دين “ديستوفسكي”.. حسين شعبان

دين “ديستوفسكي”.. إذا سألتك: هل قرأت الادب الروسي؟ حاول أن لا يكون الجواب: لا !
باختصار الأدب الروسي اختزل كل علوم وآداب وأديان وفلسفات الأرض.. اعتباراً من غوغول وبوشكين، وانتهاء بتشيخوف، مروررا بتولستوي، ديستوفسكي، بورنين، مكسيم غوركي، وكثيرين.
كل ما فكر به البشر موجود في الأدب الروسي. الواقعية.. السوداوية.. السحر.. العمق.. الفلسفة العميقة..الخ.
وأنا بصفتي مفكر (جربان) أنصّب ديستوفيسكي عميداً للأدب العالمي. وأشكر الحظ أن قرار إعدامه توقف قبل إطلاق الرصاص على رأسه في سيبيريا في آخر لحظة، بعد أن تم إعدام خمسة قبله، وإلا كنا حرمنا من زبدة الأدب العالمي.
قد يكون الدين أوسع اتشارا من الفلسفة، لأن الفلسفة دين شخص. أما الدين فهو فلسفة شعب.. ولأن الشعوب بغالبيتها ليست من الفلاسفة. فكان دين ديستوفسكي -بتقديري- أعظم الأديان لأنه دين الإنسان.
إن من قرأ مشهد اعتقال المسيح من قبل محاكم التفتيش في اسبانيا في رواية “الأخوة كارامازوف” يعرف مدى عمق هذا الفيلسوف. وعلى سيرة الأخوة كارامازوف فإن الحوارات التي جرت فيها جعلتني أهرش رأسي لمدة ثلاثة أيام! فكيف يمكن لرواية كُتبت منتصف القرن التاسع عشر أن تمثل مشاعر البشر في كل العصور…فقط بَدِّل عربة الأحصنة بسيارة، والقيصر برئيس أو ملك أو أمير الخ…
تأكدتُ بفضله أن الشعور الإنساني واحد وعلم النفس واحد والظروف المشتركة تُولِّد بشراً متشابهين. كما المحاكمات العقلية في “الجريمة والعقاب” تعتبر سفر في الفلسفة والجدلية العقلية.
عندما سأل جون كندي الأمريكي خروتشوف السوفييتي: لماذا بعد الثورة البلشفية لم تنتجوا أدباء؟؟..قال خروتشوف: لأن الظلم والقهر صنعا عظماء الأدب، ونحن كنا آنذاك نبحث عن بناء الإنسان.. لهذا اليوم اختفى الأدباء”. وبغض النظر عن هذا الجواب الفقهي المكير. لكنه يحمل وجهة نظر. فعظمة هذا الأدب جعلته ينال الأبدية، وهو الدليل الوحيد على أن الفضيلة والجمال والعمق والبساطة… واختصاراً: الإنسان، مازال موجودا.
.
*كاتب من سوريا
تابعونا على صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews