صحيفة النهار اللبنانية: أميركا وفرنسا تؤيّدان ميقاتي رئيساً مكلّفاً… والسعودية!

|| Midline-news || – الوسط …
كتب سركيس نعوم في صحيفة النهار اللبنانية مقالا قال فيه :
تفيد المعلومات الواردة الى بيروت من أكثر من عاصمة دولية وعربية أن حظوظ الرئيس نجيب ميقاتي في أن يصبح الرئيس المكلّف تأليف حكومة جديدة في لبنان بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون صارت كبيرة جداً.
فهو حصل على تأييد فرنسا التي استطاع نسج علاقات جيّدة معها منذ مدة طويلة كما حصل على تأييد الولايات المتحدة التي نسج معها ومن زمان أيضاً علاقة جيدة، لكن الذي دفعها وفي هذه المرحلة بالذات الى إعادة اهتمامها بلبنان كان إقدام ملك الأردن عبدالله الثاني في أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة على إثارة الموضوع اللبناني مع رئيسها بايدن وإدارته وشرحه لهما أن استمرار غياب الحل في لبنان ووصوله الى درجة الانحلال الكامل دولةً ومؤسسات وشعباً والى الفوضى وربما الحرب الأهلية وغير الأهلية سيضع العالم الغربي ولا سيما الأوروبي منه أمام موجة هجرة كثيفة لا يقوم بها اللبنانيون وحدهم، بل يشارك فيها أيضاً النازحون السوريون الى بلادهم واللاجئون الفلسطينيون المقيمون فيها.
طبيعي أن يستغل الإرهابيون هجرة كهذه من أجل التسلّل الى عواصم العالم ولا سيما الغربية منها وأن يعيدوا تركيز خلاياهم فيها وإحياء نشاطهم أو بالأحرى إعادته الى المستوى المرتفع الذي بلغه جرّاء الحرب السورية التي اندلعت عام 2011، كما جرّاء مبادرة تركيا أردوغان الى فتح الأبواب أمامها تسهيلاً لوصولها الى الغرب الأوروبي.
و تفيد المعلومات نفسها أيضاً أن الولايات المتحدة اتصلت بفرنسا واتفقت معها على ضرورة معاودة الجهود لتأليف حكومة قادرة بمساعدتهما معاً على تأمين المساعدات المالية وغير المالية اللازمة لوقف الانهيار الشامل في البلاد، ولإعادة وضعها على طريق العافية وإن طويلة.
وتفيد أخيراً أن اتصالات جرت بين واشنطن والرياض حاولت الأولى فيها إقناع الثانية بعودة اهتمامها بلبنان وبمساعدته مادياً، وخصوصاً إذا نجح في تأليف حكومة جدّية وقادرة. والمعلومات المتوافرة تفيد أن تفاهماً بينهما على ذلك قد حصل، لكن طبعاً بعد أن عرفت المملكة العربية السعودية أن الحكومة ستكون برئاسة نجيب ميقاتي الذي يحظى بدعم أميركي – فرنسي.
هل يعني ذلك أن طريق ميقاتي الى السراي الحكومية صارت مفتوحة ومعبّدة؟
لا يمكن إعطاء جواب يؤكّد ذلك مئة في المئة أو ينفيه مئة في المئة. لكن الممكن هو الإشارة الى معلومات عن الاتصالات التي جرت بين الخارج المهتم والمعني وعدد من القيادات اللبنانية الأساسية لإقناعها بأن لبنان قد يكون أمام فرصة جدية لقيام حكومة قادرة على العمل لوقف انحداره الى أعماق جهنم ولإخراجه منها بالتدريج.
الاتصال الأبرز والأهم كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وكان إيجابياً الى حد كبير. وقد طلب منه الذين اتصلوا به البحث مع شريكه في “الثنائية الشيعية” أي “حزب الله” في هذا الموضوع وإقناعه بالتعاون مع حلفائه بتأمين وصول ميقاتي الى رئاسة الحكومة وبمساعدته للنجاح في تأليفها وأخيراً بتمكينها من العمل والإنتاج. وتكوّن عند المتصلين ببري بعد ذلك انطباعٌ أن الأمور سائرة في الطريق الصحيحة وأن “الحزب” سيقوم بما عليه في هذا المجال.
من شأن ذلك النجاح على الأرجح في إقناع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” الذي أسّسه أي النائب جبران باسيل بقبول تسهيل ليس تكليف ميقاتي فقط بل تأليفه الحكومة بالاتفاق مع الأول وفقاً لما ينص عليه الدستور.
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي الآتية: هل وافق “حزب الله” على ميقاتي رئيساً مكلّفاً تأليف الحكومة ثم رئيساً رسمياً لها؟ هل سيحاول فعلاً إقناع حليفه الرئيس عون بذلك؟ ما هو موقف عون وتالياً صهره باسيل من ميقاتي رئيساً للحكومة؟
الأجوبة عن هذه الأسئلة ليست نهائية في رأي الجهات المتابعة لهذه العملية المعقّدة.
وهي تشير أولاً الى أن “حزب الله” ربما يفضّل رئيس حكومة من طراز رئيس الحكومة المستقيلة الدكتور حسان دياب.
وتشير ثانياً الى أن عون قد لا يكون متحمساً لميقاتي لأنه يحظى هذه المرة بتأييد الرئيس المكلّف المعتذر سعد الحريري. وهو لم يصدّق أنه تخلّص منه وإن بعد نحو 9 أشهر من العذاب في أثناء تكليفه.
وتشير ثالثاً الى حرص الرئيس عون على معرفة “ماذا يطلع له” في حال قبل ميقاتي مرشحاً لرئاسة الحكومة وسهّل أمور تكليفه تأليفها؟. وهذا أمرٌ طرحه وإن جزئياً ومن دون تفصيل مع مبعوث فرنسي زار لبنان أخيراً وذلك بتوجيهه السؤال الآتي إليه: “ماذا أربح أنا من هذه العملية كلّها؟”
والمقصود بذلك هل تُرفع العقوبات الأميركية عن صهره الأقرب إليه داخل “التيار” الذي أسّس كما داخل العائلة؟
يبدو أن باسيل كان سمع من المبعوث نفسه عن اجتماعه به وعداً بعدم فرض فرنسا عقوبات عليه في حال سهّل تكليف ميقاتي وتأليفه الحكومة. لكن ذلك لم يغرّ باسيل لأنه أساساً يعيش تحت عقوبات فرضتها عليه أميركا وهذا ما قاله الى المبعوث المذكور.
تشير الأجوبة نفسها رابعاً الى اقتناع أو على الأقل الى اعتقاد بعض الداخل والخارج بأن “حزب الله” قد لا يكون كثير الحماسة لتكليف ميقاتي رغم تأييد الحريري له، ورغم وجود قناة اتصال غير مباشرة معه قادرة على تدوير الزوايا. وهو قد يعتمد على حليفيه عون وباسيل لإبعاد كأس ميقاتي عن شفتيه إذا كان يظن فعلاً أنها مرّة.
لكن موقفاً كهذا لن يكون مردوده عليه إيجابياً إذ أنه لا يستطيع “إزعال” حليفه بل شريكه في “الثنائية” الرئيس بري، وهو أمرٌ لا يحصل للمرة الأولى، ولتكراره آثار لا تخفى على أحد. كما لا يستطيع وضع السنّة خارج السلطة الفعلية هو الحريص على عدم وصولهم والشيعة الى حال اصطدام جدّي وكبير. لكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو: ماذا سيكون الموقف المسيحي على تنوّع أصحابه وتناقضهم من ترشيح ميقاتي لتأليف الحكومة أو من تكليفه؟