إضاءات

أنت تكتب كتاباً واحداً! .. أحمد علي هلال

ثمة سؤال وجه ذات يوم إلى الروائي المصري الراحل إدوارد خراط، كان فحواه الإشارة إلى أنه كتب كتاباً واحداً فحسب، رغم العديد من الكتب التي كتبها في النقد وإبداع الرواية، أجاب الروائي باطمئنان: نعم كتبت كتاباً واحداً.

لعل جواباً كهذا لا يعني الجواب على حرفية السؤال، بقدر ما يذهب الروائي إدوارد خراط إلى أن يستبطن التنوع في كتابة هذه الروايات على الرغم من تشابه بعض سياقاتها، سؤال كثيراً ما يتردد في الأوساط الثقافية على مستوى الشعر والرواية وسوى ذلك، فهل يمكن للكاتب أن يقول كل شيء دفعة واحدة؟، بالطبع لا، فهو المشغول أبداً بتطييف مرئياته كما أزمنته، شأن -الخراط- صاحب كتاب «الكتابة عبر النوعية»، إذن بوسعك أيها الكاتب أن تتعدد كما شخصياتك وأزمنتك وخطاب إبداعك، دون أن تفقد خصوصيتك التي تجلوها في ما تتنكبه من مغامرات إبداعية، محفزاً النقد إلى الانتباه من أجل استحقاق العلامة التي تعني ماذا أضفت إلى منجزك، وماذا أضاف منجزك إلى مشهد إبداعي يمور بالتحولات والانخطافات؟.

إقرأ أيضاً .. التخلي عن الأدب ! ..

سيبدو ذلك –السؤال- في تقاليد المؤسسة الأدبية، أشبه بـ «التهمة»، وربما بالوصفة الجاهزة وإذا كان الجواب نافلاً، فهذا يعني أن على الناقد أن يقرأ كل ما كتب المبدع حتى يستطيع الوقوف على ضفاف التأويل، فالتماثل أو التشابه، درجة نصية يحكمها مزاج الكاتب المبدع كما أفقه الفكري، وأكثر من ذلك تحكمها استجابة الكاتب ذاته لمتغيرات الواقع، الذي يمتحن ثقافته ومرجعياته، ليستخلص منها مأثرته في التنوع الخلاّق، لا في التشابه الرجيم، صحيح أن الروائية مرغريت ميتشل قد كتبت رواية واحدة فقط «ذهب مع الريح» وكان يكفيها ذلك، نظراً لما تضمنته الرواية من كثافة تجربتها ومفارقات واقعها وجدل علاقتها بالذات والآخر والعالم، ماذا لو كتبت رواية أخرى؟، ليس من التبسيط أن نقول إنها ستعيد ما كتبته بطريقة أو بأخرى، كما هو شأن الكثير من الروائيين أو الشعراء الذين غالباً «ما يُتّهمون» بأنهم قد كتبوا طوال حياتهم الإبداعية كتاباً واحداً، يبقى للتنوع والفرادة أن يصنعا الفارق في التجربة، فهي التجربة التي لا تنغلق على كتاب بعينه.

 

إقرأ أيضاً .. ماما إفريقيا، ماكيبا..

 

*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا

 

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى