ماذا لو اختفت وسائل التواصل الاجتماعي؟! بقلم: أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …
.
ماذا لو اختفت وسائل التواصل الاجتماعي؟!… العالم ليس قرية صغيرة.
مهلاً سيبدو العنوان صادما بعض الشيء لمن يعولون كثيراً على بقاء وسائل التواصل الاجتماعي انسجاماً مع مقتضيات التفجر المعرفي وتواتره ، فهل لنا أن نتساءل بصدد كون افتراضي محكوم بالسيطرة شبه المطلقة وخاضع لتغيرات فجائية قد تذهب بحمولات معرفية يضعها مرتادوها ، وقد تختفي لتظهر بطرائق جديدة أكثر تحدٍ لنا –نحن المستهلكين لها- بشكل أو بآخر، إذ إننا لا نقصد هنا الإحالة إلى مطلق تشاؤم ومطلق عصف بالبدائل والخيارات في ضوء تلك التقنيات المتطورة حدَّ أن تأكل ذاتها بذاتها، ولا نقصد الإجابة الجديدة عن أسئلة قديمة تختص الإنسان/ الشيء أو نزعة التشييء التي يؤول إليها بفعل إمحاء الحدود وجعل العالم كله أشبه بفرضية بعينها، ولمتسائل هنا كيف نبتكر الطريقة لحفظ ما دونته الأقلام وما تفتقت عنه الرؤى وما بدى سجلاً ليوميات الناس وذكرياتهم وذاكرتهم وتواريخهم المعلنة موتاً وحياة، أو لحظات العشق وتدوين شغفه الماتعة وارتباكات أيامهم وأوقاتهم ومدونات قلقهم الوجودي، ربما يعيدنا إلى أهمية المكتوب والموثق واستنساخ كل ما دون حفظاً له، لأنه سيعني تجارب حياتية بصرف النظر عن التعلل بقيمتها الفنية.
منذ زمن بعيد كنا نتندر بمن يكلم ذاته في الطرق، والآن حدث ذلك ثمة من يكلم نفسه في الشارع آه إنها التقنية من جديد، تلك التي باعدت بين الناس ، وحدثت المفارقة الكبرى في العالم الواقعي نحن افتراضيون بما يكفي، وفي العالم الافتراضي نحن حقيقيون بما يكفي، فكيف إذن تحل هذه الإشكالية لطالما أن التقنات تتآكل أو تتناسل بمعنى تنتهي أدوار لتبدأ أدوار جديدة، لا ليصبح الإنسان مجرد رقم وحسب، فهو اللحمة والسُدى لتلك الطرائق والفرضيات، وما يعني في هذا السياق عودة الإنسان إلى براءته الأولى، أي فطريته التي انطوى عليها ، ليبتكر أدوات تواصله بذاته، ولعل في هذه الجملة ضرب من مثالية تخطاها الواقع وتعالى عليها، ليس في الأمر هنا ضرب من تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادات، من تشاؤم جورج أورويل واستبطاناً لنتشوية نيتشه الفيلسوف، لكننا نقارب بقلق مشروع لننته إلى ما يشبه الأجوبة غير الكاملة بطبيعة الحال والتي تخفف من غلواء وشطط الفرضيات وتعسفها، ليس من أجل طوباوية جديدة بقدر ما هو البحث عن تماسك الأرواح وبقاءها في عوالم تستحقها.