
التوهم المرضي (Health anxiety) هو القلق الدائم و الغير عقلاني علي الحالة الصحية، وذلك بسبب وجود أعراض مرضية يؤولها المريض علي أنها أعراض لمرض خطير، ومهما حاول الأطباء إقناعه بعدم خطورة حالته يبقي دائم التردد والسؤال.
تزامنت أول حالة من التوهم المرضي مع تفشي الإيبولا عام 2014، كنت مذعوراً. لم أستطع التوقف عن قراءة الأخبار أو الاستشهاد بالمعلومات التي تعلمتها، وكنت أشعر دائماً بأنني اصبت بالمرض.
كنت في حالة ذعر كاملة، بغض النظر عن حقيقة أن المرض كان محصور تقريباً في غرب إفريقيا فقط.
وعندما سمعت لأول مرة عن فيروس كورونا المستجد كنت مع أحد زملائي المقربين، جلسنا حول شقته وقرأنا الأخبار. كان 95% من الأخبار متعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- كان ذلك في 30 يناير- وكان بعضها عن تفشي المرض في الصين.
نظرنا إلي أرقام انتشار المرض وقارنّاها بالأنفلونزا، وذهبنا إلى النوم دون الشعور بـالقلق.
ولكن في الأشهر التي تلت ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس الذي نعرفه المسبب لمرض كوفيد-19 أصبح جائحة.
فأُلغيت العديد من الأحداث العامة والمهرجانات العالمية، في مختلف أنحاء العالم. وأغلقت المقاهي والمطاعم أبوابها. وبدأ الناس في شراء الكثير من المواد الغذائية والمواد المطهرة بكميات هائلة.
تبذل الحكومات أفضل ما في وسعها -وفي بعض الأحيان أسوأ ما في وسعها- للحد من عدد الضحايا، ويطلب من الناس الالتزام بالعزل الذاتي، ليس لوقف الانتشار المرض بل لاحتوائه
.
وتقول المجريات والأحداث الحالية للعقل السليم الغير متوهم: “إن التباعد الاجتماعي سوف يساعدنا في احتواء انتشار الفيروس وحماية أسرتنا وأقربائنا ضعيفي المناعة”.
ولكنها أيضاً تقول لعقل يعاني من التوهم المرضي : “إنك مصاب بكوفيد-19 وسوف تموت، كما هو الحال مع كل من تحبه”.
مجمل القول أن الأسابيع القليلة الماضية جعلتني أعيد تقييم تأثير هذا التدفق الهائل من المعلومات علي حالتي النفسية وتأثيره علي مدي قلقي علي حالتي الصحية.
كيف تتوقف عن التوهم بشأن كوفيد-19؟
نظرياً لا يوجد الكثير مما يمكننا فعله حيال انتشار جائحة كوفيد-19. وبالمثل حيال انتشار الذعر على الصعيدين الداخلي والعالمي.
ولكن هناك الكثير مما يمكننا القيام به من أجل الحفاظ علي سلامة أنفسنا وسلامة الآخرين.
تجنب الأخبار الغير موثوقة والتي لا معنى لها
إذا كنت عرضة للذعر والتوهم المرضي، فإن أحد أسوأ الأشياء التي يمكنك القيام بها هو الاستماع إلى وسائل الإعلام.
تدور وسائل الإعلام حول آلة لبث القصص المثيرة للجدل، وأحياناً للخوف والذعر. ولأن الخوف يجلب العديد من المشاهدات والتي بدورها تجلب الكثير من المال؛ يصبح بث الذعر بخصوص جائحة كوفيد-19 أسهل بكثير من توضيح سبب كون المرض وانتشاره خطيراً بالفعل.
وأحد أفضل الطرق لتجنب القلق هي أن تحصل على معلوماتك مباشرة من منظمة الصجة العالمية .
اغسل يديك أكثر من 5 مرات يومياً
لا يمكننا احتواء الانتشار ولكن يمكننا الحد منه من خلال العناية بالنظافة الشخصية.
وعلى الرغم من أن هذا غالباً ما يكون صعبا عندما تكون في خضم الركود الاكتئابى، إلا أنه أيضاً الطريقة الأكثر فعالية للتخلص من الجراثيم.
نظراً لكيفية انتشار مرض كوفيد-19، يوصي خبراء الصحة بغسل يديك عند العودة إلى المنزل أو العمل، وتجنب لمس وجهك قدر المستطاع وإذا اضطُررت للمس وجهك فيجب أن تغسل يدك أولاً.
كن نشطاً بقدر الإمكان
إذا كنت من كثيري القلق علي حالتهم الصحية، فـمن المهم أن تُبقي عقلك وجسدك مشغولين.
أياً كانت الطريقة التي تنشغل بها، سواء كانت القراءة أو ممارسة الرياضة أو مشاهدة التلفاز؛ فإن إبقاء عقلك منشغل بأشياء أخري غير الأحداث الجارية هو أمر أساسي لتجنب القلق.
فـبدلاً من البحث عن آخر أخبار الجائحة، يمكنك أن تُبقي نفسك منشغلاً :
- إذا كنت ملتزماً بالتباعد الاجتماعي، فهناك الكثير من قنوات اللياقة البدنية على YouTube لبدء التمرين في المنزل. وسيساعد هذا في الحفاظ علي نشاطك.
- اذهب في نزهة حول منزلك، ستندهش من أن القليل من الهواء النقي يمكن أن يساعد علي تحسين مزاجك و تنشيط عقلك.
الخلاصة هي إذا كنت تفعل الكثير من الأشياء لتبقي منشغلاً، فسيبقي قليلٌ من الوقت للتفكير في ما إذا كنت مصاباً بالمرض أم لا.
انتبه إلى مخاوفك ولكن لا تستسلم لها
كشخص يعاني من التوهم المرضي أو خلل في الصحة النفسية، فمن الضروري أن تتحقق من صحة مشاعرك.
إن جائحة كوفيد-١٩ مسألة خطيرة جداً، ومخاوفكم بشأنها صحيحة تماماً، سواء كنت مُخالطاً لشخص مصاب بالفيروس أو حتي إن لم تترك غرفتك لأسابيع.
بدلاً من أن تزعج نفسك بسبب عدم قدرتك على التوقف عن القلق، فتقبل أنك قلق ولا تلوم نفسك. ولكن من المهم ألا تَقْبَعُ في مستنقع القلق أيضاً.
فكر في الأشخاص الأكثر عرضة للوفاة من المرض الأشخاص ضعيفي المناعة -كجيرانك الأكبر سناً والذين يعانون من أمراض مزمنة أو أمراض المناعة الذاتية- ثم اسأل نفسك عما يمكنك فعله لمساعدتهم. فمن الجيد الشعور بالرضا حيال القيام بشيء بسيط لمساعدة الأخرين.
لا تطلب استشارات طبية غير ضرورية
اعتاد أولئك الذين يعانون من التوهم المرضي على شيئين: وهما إما استشارة الأطباء بشكل مفرط، أو تجنب استشارتهم تماماً.
من الطبيعي زيارة الأطباء إذا كنا نعاني من أعراض المرض. ولكن وبسبب خطورة الفيروس التاجي الجديد SARS-CoV-2 على الأشخاص الأكثر عرضة له؛ فإن أغلب اهتمام مقدمي الرعاية الصحية يكون بالحالات الخطيرة في معظم البلدان. وبالتالي يمكن أن يؤدي اتصالك برقم الطوارئ إذا كنت قلقاً بشأن ظهور عرض بسيط للمرض عليك كالسعال إلى انشغال مقدمي الرعاية عن شخص أخر حالته خطيرة بالفعل.
فبدلاً من اللجوء إلى الاتصال بالأطباء، راقب الأعراض بشكل هادئ.
اعزل نفسك عن الناس، ولكن لا تنفصل عن العالم
غالباً ما يدور في ذهن صغار السن قول “أنا أصغر ولا يمكن أن أتأثر بالمرض”. إنه أمر محبط وأناني بعض الشيء، خاصة وأن الشيء الوحيد الذي نعرفه على وجه اليقين هو أن التباعد الاجتماعي هو الفعل الوحيد الذي يمكن أن يبطئ انتشار المرض، وغير ذلك عدم التزام صغار السن بالتباعد الاجتماعي والحجر الصحي المنزلي ومخالطتهم للعديد من الناس قد يؤثر كبار السن المقربين لهم.
وبينما يُطالب الكثير من الناس في منتصف دوامة الخوف هذه بالبقاء في المنزل، فإننا ما زلنا بحاجة إلى الالتزام بذلك.
ورغم أن الحجر الصحي المنزلي يفتح الباب لمشاكل نفسية أخرى كالشعور بالوحدة الذي قد يمثل وباء أخر ناشئ عن الأحداث الجارية، إلا أننا نستطيع أن نفعل الكثير لدعم أصدقائنا وأسرتنا وجيراننا دون أن نضطرّ إلى رؤيتهم وجهاً لوجه.
كيف تتعامل مع العزل الذاتي إذا كنت تعاني من الاكتئاب؟
إن العديد من مشاكل الصحة النفسية تظهر أثناء البقاء وحيداً لفترات طويلة، مما يعني أن العزل الذاتي يمكن أن يسبب خطورة على أولئك المعرضين للاكتئاب.
البشر مخلوقات اجتماعية في نهاية المطاف. وفي عالم يسوده جو من المشاعر، فتعتبر اجراءات التباعد الاجتماعي والعزل الذاتي قفزة هائلة إلى الأمام من التواصل الدائم إلى لا شيء على الإطلاق.
ولكن إبقاء العقل مشغولاً قدر الإمكان، واستخدام طرق أخري للتواصل مع الأخرين كمواقع التواصل الاجتماعي قد يساعد في إعادة التوازن المفقود بسبب الحجر المنزلي.
المصدر :
Health line