العناوين الرئيسيةالوسط الثقافي

د. محمد عامر المارديني: معظم قصصي من خزّان الذاكرة.. وأستخدم فيها مقصاً مثلّماً

لا أكتب ليضحك مَن قصدت الإشارة بسخرية عن فِعلته، بل ليبكي!

قبل سنوات، حين أطلق الأستاذ الدكتور محمد عامر المارديني ؛ مجموعته القصصية الأولى، شكّل الأمر مفاجأة لكثر ممن عاصروه خلال عقود من مهامه ومسؤولياته. فهو بالنسبة لهم الأستاذ الجامعي وعميد كلية الصيدلة ورئيس جامعة دمشق ووزير التعليم العالي.. لكن ولادة ونشأة الدكتور المارديني في أسرة يعشق كافة أفرادها العلم والثقافة والأدب، وبلوغه سدة المؤسسة التعليمية العليا، كان مؤشراً على أنه لاشك يخفي في دواخله قارئاً وكاتباً- إن لم نقل أديباً.

وخلال هذا الاسبوع أصدر الدكتور محمد عامر المارديني؛ مجموعتين قصصيتين دفعة واحدة. تتصفان كما الأولى بأسلوب نقدي ساخر. فقد صادفت مجموعته الأولى إعجاباً وتقديراً من القراء، لأنه إلى جانب كونه (كاتب مؤثر)، كان قادراً على الخوض في غمار هذا الفن الصعب (النقد الساخر) وهو فن يلاقي لدى شعوبنا الاستحسان والبسمة، على الرغم من هدف أديبنا المارديني ليس فقط تعرية الواقع والإضاءة على الظواهر والسلوكيات السلبية، بل أيضاً خلق الضحكة والمعرفة والحكمة والموعظة بلا استعراض واستعلاء.
“الوسط” التي تتشرف وتُباهي بأن الأستاذ الدكتور محمد عامر المارديني يشغل يوم الأحد بمقاله الساخر الهادف في “الوسط” القراء، ويمنحهم مع البسمة دمعة وفكرة وخبرة. تحاوره اليوم بعد صدور مجموعته القصصية “مقصات ناعمة” وكذلك مجموعته القصصية “قصص شبه منحرفة”. ومشاركته في معرض الكتاب بدمشق. ليحدثنا عنهما بعد أن أحدثتا خلال اسبوع واحد؛ حراكاً وحضوراً في الساحة الثقافية؛ التي لا يقحم نفسه بين نجومها (كما يقول تواضعاً) على الرغم من أن الساحة نفسها هي من تصطفيه وتصفه بالأديب الساخر.
.

“قصص كثيرة”
“الكرم”، شيمتك معالي القاص د.محمد عامر المارديني، وهو -بشهادة الجميع بك- كرم انسحب على حياتك العلمية والعملية والقيادية.. ودلالة الكرم هنا تتجلى في إصدارك كتابين في آن معاً. وسؤالي الأول: مجموعة قصصية واحدة لا تكفي؟!

  • الحقيقة أنّي قد كتبت الكثير، وحين تجمّعَ لديَّ عددٌ كبير من القصص نصحني أحد أصدقائي من النقّاد أن أنشرها في مجموعتين، وليس في مجموعة واحدة، لأنّ معظم الناس يملّ، أو ربّما، يخشى الكتب الثخينة، وهذا ماكان.

قبل التوقّف مع الكتابين، بداية لنضع القراء في الأجواء، هل هما ذات طابع نقدي ساخر كما في مجموعتك السابقة “حموضة معدة”؟

  • معظم قصصي في هاتين المجموعتين له طابعٌ نقديٌّ ساخر ، ربما كان في المجموعة الأولى” حموضة معدة” بعضُ الإسهاب في الكتابة، لكنّي تعمّدتُ في هاتين المجموعتين أن تكونَ القصصُ قصيرةً ، لا بل تكاد تكونُ قصيرةً جداً.

“سخرية دون قدح”
تتعمد اسلوب السخرية والفكاهة وكشف اللثام عن العديد من الظواهر! ألا تخشى من هذا الاسلوب الصعب الشائك؟ ثم لماذا تتبعه كنمط كتابي؟

  • ولمَ أخشى؟؟ أنا أتحدّثُ بلسان عامّةِ الناس وبلغة سلسةٍ من حياتنا اليومية، كما نجدها في جميع وسائل التواصل الاجتماعيّ، وفي التلفزيون الرسمي. مع ذلك فلديّ الكثير لأكتبَه ، قد ألجأ أحياناً لحذفِ العديد من العبارات والكلمات من مبدأ الرقابة على النفس ، لا لشيء إنّما لأنني لا أحبّ اتباعَ أسلوب الذّمّ والقدح والتجريح والتشهير ، و لأترك فسحةً للقارىء كي يشاركَني فعل السخريةِ أو الضحك أو حتى البكاء.

 لنتوقف مع “مقصات ناعمة” فالعنوان يحمل تأكيداً على سؤالي السابق حول اسلوبك الفني. ماذا عن هذه المجموعة؟ وبم تختلف عن توأمها- المجموعة التي سنسألك عنها لاحقاً؟

  • “مقصات ناعمة” هو عنوان يندرج تحته جميعُ القصص المكتوبة، وليس عنواناً منفصلاً لقصة من المجموعة كما كان الحال في “حموضة معدة”، وكما ألمحتُ سابقاً فأنا أستخدم في الكتابة الساخرة مقصاً ناعماً أو مثلّماً أقطع به عباراتِ التهكّم والاستهزاء والهجاء كما يفعل الحلاقُ حين يقصّ قَصّةَ شعر لطيفةً تحمل في نهايتها الابتسامةَ أو الدمعة. وهذه المجموعة لا تختلف أبداً عن توأمها المعنوَن ب” قصص شبه منحرفة”.

“بسمة ودمعة”
لاشك أن عنوان “قصص شبه منحرفة” يشي بالكثير! لن أسأل عن سرّ العنوان، إنما عن أي مسار تنحرف تلك القصص؟ هل هي موجعة، قاسية، صادمة؟

  • في كلتا المجموعتين القصصيّتين انحرافٌ عن الشائع وعن السرد المتبع في القصص القصيرة حيث أنّ القارىءَ سينتظر النهاياتِ ليعرف المعنى أو المغزى الذي أريد. وأنا هنا لا أقصد أن أصدمَ القارئَ بنهايةٍ موجعة ، بل نهاية تحمل في طيّاتِها بسمةً قد تخالِطُها دمعةٌ.

هل يمكننا اعتبار (الكتابين- المجموعتين) فيما يخص محنواهما، هما كما جزء أول وثان؟ أم ثمة اختلافات بينهما؟

  • لا اختلافات نهائياً بين المجموعتين. وكما ذكرت في البداية هنا مجموعة واحدة مقسّمة على جزأين ، وربما سيلحق بهما جزءٌ ثالث ورابع وعاشر.

“في معرض الكتاب”
كيف تنظر لمشاركتك في “معرض دمشق للكتاب” الذي يقام حالياً. من خلال مجموعة كتبك؟ وهل سيكون هناك حفل توقيع للكتابين؟

  • لي الفخر أن أشارك في معرض دمشق للكتاب..فمُذ كنت يافعاً كان لي حلم وطموح أن يكونَ لي ما يُقرأ بين رفوف المعرض بعيداً من الكتب العلمية التي ألفتُ أو أعددتُ أو نقّحت. وهكذا فقد حققتُ حلمي بمجموعتي الأولى ثم الثانية والثالثة، شاكراً في هذا المقام كلَّ من ساعدني لأصل إلى ما وصلت إليه وبشكل خاص الإعلامي الأستاذ نضال زغبور والأديب الدكتور نبيل طعمة والأستاذة الأديبة ندى مارديني والشاعرة الصحفية الناقدة روعة يونس. وليس أخيراً الأديبة المهندسة عفراء هدبا صاحبة الفضل في نشر المجموعتين الجديدتين. أما حفل التوقيع فكان اليوم الأربعاء ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢١ في مكتبة الأسد حيث المعرضُ.

لاحظنا أن الكتابين تميّزا حتى بالأغلفة التي جاءت هذه المرة مغايرة لكتاب “حموضة معدة” فهما تتماشيان مع روح ومتن الكتابين، هل رغبت بإعلام القارئ منذ البداية أنه سيكون أمام كتب نقد ساخر؟

  • البداية كانت مع مجموعة ” حموضة معدة” والتي كان الفضل في نشرها لـ”دار الشرق للطباعة والنشر” حيث كان الرأي في الطباعة والغلاف للدار نفسِها، أما في المجموعتين الأخيرتين فقد عُرض علي العديدُ من الاقتراحات التي درستُها إلى أن استقرَّ رأيي على الغلاف الحالي بنصيحة من دار النشر وقد أعجبَني وشدّني كثيراً..


.
“حلو ومر”
في الإشارة إلى القراء. هل سيجدون في متن المجموعتين، كشفاً للظواهر السلبية وللظروف المعيشية والحالات والأزمات التي نعيشها بعد الحرب؟

  • استعرضتُ في معظم قصصي قضايا كثيرةً ومواضيع شتّى ، منها الساخر ومنها الكوميدي وكذلك التراجيدي، ومعظم ما كتبت هو من قبيل ما شاهدت وسمعت وقرأت. لقد صورتُ المجتمع بحلوِه ومرّه ، صوراً تعكس عقابيل الحرب المجنونة التي عشناها عشرَةَ أعوامٍ وصوراً عن حالنا مع الكورونا اللعينة وصوراً أخرى تناولَتِ الحالَ المعاشية متناولاً بالنقد العديدَ من القضايا الاجتماعية والثقافية وغيرها.

الأستاذ الدكتور محمد عامر المارديني، وزيراً للتعليم العالي، وقبلها رئيس جامعة دمشق، والآن رئيس جامعة أيضاً. فضلاً عن كونك شغلت وتشغل رئاسة وأمانة عامة للعديد من الجمعيات واللجان. أصدقنا معاليك: هل سنقرأ قصصاً ونقداً عن تلك الحقبات والمراحل بما فيها من أحداث ومواقف؟

  • للمناسبة فكثير من قصصي هي من خزّان الذاكرة، فلقد سبق لي وأن اختلطت من خلال عملي الاداري العلمي بالعديد من المجتمعات كمجتمع الطلابِ الذي يزخرُ بعديد المواقف الطريفة أو القابلة للنقد، وكذلك مجتمعات أخرى كالعاملين في الدولة أو أعضاء الهيئة التعليمية أو الوزراء وغيرهم من الأصدقاء والجيران وأهل الحي. وما زلت أمارس هوايتي في تذكّر المواقف في طفولتي ومراهقتي والكتابة عنها.


.
“هواية الكتابة”
لأننا سعداء بوجودك القوي الفاعل في الساحة الثقافية، رغم تأخرك في اقتحام الساحة والكشف عن إبداعك المخبوء، نرغب أن تخبرنا إن كان لديك مشاريع قادمة؟ ربما كتب جديدة أو تحويل المجموعات إلى أعمال فنية؟

  • أولاً أريد أن أعترف بل أفخر بأنني ما زلت هاوياً الكتابةَ، ولا أرغب نهائياً في إقحامِ نفسي بين الأدباء الذين أجلّ وأحترم، فأنا أستاذ جامعي قبل كل شيء، أهتم بتطوير معارفي في الاختصاص الذي أعمل به وهو رقابة جودة الأدوية، لكنني أملأ أوقاتَ فراغي بالكتابة والقراءة.. حتى أنني حاولت من مدة اختراق عالم الرواية فكتبت واحدةً ستُنشر قريباً.. وكما ذكرت سيكون هناك مجموعات قصصية قادمة.

ربما كنت ترغب بأن نوجه إليك سؤالاً ما، وفاتني ذلك. هل لديك ما تريد الإشارة إليه؟

  • أرغب أن أشير إلى قضية مهمة للغاية، أنا لا أكتب كي يضحك مَن قصدت الإشارة بسخرية عن فِعلته، إذ ينبغي له أن يبكي!

حوار: روعة يونس

تابعونا على صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى