إضاءاتالعناوين الرئيسية
ذلك السؤال المعلق … أحمد علي هلال
السؤال المعلق .. أبعد مما فاضت به قريحة سارتر حول مأثرة الكتابة… لماذا نكتب وبم نكتب وكيف نكتب، في كتاب شكل ذات يوم علامة فارقة في تحولات القراءة هو ما الأدب؟
لكننا سنشتق من ذلك السؤال أسئلة جديدة يشي بها متغير السيرة الذاتية، ولم يتنكب المبدع دروبها، لنكون في مواجهة مراياه الصادمة أو الضارية على حد سواء، فما يبوح به متعالقاً بجرأة غير متوقعة حد الذهول، هو أكثر من المسكوت عنه، إذ وجدنا مع محمد شكري ومن قبله كثيرون من أمثال جان جينيه وهنري ميلر وميلان كونديرا وبينهم ذلك الجسر المعلق جان جاك روسو في اعترافاته الملهمة والمستلهمة بما جهر به القس أوغسطين، فلماذا نعود لتقليب وجوه ما نصطلح عليه بأدب السيرة الذاتية، والسيرة سير مركبة بفتنتها وغاباتها السرد ذاتية..
لكن الذات حينما تستجمع أجزاءها، تقول للآخر تلك وجوهي الأخرى ويحق للنقاد أن يذهبوا إلى ذلك الاستقراء الحصيف، بما امتلكوا من أدوات ومناهج نقدية تفتح في أفق –تلك التجارب- والاعترافات.
وما يُخشى في هذا السياق أن تتحول تلك الاعترافات بعيداً عن وجهة النظر الأدبية إلى نمط ينغلق على ذاته، أي تصبح له مع الألفة والاعتياد صلة لا تستمر بكسر أفق التوقع، وهل ذلك كله ما سجل نقطة تحول في الأدب العربي قبل العالمي، وكلاهما معاً سيعنيان أن أدب السيرة الذاتية سيصبح عقداً مع القارئ حينما تصفو الكتابة لتصبح رحلة في اللامتوقع والخفي، إذ تُترك التجربة لتبوح أكثر ومعها ستتغير عادات القراءة لتقف على مأثرة كبرى هي إن كل كتابة هي نوع من السيرة، فإذا أضحكنا روسو في اعترافاته فإن محمد شكري في المقابل آلمنا حد انكشاف الجرح، وما بينهما ستتبدى حقائق كثيرة وأدلها ذلك السؤال المعلق هل الكلمة الأخيرة لم تقل بعد؟، في أنهار فاضت من ذوات قلقة مرتبكة حاولت ضبط إيقاعها مع عالم شديد التناقض، كثيف الإرتكابات، فالجهر بفراغات التجربة سيصبح تجربة أخرى ستملي على النقد أسئلة جديدة، ليس لمقاربة هذا النوع واكتشاف أسراره الفادحة فحسب، وليس لفضيلة منهج نقدي دون سواه سيتفرد بالاكتشاف، بل أكثر من ذلك، بل لأننا ككائنات نتوسل ردم غيابنا ولو بألسنة طاولت جدران الخوف والعزلة والمحو.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا
-لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews