كريستوفر كولومبوس يمنح الإسبان عيدهم الوطني
في الثاني عشر من أكتوبر من كل عام تحتفل إسبانيا بيوم العيد الوطني لها، أو يوم البيلار، الذي يعود للعام 1492، ذكرى انطلاق كريستوفر كولومبوس من إسبانيا بحرا لاكتشاف أمريكا، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا التاريخ عيدا وطنيا للمملكة الإسبانية، كرّست معه مرحلة جديدة من العلاقات الحضارية والثقافية بين قارتين بعيدتين.
كما تحتفل إسبانيا بعيد شفيعتها السيدة العذراء، التي أُطلق عليها اسم “البيلار”، كما هي شفيعة شرطتها العسكرية، وتمثالها موجود فى كاتدرائية مدينة ثاراجوثا، مقر لواء الخيالة “كاستييخوس الثاني” الموجود حاليا في لبنان، وكانت إسبانيا مغمورة حتى العام 1491، بينما كان المسلمون موجودين في شبه الجزيرة الأيبرية لمدة 8 عقود سابقة، بعد نزول طارق بن زياد لأراضيها وتدشين مدن إسلامية فيها، وفي الفترة المذكورة كانت الأرض الوحيدة التي تبقت تحت أيدى المسلمين هي “مملكة غرناطة”.
سقطت غرناطة في 2 يناير 1492 على يد إيزابيلا الكاثوليكية وزوجها فيرناندو، وكانت آخر معقل سياسي للدولة الإسلامية في إسبانيا، وكانت بداية انطلاق طرد المسلمين من هذه الديار خلال العقود اللاحقة، ويعد كثيرون من المؤرخين أن سقوط غرناطة بمثابة بداية التأسيس الحقيقي للغرب، وكان يجري الاحتفال بسقوط غرناطة في مجموع أوروبا، بطلب من الفاتيكان الذي حاول بهذا الرد على سقوط القسطنطينية على يد العثمانيين عام 1453.
على صعيد غرناطة نفسها، اتخذت المدينة من يوم 2 يناير “سقوط غرناطة” عيدا لها، إذ تحتفل به سنويا من خلال استعادة ذكرى إيزابيلا الكاثوليية وزوجها، عبر احتفالات واستعراضات عسكرية تخلد الانتصار على المسلمين، وتشهد المدينة سنويا جدلا قويا لا ينتهي، خاصة في السنوات الأخيرة، بين المعارضين والمؤيدين للاحتفال بسقوط غرناطة، وهناك ثلاثة أطراف: الأول يتمثل في جزء من ساكني المدينة الذين يعدون هذا العيد جزءا من هويتهم، بل هوية مجموع إسبانيا، باعتبار أن إسبانيا الموحدة بدأت مع سقوط غرناطة، ولهذا يدافع هذا الطرف عن بقاء الاحتفال في إطار التقاليد فقط، والطرف الثانى مكون من مفكرين ونشطاء حقوقيين، سواء ليبراليين أو يساريين، يرون أنه لم يعد هناك مجال لهذا النوع من الاحتفالات، لأن هذا الاحتفال يخلد ذكرى منتصر ومهزوم، ودخل الطرف الثالث على الخط مؤخرا، ويشمل اليمين القومي المتطرف، ولكنه لم يعد مقتصرا عليه، بل يأتي ممثلون عن الحركات اليمينية المتطرفة من مجموع أوروبا للتظاهر في غرناطة.
