“شو” مؤامرة ما مؤامرة؟! .. بشار جرار – واشنطن
لا حاجة لتفسير معنى العنوان والفضل للمسلسلات السورية واسعة الانتشار وأحدثها وفي مقدمتها “النار بالنار” و “الزند”..
ولمن غمّ عليهم تحري المعنى أقول، إن التساؤل المطروح يأتي على لسان رافضي الإقرار بأن بعض ما يجري من حولنا مؤامرة، ولا يمكن فهمها إلا كذلك. هذا الرفض ليس مماحكة مع “جماعة” نظريات المؤامرة، وإنما تصدقه الأحداث في “بلاد العرب أوطاني، من المحيط إلى الخليج”، وإلا فما معنى اندلاع أحداث السودان الذي صار في عهد “البشير” سودانين “شمالاً وجنوباً، وكان مملكة واحدة مع مصر والنوبة إبّان العهد الملكي الزاهر لما كانت ترسل مساعدات الإغاثة إلى أوروبا وتستقبل العمالة الأوروبية الغربية الوافدة صيفاً شتاًء من الضفة الشمالية للمتوسط.
ما كادت فرحتنا تتم ببيان جدة، وبشائر المصالحة السورية العربية تتوالى حتى تبلغ في القمة العربية المقبلة ذروتها بعون الله وبضيافة المملكة العربية السعودية.
فما الذي جرى؟ أو ليست “الشياطين حبيسة” خاصة في العشر الأواخر من رمضان المبارك؟ ما الذي أوقع البغضاء بين الصائمين المعتكفين، رفاق السلاح؟ بأي ضمير شهدنا تلك الممارسات العنصرية المقيتة التي مورست دون خجل أمام الألواح الذكية، بحق رفيق السلاح ومن قبل “الزول”، الرجل السوداني وقد امتهنت كرامته الإنسانية ورجولته وشرفه العسكري.
دون اتهامية لأحد، أوليس التوقيت مدروساً بلؤم؟ من تراه المستهدف؟ تقسيم المقسّم أصلا؟ كم سودان يريدون؟ أم أن دائرة البغي أكبر ودوائر الشر أعمق؟ أتراهم يستهدفون الشمال، مصر عبر حلايب أو الاصطفاف مع إثيوبيا بعد فعلتها في سد النهضة؟ أم أنهم يستهدفون الشرق، السعودية والملاحة الدولية في البحر الأحمر؟.
كائناً من كانوا ليس العتب عليهم، فلا تنجح مؤامرة دون ظروف موضوعية قد تستغني تماماً عن وجود طابور خامس أو سادس، تستغني تماماً عن الحاجة إلى عملاء وخونة وحروب مهجنة أو حتى هجينة!.
نرجع بضع قرون إلى الوراء، خرج في السودان من أراد زواج ملكة بريطانيا وتحويلها إلى دولة إسلامية “حسب فهمه للدولة وللحريم”! وقبل عقود خرج في السودان من أقام “الشريعة” وفق فهم يقارب “فهم” عصابات داعش والنصرة الإجرامية، كان الزوج مطالب بالاحتفاظ بشهادة الزواج في جيبه لإثبات أنه في معيّة حرمه المصون لا غيرها على ضفاف النيل الأبيض أو الأزرق! وقبل سنين معدودات أو تزيد قليلاً، كان الإخونج لا يحكمون فقط، بل ويسرحون ويمرحون من اليمن إلى مصر إلى تونس إلى بريطانيا وكندا!.
الظروف الموضوعية التي فشلت في تطبيق السودان سلة غذاء للوطن العربي، واستضافت مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، ودخلت لعبة الكيماوي والبيولوجي والصواريخ، همّشت -والبعض يؤكد- اضطهدت كل من هو على غير ملّة أو مذهب “الريس”!، لو كانت دولة مواطنة لما تحققت شروط الانفصال-الاستقلال في الجنوب. شروط المؤامرة تحققت في هول جرائم تم اقترافها جماعياً في دارفور ومنها التجنيد القسري للأطفال والاغتصاب كسلاح حرب وإرهاب. ها هي ظاهرة “الجنجويد” تثبت كغيرها من التنظيمات الموازية المسلحة وشبه المسلحة على امتداد العالم بأنها جنّ-عفريت-مارد قابع في قارورة، يعلم مالكها متى يحكّها وكيف يستحضره وأين يطلقه؟.
وبالإجابة على السؤال أعلاه، المؤامرة تعرف بنتائجها وإن خفت ملامح صناعها، فاعلين ومفعولين بهم! في المؤامرات، الإعراب لا يخرج أبداً عن صيغة “المفعول لإجله”..
إقرأ أيضاً .. الأصول في معايدات أبناء الأصول ..
إقرأ أيضاَ .. سورية الصلح والتصالح والمصالح ..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..
عنوان الكاتب على basharjarrar : Twitter