إضاءاتالعناوين الرئيسية

في غياب السجال الثقافي: أبعد من ظاهرة وأقرب إلى معنى.. أحمد علي هلال

|| Midline-news || – الوسط …

 

.

كثيراً ما يتردد وعلى ألسنة النقّاد والمبدعين على حد سواء «أن ثقافتنا ليست بخير»، ومنهم من يذهب أكثر في استبطان ما تمور به الثقافة العربية من أمواج وارتدادات تعني حراكها الذي يميل إلى الانحسار تدريجياً، أو ربما ظل أسير الانعطافات القليلة، وخلاصة القول أن شيئاً ما في بنية الثقافة وأنساقها كما خطابها مازال يستحق التأمل والقياس، ليس لبطء تراكمها وما قد يسفر عنه من نتائج قليلة، بل لأن الثقافة وفق مستوياتها وأنماطها المعرفية الجديدة وفي ظل خطاباتها المختلفة لازالت هي الأخرى أيضاً بحاجة إلى مقاربات هادئة وغير متسارعة، ولنلاحظ هنا على سبيل المثال ما تجهر به جمهرة من النقاد والمبدعين بأن الثقافة كانت في خمسينيات وأربعينيات القرن الفائت ذات منسوب أعلى سيما في حقولها الإبداعية من شعر ورواية ومسرح وفنون وسوى ذلك، وبعد أن اجتازت هذه الثقافة تلك الأزمنة وصولاً إلى لحظتنا المعاصرة ترجرج مفهومها كثيراً وانداحت تعبيرات لم تعد تضايف معناها أو ماهيتها، بقدر ما تحاول أن تشتق لها تعبيرات ملتبسة، على مستوى ما يُنتج من إبداع وما يُحايث من نقد بالضرورة، متطير –هذا النقد- في الأعم الأغلب إلى ما أنجزه الرواد ومنكفئ عما ينجزه المبدعون الجدد، ولذلك أسباب ذات طبيعة معرفية وتاريخية أكثر منها ذاتية وموضوعية.

ولنا أن نقف عند كم هائل من بيانات ومسودات وإعلانات الخطة الثقافية العربية الشاملة، والتي يغلب عليها التنظير والانتظار خارج ما يُنجز ولو جزئياً على سطح الثقافة العربية التي ضاعفت أسئلة الهوية والأصالة والمعاصرة واللحاق بركب العصر، وكل ذلك لا يعني موت السجال الثقافي بقدر ما هو غائب أو ربما مغيّب، وقد يحلو للبعض أن يتندر «بالمعارك الثقافية» التي حدثت في خمسينيات القرن الفائت وكان أركانها كتّاب كبار دفعوا الحوار إلى آفاق معرفية متجددة، وفي السياق نتذكر تجربة الصالونات الأدبية ومنها صالون «مي زيادة» ومساجلات الأديبان عباس محمود العقاد وطه حسين، وما أحدثته الأدبية والشاعرة العراقية نازك الملائكة صاحبة قصيدة «الكوليرا» من سجالات عميقة تعدت حدود الوقوف عند الشعر الحر والقصيدة الحداثية وكيف اُستقبلتا في الذائقة الثقافية العربية، وبطبيعة الحال لا يختزل هذان المثالان طبيعة تلك «المعارك» الأدبية التي كانت تعني التجدد بالأفكار والانفتاح على متغيرات الثقافة، وبمعنى آخر حراكاً إيجابياً في  التجارب الأدبية وبقدرتها على الحوار العابر للأيديولوجيات وبما يصب في نماء وإثراء نظرية الأدب والإبداع، ومنها إلى التجدد في الحياة الثقافية العربية والتي ستأخذ تالياً كثافة عنوانات تغذي طبيعة السجالات وتحملها إلى غير أفق معرفي، لعل الدارس أو الباحث سيستنتج منها، ما يعينه على تتبع تعبيرات الثقافة وديناميتها الفاعلة في الوجدان الثقافي والإنساني العام، وما يمكن أن يضايف إلى لحظات تاريخية من شأنها أن تشي بمعطيات يحيل إليها الدارس نزوعه المعرفي لتأويل جديد.

أما لماذا غياب السجال بعناوينه الكبيرة فذلك ما يجعل من الثقافة الراهنة موضوعاً لفحص واختبار ما يُنتج منها على غير مستوى بعين فاحصة لا بأحكام نهائية تقطع تلك السياقات الجديدة وتكسر معانيها، بعيداً عن أطروحات نهاية التاريخ التي تصادت في الخطابات الثقافية، لنشهد في الغرب غير أطروحة –محايثة- لها بشكل أو بآخر من مثل: «موت الناقد، موت المؤلف» وهكذا.. لكن السجال وإن انحسر بصرف النظر عن ماضيه وحوامل ذلك الماضي، فإنه لا يعلن موته لأن جملة من السيرورات ينبغي قراءتها وإدراك أنها تحتاج إلى تراكم نوعي لتعطي نتائجها في مدى أبعد، ذلك لأن الثقافة هي استحقاق يملي على منتجه التنوع والاختلاف لا التماثل والانغلاق.

*كاتب وناقد- دمشق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك