قمر الزمان علوش..الكاتب والصحفي السوري..وداعا

قمر الزمان علوش..الكاتب والصحفي السوري..وداعا..أحد مؤسسي صحيفة تشرين ومن أوائل الكتّاب فيها، حيث عُرف بزاويته الشهيرة «قوس قزح» تناول فيها هموم المواطن ومعيشته بأسلوب ساخر وجميل.
-نعت وزارة الإعلام ومؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر وصحيفة تشرين الكاتب والصحفي قمر الزمان علوش الذي توفي الاثنين عن عمر ناهز الـ 74 عاماً.
قمر الزمان علوش..الكاتب والصحفي السوري..وداعا
وقمر الزمان علوش من مواليد مدينة جبلة في محافظة اللاذقية عام 1948، عمل في الصحافة السورية منذ عام 1974 حتى أواسط التسعينات, ويعدّ من أميز الكتّاب بالمجال الثقافي في صحيفة تشرين .
كتب المقال الصحفي و الرواية واشتهر بأسلوبه النقدي الساخر وبساطته في التعبير، وهو ما جعله مقرباً من قلوب القراء المتابعين..
كما أبحر في عالم الرواية ومنها : “البريد التائه”، “هوى بحري” و”لحظة رحيل”، وحوّل عدداً من الروايات العالمية لأعمال فنية.
و بعد عمله الطويل في الكتابة الروائية والصحفية، دفعه الفنان “أيمن زيدان” والكاتب والصحفي “حسن م يوسف” لدخول مجال الدراما، فحركوا في داخله الكاتب التلفزيوني المحترف لينال منذ خطوته التلفزيونية الأولى ذهبية مهرجان القاهرة لأفضل سيناريو مناصفةً مع الراحل “أسامة أنور عكاشة” عن عمله الدرامي الأول “هوى بحري”، وليتنقل بعدئذٍ بين أعمال تلفزيونية عديدة من “أرواح مهاجرة” و”طيور الشوك” و”ليل المسافرين” إلى أعمال السيرة التي أثارت دائماً الجدل كـ “نزار قباني” و”أسمهان” و”كليوباترا”.
كما حوّل روايات عالمية عدة إلى أعمال فنية منها «بيت الأرواح»، «إليزابيل أليندي», و«البؤساء» لفيكتور هيجو, وذلك بالتعاون مع أميز المخرجين في الدراما السورية أمثال باسل الخطيب وأيمن زيدان وشوقي الماجري ووائل رمضان .
وكان فيلم “أنت جريح” الذي يحتفي بـ إنجازات الجيش في 16 من آذار 2021، آخر أعمال الكاتب قمر الزمان علوش، حيث يحكي قصصاً واقعية وإنسانية من زمن الحرب الإرهابية على سورية عبر خطين أساسيين هما تضحيات جنود الجيش السوري ودفاعهم عن الأرض والحالات الإنسانية لأسرهم وذويهم.
ويقدم “أنت جريح” القصص الإنسانية للجندي العربي السوري الذي لا يقاتل فقط في الجبهات وإنما لديه قصص خاصة به كالحب والأزمات الاجتماعية ولكنه دائما يتجاوزها.
قمر الزمان علوش..الكاتب والصحفي السوري..وداعا
وفي مقابلة صحفية أجراها الراحل قمر الزمان علوش حين سئل حول الدراما و مسلسلات السيرة الذاتية قال:
_المعيار الحقيقي لمستوى الدراما مرهونٌ دائماً بمدى اقترابها من البناء الروائي.
_من حقنا أن نرتقي بالجمهور ونجعله ينظر أيضاً نحو السماء بدلاً من النظر دائماً نحو الأرض والشارع.
_أعمال السيرة ليست مجرد سرد لأحداث وتواريخ ماضية.
_عائلة “نزار قباني” انتقدتني قبل أن تنظر إلى الطريقة التي عالجت بها المسلسل.
_لو كنت على علمٍ بالظرف الإنتاجي بـ”كليوباترا” لكنت أكثر رأفةً بالمخرج.
وعن حالته مع الكتابة لم يتعامل سوى مع الورق:
“أنا لم أتكيف مع التكنولوجيا، أنظر إلى الكومبيوتر إنه في الزاوية منذ عشرين عاماً لم أستخدمه ولا أعرف كيفية استخدامه.”
وعن دور بيئته الساحلية في نتاجه الفني:
“منحتني مدى واسعاً للحلم، ومنحتني الشخصيات الغريبة وأعطتني ثقافة المكان الذي أصبح دائماً يملك حكاية.”
أما العاصمة دمشق:
“منحتني العاصمة ثقافة عن العالم وأعطتني السياسة وكل ما يتعلق بالتفكير، أما في العمق فمدينة “جبلة” هي حاضنة حلمي وخيالي وكتاباتي.”
وعن كاتبه المفضل:
“غابرييل غارسيا ماركيز، طبعاً هناك آخرون ولكن ماركيز وضع علامةً في حياتي وفي طريقة كتابتي.
وعلى صفحته على الفيسبوك كتب قمر الزمان علوش:
بلادنا أصبحت جمرة محرقة أيها الأصدقاء . نحن بحاجه الى أبطال تراجيديين يلتقطون هذه الجمرة ، ويمسحون حروقنا ، ولا يموتون في نهاية القصة .
انظروا فسترون ما أراه انا من شرفتي الان : لم يعم الظلام الكلي بعد ..
وكان الكاتب الراحل قد تعرض لوعكة صحية شديدة, اقترب من الموت بسببها قبل أيام حيث كتب منشوراً عن تلك التجربة قال فيه:
راجعٌ من صوب الموت حقاً . أقولها وأنا أحس ببعض الغرابة .
كيف بدأت الرحلة لا أذكر ولا أعرف ماذا كان ينتظرني هناك . في بداية الرحلة عادة ونحن في كامل الوعي لانعرف الفرق بين المصادفة والقدر لن نعرف ذلك إلا بعد نهاية الرحلة .. فكيف نعرف او نتحسس، إذاّ بداية الموت وهي الأغرب والأشد غموضاّ عند حدوثها
من خلال تجربتي الصغيرة او إن شئتم هلوساتي اللاهية أظن أن نهاية الرحلة كلها كانت كما السقوط في العدم السحيق الذي لا عودة منه . لجة من العماء بلا بداية ولا نهاية نتطاير فيها بحثا عن نور قادم .
لكنه العدم اللذيذ الذي لا يخيف .. لا تخافوا . ولكن هل هو مبرمج ؟ أظن نعم .
يقولون عدت من الموت !! وأنا أعتقد أنني ربما لم أمت بما فيه الكفاية لأعتبر في عداد الموتى .. فهل تستوي الكفتان ؟ احتفلوا أحبائي حولي في اللحظة نفسها وأنا ذاهل . ضحكوا من كل قلوبهم وأنا متأمل . اقتربوا من التهريج فاقتربت من الغضب ماذا تفعلون ؟!
إفعل ما تشاء المهم انك عدت .
صدقت وابتهجت بعودتي حيا . أحمق من لا يفعل ذلك أمام تلك العودة كانت مزحة ثقيلة من الطب . أو خرافة . أو معجزة صغيرة كما يحدث في الحياة عادة ؟ أم تدخلا إلهيا لا ترقى إليه عقولنا ؟ فأن ترى طريق العودة من السفر مفروشة بالزهور سوف ترى لامحالة الشمس والقمر يسيران معك .
مجازا هذا ماكنت أفكر به نظريا في حمى الحيرة وكان دائما قابلا للنقض أو القبول .
الشيء الوحيد الذي لم يكن قابلا للنقض أو القبول أو الاختلاف هو جردة الحساب على الأعمال التي قمت بها في خلال حياتي كلها كإنسان عادل . هنا كل شيء كان واضحا ومكتوبا وموثقا بآلة زمن خرافية جليلة على الخطأ لأنها أداة بيد العقل الأسمى الذي هو الله .
اكتمل ابتهاجي . لم أتهيب . لم أقرأ قائمة الحساب . لم أخف . لم يرهنني الموت القادم والمتجدد رغم أنوفنا بإنذاراته .. شددت الهمة من جديد . سأستمر كما كنت أنا نفسي .. كل شيء قابل للسؤال . ونحن في النهاية جميعا موتى أو أحياء خلق تجمعنا مملكة الرب .
سأسير محصنا إليه . مرتاح الضمير . خاليا من المخاوف . لدي ذخيرة لا تصدأ لأنني وأيم الله لم أورط تفكيري وضميري وقلمي في يوم واحد من عمري إلا في الكتابة عن آلام شعبي ومعاناة الإنسان المقهور في كل مكان .
وأظن بكامل الثقة .. لن يرضي الله من الإنسان أكثر من ذلك .
لقد خسرت الساحة الأدبية والثقافية السورية و العربية، صحفيا أبدع في المقالة الصحفية، وكاتبا أجاد في الرواية والدراما.
عرفه الكثيرون وتابعوا أعماله وحزنوا على رحيله.. ومنهم الفنان أيمن زيدان الذي نشر صورة الفقيد وكتب “وداعا صديقي قمر الزمان علوش .. كَمْ هُو مؤلم رحيلك”.
وكتب زيدان، الأحد، مناشدة إلَّى قمر الزمان علوش، متمنياً له أن ينهض لأنه يحتاج إليه فِيْ هذا الوقت العصيب. حيث قال:
صديقي قمر الزمان … في أحد أيام الحلم همست لي أن في جعبتنا الكثير وأن أنواء البحر لن تحطم مركب أحلامنا ..انهض يا قمر وانثر ثانية بهاءك حين عملنا معا يوما لونت لنا الدنيا ونثرت حروفك في الدروب أحلاما وأقحوان ..أتذكر يا صاحي الكابتن عبد الله البربور في “هوى بحري” وهو يرسم حياة أجمل لأولئك البسطاء وفي “ليل المسافرين” حيث لم يغادرك هاجس العدالة التي تنشدها ..و “طيور الشوك” الذي تدفقت عبره روحك العذبة… قمر يا صديقي الذي أتوق لحروفه انهض كم نحتاجك في هذا الزمن الصعب
وكتب الفنان تيسير إدريس متأثرًا بخبر وفاته “الكاتب المبدع الغالي آخر الفرسان النبيل الأصيل قمر الزمان علوش، برعاية الله، رحمه الله”. وداعا أبو باسكال “.
قمر الزمان علوش الكاتب والصحفي السوري..وداعا
المصدر: صحف +مواقع