العناوين الرئيسيةحرف و لون

ليلة رأس السنة … أمل أبوسعد

لوحة الفنان : موفق مخول

 

ليلة رأس السنة …
مدينون نحن للحب.. بكشف أقنعة الغياب.. برفع منسوب الدهشة باختزال المسافات.. بتسارع النبض.. باحمرار صفحات القصص..باخضرار صحراء الرؤية.. بانعتاق الألم.
مدينون نحن للشوق بقواقي الحزن في محاولاتنا البائسة لكتابة الشعر.
مدينون نحن للحب، باستحضار قصص المجانين ومحاولة عقلتنها وتغيير تشخيص حالاتهم النفسية من مجانين إلى صادقين.. من مهووسين إلى مؤمنين.. من تائهين إلى رحّالة.
مدينون له بابتسامنا وسط كل هذا القهر.. بتبرعم أحزاننا.. بتورّد أغصان حياتنا.. برفع درجات الطقس المتجمد فوق أصابع شغفنا.
مدينون له بالأمل الذي فقده الكثيرون حين أعمت الكراهية عيونهم وأظلمتها.
مدينون بالنور الذي استغنى عن بطاريات الشحن والطاقة الكهربائية سريعة المغادرة والطاقة الشمسية التي احتكرها هذا الضباب.
مدينون برفع مستوى المغفرة والتسامح والتصالح الداخلي مع الفقد والقطيعة والجحود والإهمال.
مدينون بالفرح الذي عجزت عنه مسرحياتنا الكوميدية وملابس العيد باهظة الثمن، والمفرقعات التي تفزع أطفالنا، والأغاني الراقصة، وموسيقا الإيقاع والمجوز والطبل وحفلات الطرب المولعة بالصخب.
مدينون بالسكينة.. بالهدوء بالنوم في “ليلة رأس السنة” حيث يشرب الجميع نخب وداع أحلامهم واستقبال المزيد من الأزمات والضغوطات والاختناقات المرورية والاقتصادية والنفسية.
مدينون بزاد لا ينضب من الصبر. من التجمّل من أنصاف الكؤوس الملأى بالهناء.. من النشوة البعيدة عن أفلام الإثارة واحتساء النبيذ والتعري.
مدينون بفصلٍ آخر لا يشبه الشتاء ولا الصيف، ولا يعوي مثل الخريف، ولا يمر سريعا كشباب الربيع المتآكل. فصل لا تتساقط فيه إلاّ دموع الفرح، ولا تهاجر إلّا الوعود الكاذبة، ولا تتجمد إلاّ القلوب الخالية، ولا تختنق من حره إلاّ النفوس الضجرة الخاوية من أي إحساس.
مدينون للحب بإنسانيتنا التي لا تعبأ بنفاذ مصادر الطاقة ولا بارتفاع أسعار العملة الصعبة ولا بقانون قيصر الذي تم تطبيقه على الشعب الفقير لا على السادة الظالمين.
للحب قوانين أخرى.. وتفاصيل أجمل، وهدايا بحجم النوايا، واستغناء بقدر الانتماء، واكتفاء بحجم الفاقة، واحتواء بقدر التخلي.
للحب سطوة غير خاضعة لأنظمة القمع ولا لجلسات التحقيق وقضبان السجون ومراسيم المذلّة التي تمارس علينا كما تمارس لعبة الحمار والجزرة.
للحب قوانين استطاعة وتمدد وعزم وجاذبية، تتخطى نيوتن واينشتاين، وتسخر من مصابيح “أديسون” التي أصبحت للعرض فقط في بيوتنا المظلمة.

للحب سلطة لا تهدمها كل الانقلابات، ولا تقتلعها فؤوس الحطابين، ولا جرافات الاحتلال، ولا القذائف وقصف البراميل، ولا الحرائق المفتعلة في بلاد شُوِّه الجمال فيها حتى غدا كمالية ومجازفة.
للحب عين لا تنام.. ويد لا تقصر و أقدام لا ينتابها العجز، مهما تطاولت عليها أيدي الكراهية.
* ليلة رأس السنة  – للروائية السورية أمل أبوسعد

.
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى