رأي

لن أكون شبيهاً بـ”حبة العدس” .. عبدالعزيز الشيباني ..

 

أنا سوري ( مو .. ا .. رض)، واعتبر أني مطالب دوما بالإدلاء برأيي بأي شأن وطني .. هذا “المو .. ا .. رض” ماكان يوماً بعينٍ واحدة، ولن يكون شييهاً بـ( حبة العدس )، بل كان في المقدمة إن احتاجه وطنه، وعند توزيع الهبات يقف في الصفوف الأخيرة.

أطالب بحقي نعم، وأحسن التخاطب مع الآخر صديقاً أو مختلفاً، أنتصر للعدل وللعقل والحكمة ، اعترف بخطأي إن أخطأت، وأعترف بصواب غيري إن أصاب.

أنا واحدٌ من ملايين السوريين الذين هشمتهم هذه الحرب الظالمة، ومع ذلك لم ولن أدخل في زواريبها، وأعلن وقوفي وتمسكي الدائم بالدولة وكل حبات ترابها فكيف بإنسانها الذي هو سر وجودها.

بعد هذه المقدمة، اتوجه بالشكر للزميل الأستاذ طارق عجيب الذي اومأ لي أن أكون ضيفاً على منبره الإعلامي بتحليقه المختلف، ليشكل مساحة حوار تقدس الوطن.

قداسة الوطن لاتحتاج الى صراخ وأحكام مسبقة.

قدسية الوطن انتماءٌ وأداءٌ وحوارٌ منفتح، وصولاً إلى الخُلاصات التي تُعِز الوطن وأبنائهن وترغم من وضع الطين في أذنيه على إزالة الطين والاستماع إلى آلام الوطن، وأنين شجره وحجره، على عمرانه وبشره.

يوماً ما قلت متمنياً على كل سوري أن يطلق على الحرب الدائرة على سورية مصطلح (الحرب الوطنية)، ولي في ذلك رؤية قد تعجب البعض ولاتعجب بعضاً آخر، لأنه ومهما طال الزمن فنحن جميعاً عائدون إلى بعضنا، وإلى وطننا، والشعوب العظيمة لاتؤسس لمستقبلها دون أن تتعرض لأحداثٍ كبيرة، وها هي الدولة الأقوى في العالم، الولايات المتحدة الأميريكية، بعد حربها على أصحاب الأرض الحقيقيين، خاضت حرباً طويلة ودموية بين أطراف المستعمرين، وكانت نتيجتها التأسيس لدولة عملاقة سرعان ماتمكنت من التمدد باتجاه العالم القديم لتسبطر عليه عبر الحروب، وها هي الحرب الأوكرانية، وهي في الأساس مخطط أمريكي بُني على طموح روسين فرض على الطامح الذهاب إلى حربٍ استباقية، ويبدو أن (أمريكا الشيطان الأكبر)،  حضَّرت مسرح العمليات بالتوازي من الاستعداد الروسي، لتكون حلقةً جديدة من المشروع الأمريكي الذي يفتعل الحروب  بهدف تأكيد سيطرته على العالم.

وثمة دولٌ كثيرة شرقاً وجنوباً وغرباً تعرضت لحروب داخلية تحت تأثير خارجي، لكنها سرعان ما وضعت السلاح جانباً واتجهت الى العمل، وتمكنت من ايجاد مكانٍ مناسبٍ لها على المسرح الدولي أو الإقليمي، ووصلت إلى استقرارٍ يوفر البيئة الملائمة لإعادة إعمار ماتهدم على المستوى النفسي أو المادي، لأنه من غيرالمقبول أن يستمر العِداء من جيل الى أجيال تتوارثه.

انطلاقاص من ذلك، لابد من توصل السوريين إلى حلٍ سوري سوري، يصنعونه بأنفسهم دون انتظار من خارجٍ، أي كان، لأن مايأتي من الخارج سيبقى مرتبط بأصله بما يحمل بين ثناياه من مصالح الخارج، أما مايولد من رحم معاناة السوريين سيبقى متجذرا في الأرض.

الأزمة السورية اليوم بازارٌ سياسي لكل المتربصين شراً بسورية، الأزمة السورية التي يكثر الحديث الآن عن أفكار او خطوات لحلحة تشابكاتها وخصوصاص مع التركي الذي يبقى (عدواً طامعاً) طالماً بقي تطاوله على الدولة السورية، وبقيت تدخلاته في شؤونها الداخلية.

نعم أنا مع مصالحة وطنية سبق للدولة السورية وفي أكثر من مناسبة الدعوة والعمل لتحقيقها، لكن ثمة دولٍ على رأسها تركيا تسعى دوماً لعرقلة أي حل سوري إن لم يخدم مصالحها وأطماعها.

منذ بعض الوقت كتبت على صفحتي أن ترتيب علاقات الجوار المهمة بالنسبة لسورية هي على الشكل التالي:

العراق أولاً، وتليها تركيا، لكن تركيا ليست ذات مصداقية، وأي طرح تطرحه الآن يمثل مصالحها قبل المصلحة السورية.

تركيا إن كانت جادة في إرساء علاقات صحيحة وراسخة مع سورية، عليها أن تبتعد عن أي تدخل في الشأن السوري أو أن تقر بأحقية سورية التدخل بشأنها الداخلي لأن هناك ملفات متشابكة ومتشابهة على الحدود وفي الداخل التركي من الشرق الى الغرب، حيث هناك مدن عربية غير لواء اسكندرون، وهناك عشائر عربية في هذه المدن والأرياف، نصفهم في سورية والنصف الباقي في تركيا، وهم أصحاب أرض وليسوا غاصبين.

إن أي حل للأزمة السورية، وهو مطلب عموم الشعب السوري، عليه أن يأخذ في الحسبان حقائق الأرض والتاريخ وصولاً إلى حسن الجوار والارتقاء إلى علاقات متوازنة بين البلدين.

إن كانت تركيا راغبة ومقرة بذلك سأكون راضياً وقابلاً، أما أن يكون هنالك ألغاماً ومفخخات في طريق الحلول، فإن ذلك يمهد لصراعات جديدة، وتركيا كما يعرفها العالم وتقدم نفسها، لاتزال تعتبر أن أملاكها تمتد على امتداد الجغرفيا التي وصل إليها الأمويون والعباسيون الصفويون ثم الاحتلال العثماني وصولاً إلى أواسط أوروبا وآسيا، وأنها الوريثة لكل ماسبق.

أقر بأن السياسة تخدم المصالح المتبادلة، ولا تكرس الهيمنة والاستلاب.

إن تخلت تركيا عن أطماعها والتزمت بعلاقات جيدة وحسن جوار وعدم التدخل في الشأن السوري تكون هذه الدولة قد اتخذت الخطوة الصحيحة التي تفتح آفاقاً لعلاقاتٍ متوازنة تنعكس فائدة على البلدين.

أنا لا اقطع الأمل، لكن لابد من من مواقف واضحة ومحمية لأي علاقات سورية تركية.

هل تلتزم تركيا بذلك؟.

أيها السوري:

البلدُ بلدُ الجميع .. نختلف لابأس، أما أن نتصارع لأجل تركيا او غيرها فهذا عارٌ علينا جميعاً.

 

كاتب وإعلامي سوري ..

 

صفحتنا على فيس بوك – قناة التيليغرام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى