيرة ونشر كتابين، وفي العمل النقابي والسياسي، بإيقاع وجهد من لا يكفيه وقت النهار والليل. من عرفوه عن قرب كانوا يعرفون أنه كان حققيقياً بلا انتظار أتعاب بقناعاته التي دافع عنها وبأفكاره وحضوره الإعلامي، بقلب مقاوم وروح عنيدة.
بسام هو أصغر أشقائي وأنا أكبره بعامين. مضت ستة أشهر على رحيله وأصبحتُ الآن أكبر منه بعامين ونصف.. مع كسر في جناح الروح أظنني سأحمله معي إلى آخر لحظات العمر.
.


.

“بانتظار الأجيال القادمة”
قدمت فلسطين للعالم رموز ثقافة وإبداع وفكر وفن وتراث، وقبل ذلك كله: شهداء، ومنهم شهداء أحياء.. دعنا نتعرف إلى ما يود ماهر رجا أن يقدمه في هذه الحياة؟

-عملي هو الكتابة. ذلك ما أجيده.. أفكر بأن علي أن أكتب المزيد وألا أتوقف، وربما سأهمس لنفسي ذات يوم بعد مزيد من التقدم في العمر: “حسناً، لقد فعلت ما استطعت فعله”. أما أهمية ما كتبت وما سأكتب فذلك تقيمه عائد لسواي.

لدينا الآن الأجيال الحالية بفئاتها العمرية.. هل ترى الأمل حقاً “معقود” عليهم؟ أم أن ما يحدث من تطبيع واستسلام ومحاربة للمقاومة والممانعة، سيصعب الأمر عليهم ويسدل الستار على قضايا أمتنا وأولها قضيتنا المركزية تحرير فلسطين؟

-تلك هي الحياة.. قوة الوجود في هذه الاستمرارية واسترسال الزمن في الأجيال القادمة..
في زمن أجيال قادمة ستكون إسرائيل ربما بضعة أسطر في كتاب التاريخ. لا أتجاهل الوقائع الراهنة، ولا أميل بطبعي إلى العبارات الانتصارية التي استهلكت لكثرة تكرارها.. نعم الآن الصورة العربية بائسة وكارثية.عالم من الغرائبيات، فرقة ومؤامرات وزحف على البطون نحو التطبيع، وإسقاط لاسم فلسطين من الخطاب الرسمي، وتدمير لحاضرات عربية خدمة للمشروع صهيوني، واستخذاء لمشاريع الهيمنة الخارجية، لكن رغم كل هذا السود، ذلك لا يمكن أن يستمر. لا يمكن لكل ذلك أن يبقى محتكراً المستقبل.. روح البراعم يمكنها أن تشق الصخور وتطلع من شقوقها.. والسر دائماً في قوة الأمل.
.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى