رأي

“عام الصين” .. عام أزمة أوكرانيا الثاني ..طارق عجيب

منذ عام تماماً .. 24 شباط-فبراير 2022، قصَّت روسيا بجنازير دباباتها الشريط الحدودي بينها وبين أوكرانيا معلنةً البدء بتنفيذ “عملية عسكرية خاصة”، وأكدت أن هذه العملية ستحقق كامل أهدافها، رغم أنها لم تعلن بدقة ولا بشكل كامل ما هي هذه الأهداف، لكن السياقات التي ظهرت بعد بدء هذه العملية بيَّنتت بشكل واضح أن الشق العسكري هو جزء من “العملية الخاصة” التي دشنتها من أوكرانيا، والتي تهدف إلى إلغاء هيمنة واحتكار القطب الواحد للنظام العالمي الحالي، ليبدأ في بداية العام الثاني للعملية دور الصين كشريك فاعل ومباشر في هذه العملية على مسار غير عسكري، “حتى الآن”، للإسهام في وضع حجر الأساس لبناء النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب ..

الشق العسكري من هذه “العملية الخاصة” كانت أوكرانيا قربانه الذي قدمه الغرب في محاولته المستميتة لإفشال أي تحرك من شأنه أن ينتزع القطبية الواحدة من يد السيد الأميركي، وبالتالي خسارة هيمنة الغرب على العالم باستخدام النظام العالمي الحالي..

وبعيداً عن ساحة المعارك العسكرية المحتدمة والقاسية، يشكل الاقتصاد العمود الفقري للحرب الضروس التي يتطاحن فيها الغرب بقيادة السيد الأميركي مع باقي جهات العالم التي لا يعترف بها الغرب إلا كأتباع وخدم لتكريس واستمرارية زعامته ورفاهيته، وتقود الصين مع روسيا هذه الحرب بمشاركة واضحة وإن كانت غير معلنة من أكبر وأهم اقتصادات العالم كالهند وفنزويلا البرازيل وباكستان وإيران وغالبية دول أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا ومنها بالطبع أهم دول الوطن العربي ..

التصعيد هو الخيار الوحيد حتى الآن في كل الميادين، ويتجلى ذلك واضحاً في قرار استمرار الدعم العسكري الغربي لكييف مع إدخال أنواع جديدة من الأسلحة التي ستزيد من قساوة المعارك على الطرفين دون أن تُمكن كييف من حسم الحرب .. وبالتوازي في تصعيد غربي أيضاً في ميادين الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا والإعلام وغير ذلك من قطاعات وعلاقات، وفي التهديد الغربي شديد اللهجة لروسيا ولكل من يقف معها بأي شكل من الأشكال ..

التحرك المهم الذي يمكن اعتباره مؤثراً في بداية العام الثاني للحرب في أوكرانيا هو التحرك الصيني .. باقي التحركات في أغلبها تحركات احتفالية وتحفيزية تستوجبها المناسبة وضرورة إعطاء جرعة دعم عالية ونوعية تنتشي بها أوكرانيا المنكوبة لتبقى صاغرةً على مذبح الصراع بما يخدم الغرب الذي ينفث فيها “من روحه” ريثما يحقق أعلى نسبة من بنك غاياته في هذا الصراع ..

 

*رئيس التحرير 

 

إقرأ أيضاَ .. ذهنية أوروبا تستعمر واقعيتَها ..

إقرأ أيضاً .. قرابين النظام العالمي الجديد بين الشرق والغرب ..

 

 

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى