ليلى الأسطة.. في معرضها “خبايا الروح” لا تُسقط الأقنعة بل تدلّ عليها!
عكست اللوحات علاقة بين الفلسفة والفن، وبين الفكرة والريشة

اصطحبت الفنانة التشكيلية ليلى الأسطة جمهور معرضها “خبايا الروح” إلى عالم من الأقنعة! نعم الأقنعة.
فقد أُفتتح المعرض مؤخراً في “المركز الثقافي العربي”- أبو رمانة، بحضور الأستاذة نعيمة سليمان مديرة ثقافة دمشق، والأستاذة رباب أحمد مديرة ثقافي أبورمانة، والفنانة التشكيلية مها محفوظ رئيس فرع دمشق لاتحاد الفنانين التشكيليين، وباقة من الفنانين والأدباء والكتّاب والإعلاميين والمهتمين بفن الأسطة وروّاد المركز ممن يتابعون فعالياته.
حيث تألقت صالة المعارض في المركز الذي يشهد هذه الأيام ثاني معرض فردي لها (يستمر لغاية الخميس ٤تشرين الثاني) باللوحات التي أسرت الجمهور بموضوعها.
.
.
علّقت فنانتنا على جدران الصالة لوحاتها، كما الحقائق.. وجميعها عن “الأقنعة” التي أصرت أن لا تُسقطها، بل تدل عليها، فبدا تجوالها وجمهورها أمام اللوحات كمن يشهد على مجتمع كبير. إنما الجديد في نصوص الأسطة اللونية، جودة وفرادة طرحها الفكري بموازاة الفني، فلم نجد الأقنعة فقط في حالتها التقليدية كرمز للنفاق والخداع! بل أيضاً كانت رمز فرح وبهجة كما في لوحة “المهرج” أو رمزاً إيجابياً لمسرح الحياة ككل، بحيث بدت الأقنعة حداً فاصلاً بين النفس البشرية المختبئة وراء مشاعرها وأحوالها وبين الآخر، في محاولة منها لتعكس العلاقة بين الفلسفة والفن، وبين الفكرة والريشة.
.
.
أيضاً، سخّرت الأسطة مختلف الكائنات الحية (بشر وقلوب وعيون وطيور وسلحفاة وفراشات، كرز وعنب وتفاح وزنبقة وشجر وورق أخضر) لتنسج من تلك الكائنات حكايات وعوالم تلك الأقنعة، تاركة أبواب الاحتمالات مفتوحة أمام أخيلة جمهورها. ولم توفر عنصر الجماد أيضاً لتمرير رسائلها وأفكارها، بحيث وجدنا (لعبة الشطرنج والنرد والحبال والمفاتيح والسلم الموسيقي والكمان والتيجان والشمعة والريشة والدواة). بل إنها مضت مع ريشتها لرصد الأقنعة؛ نحو الفضاء الخارجي تستدرج (الشمس والقمر والهلال والأبراج الفلكية) في محاولة بارعة لجذب الإيحاء الاسطوري أحياناً باتجاه المتلقي، الذي تركته -تقريباً- أمام لعبة غامضة عليه أن يكشف سرها!.
كما أن المتابع للوحات “خبايا الروح” سيحظى بمتعة الاطلاع على تنوع تقني وتعدد خامات يبلغ حدّ الكولاج أحياناً وتداخل خامات ومواد فنية مثل (الجبصين الحبال الخيش الصحف الشرائط الصلصال….) فضلاً عن استخدامها ما يماثل تقنية الخط والزخرفة، ما أضفى على عشرات اللوحات التي عرضتها ملمحاً تراثياً تارة وميثولوجياً تارة أخرى.
فيما يظل أجمل بل أنبل ما في المعرض، تلك اللفتة الذكية من التشكيلية المبدعة ليلى الأسطة التي وضعت لإحدى لوحاتها قناعاً للقناع.
.
