رأي

لنبتعد عن أجواء التفاؤل! .. هني الحمدان 

من لا يستطيع عمل شيء، على الرغم من  أنه يملك الإمكانيات ويستطيع فعل مبادرات وتحركات ممكنة وواجبة، فلا مبرر لوجوده، ولا لبقائه، بل إن مغادرته وتعريته أمام الناس تكون أوجب وأولى المستحقّات، واللباس الذي لا يستر فإن وجوده كعدمه.

حكومتنا تظن أنها اهتدت الى أحصف الأجوبة عبر تدخلاتها إزاء أوضاع معيشة البشر، وأنها فعلت كل ما بوسعها في مجال تلطيف أوضاع المعيشة ورفع مستوى الخدمات التي تردّت بشكل مريب، وأما أجوبتها، فالكل حفظها عن ظهر قلب، من أنها  قدّمت وستقدم كل إمكاناتها للمواطن السوري الصبور والذي يقدّر الظروف، ولسان حال فريقها يلهج بكيل المدائح للمواطن السوري الصابر، والمتحمّل والمقدِّر،وغيرها من أبر التخدير ..!

لكنّها، أي الحكومة، لم تهتدِ إلى الجواب الحصيف حقاً .. ويبدو أنها لن تصل إلى ذلك مطلقاً ..!

أمران اثنان، بعيداً عن إيجابياتهما وسلبياتهما، والمتابع بعين من الاهتمام والتمحيص سيكتشف أن هناك غياباً لآليات عمل، كان يجب أن تكون على درجة من التقدم ، سواء في التعيين أو التكليف أو الإعفاء، أو اتخاذ قرارات تمسّ حياة ومعيشة المواطن.

الأمر الأول، هو جديد الحكومة بموضوع إعفاءات بعض المديرين وكشف سبب الإعفاء، وعلى الرغم من عدم انتهاج ذلك سابقاً، أي ذكر السبب، إلا أن ذلك بالمنطق ضرورة واجبة، من باب الإصلاح، وكشف المتلاعب ومعاقبته، فأمر كهذا يجب أن يكون وفق منظومة عمل شاملة تنطبق على الجميع، وعلى كل الحالات ..!

الأمر الثاني، هو بعض الإجراءات التي اتخذت حيال وضع حدّ لارتفاع الأسعار وحالة اللغط التي حدثت، وكثرة التساؤلات والاستفسارات، فإيجاد مخارج حلول للأزمات الحاصلة يلزمه استراتيجية تراعي كل الظروف الحالية والمستقبلية، قوامها المنطقية والأسس السليمة للتوصل إلى حلول، وليس مجرد اتخاذ قرار وعند إصداره يكون وبالاً ويأتي بنتيجة عكسية، ومردّ  ذلك إلى التسرع وعدم التخطيط العميق لمنهجية الأعمال.

إشاعة أجواء التفاؤل ليس مريحاً في كل الأوقات، ولا يتلاءم مع مواطن محتاج، وأيّ خطاب لا يحمل كل الحل لطموحات بسيطة يتحول إلى لغة أخرى، وكان من الأجدى أن تضع الإدارات الرسمية في حساباتها أن أي وعد إذا لم ينفذ سيصبح  مؤشر عجز وإفلاس، وهو مما لا ينبغي أن يكون لغة رجال دولة في السلطة التنفيذية، مهمتها في الأساس ليس فقط إشاعة الأجواء المريحة بل تحقيقها على أرض الواقع، بالعمل والإنجاز والابتكار، لا بنثر الترّهات وبث أخبار مبكية !.

العمل الرسمي والحل يستوجبان برامج ومؤطّرات للصعاب والأخطاء السابقة، لرسم سياسات قادرة على تجاوز الأزمات والدخول في أدق التفاصيل، وما قد يواجه كل الملفات من ظروف قاهرة، لتستمر من دون تأخير في إحدى مراحلها، أو الانزلاق نحو اللّاعلم في تنظيم المسائل والإجراءات اليومية، وهذا قد ينعكس على الظروف الاقتصادية والمعيشية.

في عالم اليوم، الأحداث الجارية تعصف بكل دول العالم، وانعكاسات تلك الأحداث أزمات مختلفة على الشعوب وعرقلة لخطط المؤسسات، وقد تكون مانعاً حقيقياً لتنفيذ خطط الاقتصاد وأي خطط أخرى، فلا بد من نظرة حكومية تلامس الواقع بمنهجية جديدة، قوامها السياسات المحكمة والقابلة للتنفيذ، بعيداً عن أي أخطاء واجتهادات ومقاومة للعثرات.

كل المؤشرات تشير إلى أن هذا العام سيكون الأصعب اقتصادياً ومعيشياً، ولا يظن أحد أن أي خطوات سريعة ستعجل في حلحلة الأوضاع، وهنا من واجبنا أفراداً ومؤسسات وأصحاب قرار أن نستعدّ ونقوى ونعزّز التعاون والتصرف بعقلانية، وضمن المتاح، بعيداً عن اتخاذ اي قرارات سريعة خاطئة.

الناس منهكة تماماً من توالي ضربات وأزمات، واستعادة ثقة الناس بمؤسساتها ليس بالأمر اليسير، ووطننا اليوم يستحق أن نفعل من أجله كل ما نستطيع، كلّ من موقع مسؤوليته ومهامه ودوره، والسوريون قادرون وبصماتهم خالدة على مر الأيام .

 

إقرأ أيضاً .. أرباب “الأفرولات” الزرقاء ! ..

إقرأ أيضاً .. التنمية .. وقرانا البائسة ! ..

 

*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب

 

صفحاتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى