العناوين الرئيسيةمرايا

شعر البادية السورية.. قصائد نبطية تعتمد العامية وتستلهم الأدب الجاهلي

 

 شعر البادية السورية .. أو الشعر الشعبي “النبطي” كما يطلق عليه، في كافة البوادي العربية. يجري في أفئدة شعرائه، كجريان مياه نبع في ساقية, خرير مياهها يشبه زقزقة العصافير في يوم ربيعي, تخرج الكلمات لتعبر عن لواعج قائليها, ومنها ما يصلح ليكون أغنية مصحوبة بأدوات البادية الموسيقية المعروفة من ربابة أو منجيرة.

وبحسب مجموعة من النقاد، فإن شعر البادية السورية، مستوحى من البيئة المحلية والطبيعة البكر, مع جزالة اللفظ , ودقة التعبير, وسطوة المعنى، مع جذور تتلاقح مع أدب العصر الجاهلي.

“الوسط” التقت باقة من الشعراء نجوم شعر البادية السورية .. لإلقاء الضوء على هذا النوع من الشعر الذي لم ينلْ حقّه من اهتمام الباحثين والدارسين، ما خلا دراسة هنا وبحثا هناك رغم غناه وتنوع مواضيعه وأنواعه وبحوره.. وإقامة أمسيات تحتفي به بين حين وآخر.
.
شعر البادية السورية
من أمسيات الشعر في بادية سوريا

شعر البادية السورية

تطلق تسمية “الشعر البدوي” على شعر البادية في سوريا، ويسمى النبطي والشعبي. وهو الشعر المحكي أو القصيد المرتبط باللهجة البدوية. وقد ساواه ابن خلدون بالشعر الفصيح لإعجابه به. فيما سمي “الشعر النبطي” نسبة إلى وادي نبط قرب المدينة المنورة في الحجاز, ومنهم من نسبه إلى قبيلة ” نبيط” التي كان مقرها في العراق. لكن يتفق الجميع على تسميته بالنبطي لاستنباطه من الشعر العربي التقليدي. ويقسمه المهتمون إلى: العتابا وهي التي تُغنّى, والسويحلي, والعتابا أنواع منها “الميمر والموليّا “منبعها منطقة الجزيرة والفرات. و”النايل، والأبوذيّة” وغير ذلك…
.
شعر البادية السورية
الشاعر أبو الطيب المنصوري

تستلهم الأدب الجاهلي

يتميز شعر البادية السورية بأن قصائده تستلهم الأدب الجاهلي في كثير من “اللفظ والمعنى”. ففي لقائنا الشاعر الشعبي أبو الطيب المنصوري من مدينة حمص، قال: إن الشعر البدوي يعبر عن سحر البادية وجمالها, وهو كالشعر الموزون له بحوره، كما له أغراضه المتعددة, وأهمها الإشارة إلى مكارم الأخلاق، كما فعل شعراء العصر الجاهلي، من وصف المودة والشهامة والنبل، والمديح، وإكرام الضيف، والمناقب التي يتمتع بها أهل البادية.. وهو شبيه في مفرداته الجزلة بالشعر الجاهلي من حيث قوة الألفاظ ومتانة التراكيب الدلالية المعبرة عن ما يرمي إليه الشاعر, كما أنه غني بالصور البيانية التي تخدم تفسير المعنى وتوضيحه وأحيانا المبالغة بهدف إيصال الفكرة للمتلقي, لذلك يصعب فهم الشعر البدوي في بعض الأحيان ليس لأنه مكتوب باللهجة البدوية وإنما لأن التعابير المستخدمة في الكتابة هي تعابير قديمة, ولها -بالتأكيد– ما يرادفها من حيث المعنى والدلالة.
أضاف المنصوري: إن كتابة الشعر البدوي وطرق إلقاء قصائده تدل على فطنة مميزة لدى الشعراء وسرعة بديهة تشير إلى امتلاكهم مخزوناً لغوياً غنياً وجميلاً في الوقت ذاته.
يقول في قصيدة له من بحر الرجز:
“أنا الحر وما في بطبعي شريك…
أنا الحر وأنا جزو على أمور الصعيباتِ
يا ديب وش اللي بالفلا ساريك…
وحدك تعول على جراكِ عويلاتِ
.
.
الشاعر ممدوح السعدي

قصائد نبطية

ويرى الشاعر ممدوح الخشيم السعدي من منطقة اليعربية- الذي يكتب الشعر عن شغف وموهبة، منذ عقدين، وسبق له أن شارك في برنامج “شاعر الشعراء” في دمشق.. وحصل على المركز الأول على مستوى سوريا ومثلها في إحدى المسابقات على مستوى الوطن العربي في العام 2007.. أن الشعر البدوي هو قصائد نبطية -تُعرف في دول الخليج العربي والعراق وبلاد الشام. وهو شعر يعالج كل المواضيع الحياتية من علاقات اجتماعية وجدانية وأوضاع اقتصادية تعكس ظروف العيش في البادية, وهموم حياتية, ومن أغراضه المعروفة المدح والغزل والرثاء.
ويرى السعدي في الشعر البدوي امتداد للشعر العربي القديم في العصر الجاهلي وصدر الإسلام.
يقول في قصيدة له من بحر المسحوب:
ترى الرجل مرات يشكي همومه…
للناس لو الناس ما منهم فود
ويبكي لو ان الخلايق تلومه…
على سنينٍ فايته ليته تعود
.
.
الشاعر دواس المرزقاني

تعتمد العامية

 من جهته يقول الشاعر دوّاس نزال المرزقاني- من مدينة القامشلي, ويكتب الشعر منذ ستة عشر عاماً.. وهو خريج كلية التربية, سبق له أن شارك في أمسيات وندوات شعرية في سوريا والعراق ودول الخليج:
“قصائد شعر البادية السورية , أو الشعر النبطي- الشعبي.. تعتمد اللهجة العامية لسكان البادية. ونجد من هذا الشعر الجميل عدة أنواع منها: المسحوب وبحره “مستفعلن مستفعلن فاعلاتن”. وهناك الهجيني وبحره “مستفعلن فاعلن فاعل”. والصخري, والأراجيز وبحره الرجَز.
استرسل المرزقاني مضيفاً “أكتب الشعر بموهبة تلقائية، فقد تولّد لدي حب هذا النوع من الشعر في البداية كهواية… ثم تحول إلى شغف لأنه شعر جميل يعبر عما يجول في خاطري! لنزعته الوجدانية التي تطلع من القلب لتدخل القلوب. كما أنه يتطرق إلى كل ما يعيشه الإنسان في البادية من علاقات اجتماعية وعاطفية, بالإضافة إلى تسليط القصائد الأضواء على ما يتعرض له سكان البادية من ظروف معيشية متنوعة.
ويقول المرزقاني في قصيدة عاطفية:
قافي على الزين شدّيته…
قلبي على الشوق حاديني
رجم الهواجيس عدّيته…
واومي على الزين بيديني

.

*سهيلة إسماعيل
.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى