العناوين الرئيسيةالوسط الثقافي

عبدالوهاب محمد: يأمل بانتعاش الواقع الأدبي وارتقاء قصيدة النثر.. ولا تشغله الألقاب والشهرة

قاصٌّ.. لكنني أهوى الومضة رغم صعوبة اختزال الكلمة للتوسع في الصورة

|| Midline-news || – الوسط …
إعداد وحوار: روعة يونس
.

 

فيما يتزاحمون على لقب شاعر! ينأى أديبنا المثقف عبدالوهاب محمد بنفسه عن تلك المزاحمة. ويقول: أنا لست بشاعر!
فلا تحاولوا أن تقنعوه بأنه يتواضع بهذا الاعتراف.. لأنه سيؤكد تواضعه مردداً أنه ليس متواضعاً، فهذه حقيقة تتصل بقناعته وشخصيته وتربيته.
إنما، الكلمة الفصل في التقييم والتلقيب، ليست لي أو للشاعر عبدالوهاب محمد. بل للجمهور المتلقي الذي حضر عشرات الأمسيات والندوات والملتقيات التي شارك بها كشاعر نثر وقاص محبوب ومثقف حضاري صريح وجريء، له أسلوبه الساخر المميز في الكتابة، والجاد الراقي في النقاش والحوار.
“الوسط” سارعت إلى لقائه قبيل أن يصدر كتابه الذي يجمع به “ومضاته” المضيئة التي شهد إشعاعاتها جمهور يتلقف كتاباته بشغف.

 

“أرضية صلبة”
غالباً تكون بدايات الدخول إلى عالم الكتابة عبر القراءة والمطالعة.. هل كانت لديك بداية مغايرة؟

لاشك أن القراءة والمطالعة تؤسس لأرضية صلبة تعتمد عليها الكتابة، وربما كان هاجسي في تقديم شيء مغاير ومواكب للعصر ومميز وراء دخولي هذا العالم.

إنما سؤالي السابق للوقوف على قراءاتك طيلة سنوات. فأساليبك في النثر والومضة يتسمان بثراء لغوي وأفكار غير مطروقة، لنقل: متفردة (هذا ما أراه ويراه المتلقي).

الاطلاع على كافة الفنون الأدبية ضرورة إبداعية، والقبض على ناصية اللغة من أولويات المبدع والكاتب فنصف الكتابة لغة، ونصفها الآخر صورة. وأنا أحاول أن أستفيد من ثراء لغتنا في ايصال أفكاري ورسم صوري والابتعاد عن كل مطروق أو متداول.

 

“ضاحك ساخر”
يجدك القارئ متألقاً في النثر والتوقيعة والومضة.. ألا ترى معي أن الومضة تتطلب الكثير من الاختزال والذكاء واليقظة، كفن أدبي صعب؟

نحن في عصر السرعة والإنترنت، وكان لابد للأدب من مواكبة هذه السمة فأنتج فنوناً أدبية يطرب لها قارئ هذا العصر.. فكانت القصة القصيرة جداً، والومضة، والتوقيعة، والهايكو. وصراحة أنا أركز على كتابة الومضة ولي أسلوبي فيها. وهي بالفعل تحتاج إلى ذكاء ومجهود كبير لإيصال جمالية عالية وأغراض هادفة. فليس من السهل أن تختزل الكلمة لتوسع في الصورة.

معظم نصوصك -إن لم يكن كلهاـ تومض بسخرية مريرة ذات حين وبذكاء في أحيان كثيرة. أيمكننا الاعتقاد بأنك عبر الضحكة والسخرية تمرر رسائلك، أم إنه اسلوب إبداعي؟

بالتأكيد أنا أمرر رسائل.. ولا أكتب إذا لم أكن أنوي ذلك. وصحيح أنني أعتمد في إيصالها على السخرية.. الاسلوب الذي أهواه وأحبه. السخرية الهادفة واللاذعة في أحيان كثيرة، وتصيب في مقتل! فمن منا لا يحب ويضحك من سخرية الكتّاب الكبار: محمد الماغوط، ذكريا تامر، ممدوح عدوان؟

 

“تأثير الريف”
تتصف بالتواضع وتميل إلى إنكار صفة شاعر، فيما يعتبر البعض أنفسهم أدباء وجهابذة! إنما ألا يضير التواضع ويظلمك؟

ليس بالأمر السهل الوصول إلى لقب شاعر. يحتاج هذا إلى تراكمية إبداعية كبيرة، واعتراف واضح من جمهور أدبي حقيقي ومثقف.
نعم لست بشاعر.. هذه حقيقة قبل أن تكون تواضع، ولا ننسى أن التواضع يأتي من شخصية الإنسان وتربيته، وليس من ثقافته ومركزه الأدبي فالبيئة الريفية البسيطة المتواضعة جعلتني كذلك.

علاقتك مع القصة تبدو متينة.. تحبها وتحبك. لكنها منذ مطلع الألفية الثالثة باتت تميل في تقنياتها وشكلها إلى البسترة والتكثيف. فأي نمط قصصي يستهويك شخصياً؟

القصة القصيرة جداً أثبتت وجودها في السنوات الأخيرة في سورية وغيرها من البلدان العربية، وتبلورت وصار لها كتابها رغم اختلاف الرأي بين مؤيد ومعارض لهذا التصنيف. بالنسبة لي أجد فيها نوعاً أدبياً يعتد به وقادر على إغناء الساحة الأدبية بالكثير. لذا تستهويني جداً كتابة القصة القصيرة جداً وخاصة الناقد منها في السياسة والحياة، والمعرّي للسلبيات.

 

“ملتقيات.. ولكن!”
شاركتَ مطلع هذا العام في “ملتقى قصيدة النثر الأول” مع مجموعة شعراء؟ هل كان مجرد ملتقى لإلقاء القصائد، أم ثمة ما أسفر عنه؟

للأسف كان مجرد ملتقى لإلقاء القصائد النثرية.. على الرغم من كل الجهود المشكورة التي تُبذل من قبل الجهات المنظمة والمضيفة! وهذه علة معظم الملتقيات بكل صنوف الأدب.

بالتالي، كيف تنظر إلى واقع قصيدة النثر في سورية؟

التداول الهابط للنثر؛ جعله في مكان لا يحسد عليه! رغم بعض الاستثناء في القصيدة والشاعر والمستوى الجيد. إنما لا نستطيع تقدير ما تحمله الأيام الثقافية لهذا الأدب.

“كتاب على الطريق”
-في عودة إلى منشوراتك في وسائل الاتصال، يلاحظ أن لديك الكثير ممن يتابعونك ويستحسنون ويعجبون بنصوصك.. أيمكننا اعتبار أنك تكتفي بهم، ولا تريد المزيد من انتشار نصوصك؟

لا أنكر أن “الفيس بوك” كان محفزاً لي في الكتابة بداية الأمر، وأفتخر بمن معي من أدباء وجمهور صاحب ذائقة أدبية جميلة. وأحياناً أحس أنني أكتفي بهذا فأنا لا أبحث عن الشهرة.

لديك العديد من المشاركات في الأمسيات والندوات الثقافية.. وبالمثل لديك العديد من النصوص. لماذا لم نجد لك كتاباً مطبوعاً حتى اليوم؟

أكثر مشاركاتي تكون في القصة القصيرة جداً، وأنا مقل في المشاركات لشعوري بعدم جدواها إلا من مبدأ بقاء الحركة الثقافية على قيد الحياة. وهذا ليس إلا أعترف بأنني مقصر في طباعة منتوج أدبي خاص بي. ربما عائد ذلك لإيماني بعدم جدوى الورقية كفائدة ثقافية أو انتشار فلا أحد يقرأ ورقياً هذه الأيام! وللعلم.. أجهز الآن لأول كتاب يضم مجموعة من الومضات المنوعة فقط.

 

“الكم والنوع”
فيما يخص واقع الحركة الثقافية المتصلة بالشعر والنثر والقصة، هل ترى أنها خلال الحرب على سورية، أدت دوراً توعوياً، أو تطورت تقنياً وإبداعياً وسجلت حضوراً فاعلاً؟

كما قلتُ، نشاط الحركة الثقافية في سورية يحدث من مبدأ اثبات الوجود والبقاء على قيد الحياة. وللأسف تراجع جمهور الثقافة إلى مستوى مخجل. -خاصة في دمشق- تخيلي أن يكون عدد المشاركين أكبر من عدد الحضور؟!  فلا تطور تقني، ولا حضور متفاعل! الكم على حساب النوع.

ربما لديك أفكاراً تريد إثارتها ولم أسألك عنها! يمكنك إضافة ما تحب؟

أسئلتك أحاطت بكل ما أريد قوله.. ولاشيء أضيفه سوى شكري الكبير لكم وامتناني لموقعكم صحيفة “الوسط”. ولرئاسة التحرير ممثلة بالإعلامي الأستاذ الجميل طارق عجيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى