دمشق وحماس: العود ليس بأحمد! .. بشار جرار .. واشنطن ..

يحار اللبيب في تفكيك تلابيب الحراك “الدبلوماسي” في الشرق الأوسط، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كان القصف الإعلامي على مساوئه فيه شيء من الفروسية فلا غدر في العلاقات عندما تصل إلى مستوى فلاش الكاميرا بمصافحة هنا وعناق هناك.
في السبعينيات، تغيرت الأجواء، خاصة بعد حرب لها من التسميات ما يقول الشيء الكثير: حرب تشرين، حرب أكتوبر، حرب رمضان، حرب يوم الغفران (يوم كيبور بالعبري) أو حرب العبور، وما زال كثير من الجبهات بحاجة إلى العبور الحقيقي، عبور لن يتحقق إلا بالوعي وبالصدق وبالشجاعة الأدبية..
فقد المستمع العربي الثقة بإذاعاته بعد ظاهرة أحمد سعيد و”تجوّع يا سمك” التي كانت كارثة وفضيحة سياسية إعلامية لا مثيل لها في وصم العرب والمسلمين بمعاداة السامية مع أن أحدا لم يفوض لا سعيد ولا “ناصر” بالتحدث باسمهم إلى الرأي العام الدولي!
فقد المشاهد العربي الثقة بتلفزيوناته بعد أن انقلبت العلاقات السورية المصرية بعد حرب العبور وعبور الرئيس المصري الراحل (الرئيس المؤمن) محمد أنور السادات جوا إلى القدس، نائب الرئيس الأسبق الراحل عبد الحليم خدام الذي أشار على الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد باعتقال السادات صار -ومن كان ليتخيل- “معارضاً” عن بعد، لا بل وداعماً لـ “ثورة” هي عملياً بقيادة جماعة الإخونج وأخواتها في نسخٍ أكثر مسخاً وسواداً، من بينها النصرة (يعني القاعدة) وعصابة داعش الإرهابية.
هكذا .. وعشنا حتى رأينا بياناً أقل ما يقال فيه إنه وقح دبلوماسياً، فجّ سياسياً وفظّ إعلامياً .. لن أتحدث عن الأخلاق، فمن لا دين له لا أخلاق له، وليست كل الأديان فيما يخص القيم والأخلاق سواء، مع محبتنا للجميع..
بيان حماس يقول إنه حرصاً على “الأمة” و”القضية” ودور سورية فإنها تعلن عودة العلاقات مع “سوريا” هكذا بألف ممدودة، حسبما اعتادت “الحركة” على صياغة بياناتها التي كانت تدعم فيها القوى والفصائل التي أوغلت في دماء السوريين حتى في الأيام حالكة السواد التي كان فيه القتل الذي سموه جهاداً كان على الهوية..
لست أدري إن كان هذا البيان، “يخرط مشط” أي سوري في الشتات والمهجر والوطن، تحديداً أهالي مخيم اليرموك قرب عاصمة الياسمين، دمشق..
لست أدري إن كان من كشف “الحفار” الذي قيل إن إيران (و-أو) سورية قدمته لفصائل غزة بغية تهريب المؤن والسلاح والذخائر أثناء الحصار، قد أخفاه بعض “السماسرة” داخل سورية ليتم استخدامه لاحقا – بعد سنوات (لاحظ سنوات..) في حفر أنفاق الغدر والإرهاب تحت دوما وغيرها.
عندما يكون الجرح عميقاً لا بد من تنظيفه قبل تخييطه، المسكنات في تلك الحالة فيها شيء من خيانة الحقيقة، لا بد للناس أن تعرف حتى تغفر وتسامح وتصالح..
بالفم المليان أقول، وإن لم أكن سوري الجنسية فإن مخولي يشفع لي، لا أهلاً ولا سهلاً ولا مرحباً بحماس ومن على شاكلتها في أي عاصمة أو مدينة عربية بمن فيها رام الله (المقاطعة)! بالـ “ألم نشرح” -سوريّا-، العود إلى دمشق ليس بأحمدٍ، يا حماس..
*كاتب ومحلل سياسي – مدرب مع برنامج الدبلوماسية العامة في الخارجية الأميركية ..
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..