إضاءاتالعناوين الرئيسية

في طرائد الخيال .. أحمد علي هلال

الأدب في توصيفه ، وبما هو قارّ في وعينا الجمعي الإناسي/ المعرفي هو المعادل وبما يشتق من دلالات واسعة تقود إلى مضارعة الخيال لا استنباته فحسب.

وهكذا تكون الكلمة في مقابل الواقع لنربح شرط الفن ، فالخيال الأثير قد يتفوق على الواقع فهو أبعد من أن يكون نظيراً له فحسب، ولعل التخييل الذي قاد كشوفات النقد إلى التأويل وأمدائه القصوى، كان الأجدر بأن يظل همزة الوصل في مدونات المبدعين، المسكون بهواجسهم الأعلى والأمر هنا لا يختص امتداح الخيال بوصفه خيالاً فحسب، بفراديسه وجنائن بوحه الطليقة إلا بما ينطوي عليه ويحيل إليه من فرادة الكيفية التي ينبني عليها.

لعل ذلك ما يفسر نزوع الشعراء قبل الروائيين لئن يجترحوا سؤالاً يتعاشقه المجاز. أ يجوز سكنى العالم شعرياً؟ ذلك ما يبرر سعي غير مغامرة لاجتياز التخوم بل واختراقها، بمسّ (ميتافيزيقي) أو سواه، بمعنى تلك الأسئلة التي تحمل جل فرضياتها إلى ما بعد الواقع ذاته توسلاً لتخطيه واختراقاً لأنساقه، إذ الخيال حرية، لكنه الذاهب إلى اصطفاء طرائده بجسارة التخييل وممكناته، وحداثة تشكيله، ليكون التلقي بصدمة ايجابية ترتد على اللاوعي ليصبح وعياً.

على سبيل المثال لا الحصر قرأنا للروائي العربي أسعد الجبوري صاحب الكتابة بالطاقة البديلة، وما كتبه في كتابه عن الشعراء (في بريد السماء الافتراضي) شعراء هويتهم الشعر في ماهيته وفلسفة الـ ما بعد استبطاناً للحواس ورحلة عبر الزمكان إلى ما يصطفيه الخيال وتجهر به المخيلة ويعود بلذة المعرفة المتجاوزة أنساقها، فبه يستنطقون ويُستنتقون في عوالمهم الأخرى، فضلاً عما بثه الشاعر منذر يحيى عيسى بقصيدته (ماذا يفعل في الجنة الشعراء!؟) من أسئلة المؤتلف والمختلف في مركب لغوي/ فكري، ليذهب في ما وراء الأسئلة التي ترى الشعر- كصيرورة- في عوالم أعلى، وماذا سيجري للشعراء وعلى الأقل سيكافئنا هذان المبدعان بطرائدهم الوثيرة..

وعليه سيعثر (القارئ الكريم) وبالمعنى النقدي على ما يخص روحه المتطلعة إلى العلو دون أن ينسى أن ثمة أقدام مازالت على الأرض تحملان جسد اللغة وتختبران به ممكنات خيال سيشكل الواقع وفق أمداء الرؤية والرؤيا، إنها حرية اللغة في أن تحاكي لا أن تُماثل، وأن تجترح لتفيض بالثراء الممكن.

.

*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى