سورية الوجع .. هني الحمدان

يبدو أن قدر السوريين أن يصارعوا النكبات والحروب والحصار، في ظل انعدام أي حسّ إنساني لدى دول تدّعي الإنسانية، فالزلزال المدمّر كشف زيف وادعاءات دول كبرى، وأخرى كانت تتذّرع بالشرطي الأمريكي والحصار الجائر على سورية، كما كشف بكل جلاء عن وجه الغرب العنصري تجاه المنطقة العربية، وسورية على وجه التحديد.
لم يكن تعامل دول العالم مع سورية بمثل تعاملها مع تركيا، إذ لم يكن الرادع الإنساني كافياً لتأخذ دوراً إنسانياً يسجّل لها، طبعاً مع استثناءات لبعض الدول التي سجّلت حضوراً مشكوراً وتركت بصمات من الخير لا ينساها السوريون.
أمام ما حدث وما تم كشفه من هول الكارثة، موتٌ ودمار وبشر مشردون، وفزع ورعب لا يقارن بهول، مصابٌ فاجع غير مسبوق منذ عقود طويلة، كانت لمسات دول العالم مخجلة ومذلّة، كانت تترقّب كلمة سيّدها الشرطي الأمريكي، وإذنه بالسماح لها لتعبّر عن وقفتها المخجلة، وهاهو “الشرطيّ” يخفّف من قيود حصاره على سورية المقاومة، ويأذن لدول العالم التي لم تعد تتحلّى بأي إنسانية أمام ماعاناه السوريون، الذين أثبتوا للعالم أنهم رجال، كانوا يزيلون الأنقاض بأيديهم، وينجدون آباءهم وأبناءهم وأطفالهم وإخوة لهم أمام مرأى ومسمع “دول الديمقراطيات” والحرّيات الزائفة ..!
لقد أغدقت تلك الدول على تركيا، هذا البلد المتقدم والقوي بإمكاناته وتجهيزاته، لكنه أمام هول زلزال قوي كان بحاجة كبيرة إلى مساعدات ومستلزمات، وفي الوقت نفسه تعي كل دول العالم أن سورية بلدٌ محاصر ومنهك بسيلٍ من العقوبات الأمريكية والأوروبية الظالمة، وعانى من الإرهاب والحرب، وهو أكثر حاجة للمساعدات الشاملة، فالحرب والحصار أنهكاه من كل الجوانب، فلا تنمية، ولا تجهيزات كاملة للعمل ولا حتى لإنقاذ البشر من تحت الركام، والمقرف بحق ما تبثه بعض وسائل الإعلام “الساقطة” من أخبار لم يعد يستساغ سماعها بعد وقوع الفاجعة، حول مناطق “خارجة وداخلة”، من باب تسويق ادعاءات كاذبة تبرّر قصور تعامل تلك الدول حيال فاجعة إنسانية.
بالمقابل هناك دول عربية وأخرى صديقة سارعت ومنذ اللحظات الأولى لوقوع الكارثة بالتدخّل، وكسرت حصار أمريكا الشائن على الشعب السوري، فتحت المعابر الجوية وخطوط الإغاثة صوب سورية، وكان تدخّلها الإنساني الكبير ردّاً على الإذعان للحصار والعقوبات الأمريكية وعقوبات الدول الأخرى ضد سورية.
اليوم وبعد أن خفّف شرطيّ العالم من قيود حصاره على سورية، هل ستخجل بعض الدول من تقصيرها إنسانياً تجاه بلد يعاني الحصار، بلد منهك ومتعب اقتصادياً ومعيشياً، بلدٌ يعاني اليوم من كارثة ..؟ هل تسارع وتفتح أبواب تسهيل مساعداتها؟.
اليوم لا حجة لأحد، فالباب مفتوح أمام الدول والمؤسسات وحتى الأفراد، لعلّ ذلك يخرج سورية من عزلتها ويساعد شعبها المنكوب .
المؤشرات توضح أن دولاً ساعدت على استحياء، ودولاً تذرّعت، وأخرى لم تقدم على فعل شيء، وهذا يجب أن يعزّز لنا مقولة أن خطابات العالم معجونة بالكذب والرياء، أين بعض الدول الصديقة والتي تروّج محبتها لسورية ..؟.
لقد اعتمد السوريون على أنفسهم بوسائل بسيطة، وعلى جهود السبّاقين لتلبية نداء الواجب والإنسانية والإخوة وبعض الأصدقاء وانتشلوا ضحاياهم وما زالوا، فطوبى لكل جهد..
صرخاتُ أطفالٍ يصارعون الموت تحت الأنقاض، وآخرون رفعوا إلى السماء، ضاقت الأرض، تناثرت صور منكوبة، وأصواتٌ تنادي: هل من مغيث يلبي نداءنا ..؟!؟
لقد سمع العالم الآهات والنداءات لكنه انسلخ عن إنسانيته.
إقرأ أيضاً .. لنبتعد عن أجواء التفاؤل! ..
إقرأ أيضاً .. التنمية .. وقرانا البائسة ! ..
*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب