قائد انقلاب غينيا.. عمل في فرنسا وتدرب في اسرائيل

|| Midline-news || – الوسط …
شهناز بيشاني
استيقظ صباح اليوم الأحد، سكان مدينة كوناكري، عاصمة غينيا، على وقع المدفعية الثقيلة والأسلحة الأتوماتيكية، تنطلق من حي «كالوم» الواقع في شبه جزيرة يوجد بها القصر الرئاسي، وأهم المباني الحيوية للبلد، ومع كل رصاصة كان الغينيون يستعيدون ذكريات سنوات الجمر التي عاشوها قبل عشر سنوات.
و في مشهد تكرر لمرات عدة خلال العام الجاري في القارة الإفريقية أعلنت القوات الخاصة الغينيَّة استيلاءها على السلطة بالبلاد بعد ساعات طوية من إطلاق نار عنيف ، حيث استولى الانقلابيون على مقر الإذاعة التي أعلنوا منها حلّ الحكومة وتعطيل الدستور وإغلاق الحدود البرية والجوية للدولة الواقعة في غرب إفريقيا.
انقلاب قاده الكولونيل مامادي دومبويا ضد حكم الرئيس ألفا كوندي الذي أتى به قبل أربع سنوات على رأس الجناح العسكري المذكور بعد أن راكم تجربة طويلة مقاتلاً بالجيش الفرنسي، وتدرب في إسرائيل.
فمن هو الكولونيل مامادي دومبويا؟
بعد ساعات من إطلاق نار كثيف بالقرب من القصر الرئاسي بالعاصمة الغينية كوناكري الأحد نقلت التلفزة الرسمية صور جماعة مسلحة يتوسطها قائدها العقيد مامادي دومبويا، متلحفاً بألوان الراية الغينية، ويتلو بياناً مفاده: أن القوات الخاصة التابعة للجيش الغيني قررت حلّ الحكومة وتعطيل الدستور، وإغلاق الحدود البرية والجوية للدولة الواقعة في غرب إفريقيا بعد إلقاء القبض على رئيسها ألفا كوندي.
وتعهّد دومبويا في كلمته المصورة “باستعادة الديمقراطية في البلاد”، مضيفاً: “لن نعهد بالسياسة لرجل واحد بعد الآن، بل سنعهد بها إلى الشعب”.
وأكّد أن “عصر إضفاء الطابع الشخصي على الحياة السياسية قد انتهى.. وأنّ الحكومة ستُحل والدستور سيُعطّل، والحدود ستُغلق لمدة أسبوع”، قبل أن يختم حديثه بالقول: “نعمل لتحقيق مصلحة الأمة التي يزيد عدد أفرادها على 12.7 مليون نسمة”.
وأظهرت مشاهد متداولة احتجاز رئيس غينيا ألفا كوندي بالقصر الرئاسي في كوناكري بعد إعلان الانقلابيين استيلاءهم على السلطة.
ووصل كوندي إلى السلطة خلال أول انتخابات ديمقراطية في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا في عام 1958، ورأى محللون آنذاك أنّ رئاسته بداية جديدة لغينيا التي كانت غارقة في عقود من الحكم الاستبدادي الفاسد.
قدم زعيم الانقلاب الغيني العقيد مامادي دومبويا على رأس القوات الخاصة بتعيين من الرئيس كوندي، بعد أن عمل 15 عاماً بالقوات الفرنسية وتلقى تدريباً على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي.
تمتد خبرة دومبيا العسكرية لأكثر من ثمانية عشر عاما، من بينها مهمات عملياتية في أفغانستان وساحل العاج وجيبوتي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وكذلك مهمات ذات صلة بالحماية المباشرة في الكيان الصهيوني، وفي قبرص والمملكة المتحدة وغينيا.
ولد مامادي دومبويا في الرابع من آذار عام 1980، ينحدر من إثنية المالينكي من إقليم كانكان ، شرقي غينيا، على بعد 550 كيلومترا شرق العاصمة كوناكري..
تخرج دومبويا من المدرسة العسكرية في العاصمة الفرنسية باريس، وقاتل مع الفيلق الأجنبي الفرنسي سنوات.
وخلال عمله طيلة 15 عاماً في الجيش الفرنسي ومشاركته في عدة عمليات عسكرية فرنسية في أفغانستان وجيبوتي وجمهورية إفريقيا الوسطى وأماكن أخرى ، راكم مامادي من خلالها خبرة عسكرية.
كما أرسلته باريس أثناء عمله في صفوف قواتها إلى إسرائيل والسنغال والغابون لتلقي تدريبات متخصصة، بوصفه خبيرا في إدارة الدفاع والقيادة والاستراتيجية.
هذه العلاقة الوطيدة التي تجمع بين دومبويا والفرنسيين عززها بزواجه من سيدة فرنسية، عضوة في الدرك الوطني الفرنسي، وإنجابه منها 3 أبناء
دومبويا الذي انقلب على رئيسه استمد جميع أفكاره العسكرية وتدريباته من خلال مسيرته مع الجيش الفرنسي، قبل أن يتم استدعاؤه إلى غينيا عام 2018،ليسلمه الرئيس ألفا كوندي قيادة قوات النخبة في الجيش الغيني التي شكلت حديثا في ذلك الوقت ، والمدربة بشكل جيد، والحائزة على المعدات العسكرية الأكثر تطورا.
وتعرف الغينيون لأول مرة على دومبويا عندما ظهر في عرض عسكري في كوناكري عام 2018، للاحتفال بالذكرى 60 لاستقلال البلاد.
واختير ليتولى في الأساس مهمة مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية، كون عرقية مالينكي ذات حضور قوي في مالي المجاورة.
وأشارت إذاعة فرنسا الدولية الاثنين الماضي إلى أن تشكيل قوات النخبة وجعْل مقرها في مدخل منطقة كالوم حيث يقع القصر الرئاسي الغيني وأبنية إدارية؛ كان “سلاحا ذا حدين”، بالنسبة لكوندي.
تمت ترقيته إلى رتبة قائد كتيبة، وأسندت إليه قيادة “GPS , in مجموعة نخبة القوات الخاصة،، اعتمادا على خبرته الدولية، ونجح في القيادة، ليرتقي إلى رتبة عقيد عام 2019، لنيله ثقة ألفا كوندي.
لا يعد الانقلاب الذي شهدته غينيا مفاجئا؛ فميول دومبويا الانقلابية على نظام كوندي بدأت منذ إعلانه رغبته في جعل قوات النخبة مستقلة عن وزارة الدفاع.
وقالت صحيفة جون أفريك الأحد الماضي إنه في الأشهر الأخيرة أثارت رغبة دومبويا في استقلال وحدته العسكرية عن وزارة الدفاع مخاوف من صراع على السلطة.
وأضافت أنه في مايو/أيار الماضي انتشرت إشاعات حول احتمال اعتقال دومبويا في العاصمة الغينية كوناكري.
كما أشارت إلى نشوب مشكلات بالفعل بين دومبويا والحكومة في كوناكري عندما تم منعه من الاستقلال بقوات النخبة عن وزارة الدفاع.
وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها ألفا كوندي محاولة انقلاب؛ ففي عام 2011، كان منزله هدفًا للاعتداء، ولكن -هذه المرة- كانت قوة الانقلابيين أكبر.
ويأتي هذا الانقلاب في أعقاب تعديل دستوري كان من شأنه السماح للرئيس كوندي بالترشح لولاية ثالثة على رأس البلاد.