إضاءاتالعناوين الرئيسية

“عن السعادة والتعاسة”.. حسين شعبان

|| Midline-news || – الوسط
.

*قال القدماء: يوم الفرح لا تفوتوه ويوم الحزن لاحقين عليه..
وحسب وجهة نظري، إن السعادة أو الفرح؛ يُسرق سرقة.. فهو ليس مكانا في أعلى قمة أو نهاية طريق نصل إليها (فنرخي بدن) ونرتاح. لا يوجد راحة في الحياة.. ولا يوجد حزن مقيم.

كل يوم يمكن أن نجد ألف سبب للفرح.. من ضحكات أولادنا.. من نجاح أحبتنا.. من سماع موسيقى نحبها.. من كأس نشربه.. من كتاب نقرأه.. من مباراة ومسلسل وصيد ونكتة وأكلة لذيذة…
بالنتيجة لن يبقى الحزن والتعتير إلى نهاية العالم.كل يوم يمر أو نمرّره في هذه الظروف البشعة هو إنجاز.كل ضحكة في وجه من نعني لهم شيئا اليوم صدقة.. كل بسمة أمام أطفالنا أو أهلنا أو زوجاتنا تشعرهم بالأمان هي رجولة..
لقد مر الكثير من الظروف السيئة على أمم من قبلنا، وانتهت.. لكن! حتى لو طالت ظروفنا هذه في سوريا، سآكل من الأرض وسأكسر الموبايل ولا أريد الكهرباء! المهم أنني لن أبكي من القهر لأنني أعرف أن هذا ما يرده عدوي في الداخل والخارج.
دموعي ذرفتها على الشهداء .. ولن أريقها لأقل من ذلك.. دموعي على الشهداء، دموع الرجال. ودموعي من الجوع هي دموع الأذلاء.  وعندما يعلم اليأس ذلك يستسلم ويقدّم لي الحياة من جديد.
.

*كانت روما أجمل العواصم: إذ سكر (باخوس) وزرع (سيريس) وعانق (كيوبيد)  وأنارت (ديانا) وأسعد (فورتونا) واستوى (جيوبتر) على عرش العالم إلى جانبه (مارس) بسيفه الرهيب على ايقاع أمواج (نبتون) والثائر (فولكان).. حتى تظهر (فينوس) فتملئ الدنيا جمالا.

ولكن عندما وقف (ممثل الله الواحد) بصولجانه الذهبي في عاصمة الله! يوزع صكوك الغفران على القطعان وينزل العذاب باسمه! ثم وقف (موسليني) على ذات المنبر وعلى صدره ألف وسام <خرندعي> ويشير من عليائه إلى نفس القطعان، صارت روما قميئة بأجواء كئيبة، ولم يعرف الناس بعدها طعم الفرح!
.

*تزدادا أسباب السعادة يومياً.. فبعد هذه الحرب أصبحت لا تعد ولا تحصى!
خبر تحرير منطقة، وخبر التسريح، ورسالة استلام جرة الغاز، ورسالة استلام المواد المدعومة،  وتعبئة 50 ليتر من المازوت تشعرك بالأمان لأيام قادمة. وكلّه لا شيء أمام الشعور بالحبور والروعة عندما يقترب دورك في محطة الوقود لتعبئة موتورك أو سيارتك، وتبدو لك المحطة كأنها واحة ماء يراها تائه في صحراء رملية.
وتشعر بعد أن تصاب بكورونا ثم تنجو بعد شهر من المعاناة والألم. وقبل ذلك النجاة من الإرهاب أو قذيفة طائشة، أو الخطف.
وقد تزداد كمية الكهرباء أكثر من ساعة يومياً، وربما نصل  في التقنين إلى 3 ساعات قطع و3 ساعات وصل وهذا حلم كبير جدا.
شخصياً.. نجاتي من الحرب، ومن العملية الجراحية، ومن كورونا، ومن دعوات المؤمنين علي (بسبب هرطقتي) ومن الشحط بسبب طول لساني و..و.. وفرت لي أسباب السعادة.
فما بالك إذا توفر البينزين و المازوت والخبز والدواء؟! ومن الممكن أن نستطيع شراء فروج أو كيلو لحم كل شهر. هذا غير الظرف التي يصلنا أحياناً وفيه مال! ولن ننسى فرحتنا إذا مر يوم من دون أن ترتفع الأسعار.
أرأيتم.. على هذه الأرض في كل لحظة سبب للسعادة!

.

*كاتب من سوريا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى