إضاءاتالعناوين الرئيسية

دروب الطاحون .. تفيد أبو الخير ..

دروب الطاحون ..

أروع ما في أرسطو أن مزاجه كان عالياً جداً، وهذا الرجل هو في حقيقته عالم طبيعة وليس فيلسوفاً، وضع الأسس المفيدة لتعريف الظواهر، والتفكير العلمي.

وأجمل ما في ابن سينا.. أننا لم نفهمه تماماً، أعطى للآداب والعلوم تعاريفها بغير تعدٍ، ونحن لليوم كشعوب الصف الرابع لم تتوفر فينا الكمية الكافية من الناس التي يمكن تحقق باتساع رقعتها شرط العبور إلى الحضارة الحديثة.

جميل جداً أن نفتخر بآثارنا وأجدادنا، لمرة أو اثنتين بعدها لابد لنا من أن نكمل ما أنجزوه، فإن لم نفعل شيئاً فلا كعباً بلغنا ولا كلابا.

نحن كغيرنا من الأمم .. وكل ما حدث لنا حدث لغيرنا، وما نظنه بدعاً وتخاريف عند غيرنا، لدينا مثله الكثير من مقدساتنا وطقوسنا التي قد يرى فيها الآخرون من أمم أخرى صخوراً صلبة كبيرة تربض على طريق نهضتنا. عندما كان يأتي المستشرقون والسياح منذ مئتي عام إلى اليوم كانوا يجعلون من كل الناس خداماً، اللهم إلا من كان ثرياً أو إقطاعياً، شاهدَ الناس لباسَهم وأدواتهم، وعملوا تحت إمرتهم وهم ينقبون آثارنا، وينقلونها أمام أعيننا إلى متاحفهم ومضافاتهم.

وقد عرفنا الطريق “وذكرت هذا أكثر من مرة”، وكان لنا من العظام من أناروا لنا الدروب رغم أن صرختهم لم توقظ سبات القطيع. ومعظمهم أدرك سنوات الظلام في القرون الثلاثة الأخيرة، أو عاش في حقبة التعقيم المعاصر. رشيد رضا يشبه كثيراً توماس أكويناس، أو توما الأكويني، من حيث الدور والتنوير، لدينا رموز رائعين فيما تعلمنا أن نسميها اليقظة العربية، ثم جاء طه حسين الكبير الذي سيأتي جيل بعد بضع عشرة سنة ويجعله في المرتبة الأولى بين كل المفكرين العرب. ولدينا الكثيرون من الأساتذة الكبار الجدد، وقلة من يقرأ ويعرف علي حرب مثلاً، أرجو ألا أكون مبالغاً في التشاؤم. اليوم نشطت الحركة، وانتبهت العقول من جديد، واتسعت دائرة التحقيق والتفتيش في التراث، وتناهب الطلاب الكتب العتيقة بشكل مدروس أو عفوي..

ليس مهماً، المهم أن العقل العربي اعتبر أن حرية الفكر قضية متكاملة، ولذلك ينبغي أن يكون لها أثر رجعي. هوجم الصادق النيهوم ونصر حامد أبو زيد، وغيرهما بأساليب أكثر قسوة من الهجوم الذي يتعرض له أمثالهم اليوم، ذلك أن سطوة كهنة المعبد كانت قبل سنوات بمثابة وكالة عامة عن المعبد وكتبه ورسله والمعبود، لهم حرية التخوين والتكفير وتحديد مواضيع النقاش. وكانت سلطة المعبد ضرورة رسمية لأنها تملك سلاح النص، هذا السلاح التاريخي المهيب الذي يكنس الأمم، وقد يجرّف مقدراتها، ويقود ملايين الحملان ويجمعها تحت خيمة السلطة، ويخفف العبء عن الحكومات، بالمحاذير، وحدود الحِمى، حيث الرعي الممنوع. أقول أخيراً وأنا أستذكر المترجمين الكبار فيما كان يُعرف بالإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية، أننا مهما اعتقدنا أننا مختلفون، أو أننا حالة خاصة كأمة، كشعوب، فإن دروب الطاحون واحدة لكل الأمم.

ما نمر به اليوم، في كل قُطر وفي كل جهة من جهات العربية الفصحى، كله أقرب إلى أن يكون محسوباً، وإن قمنا ببعض الدراسات التاريخية، وقرأنا مجريات الأحداث في دول عدة وردود الأفعال عليها، من الخارج والداخل لتمكنا أن نحصر النتائج باحتمالات قليلة. قفز إلى ذهني سؤال أراه في غاية الأهمية : أيهما كان أفضل بالنسبة للمنطقة  (المماليك البحرية، أم الشركس، أو ما يعرف بالمماليك البرجية)؟ في أي مسلسل لأي قصة إنسانية وبأي لغة عالمية كانت، يمكننا أن نقوم بالترجمة فوق الأصوات بلغة ثانية وثالثة، ولن نشعر بفرق كبير إن كان هذا المسلسل عراقياً أو غينياً أو تشيلياً، أو نرويجياً، فالإنسان هو الخلية الأرقى للحدث، وغاية الحضارة ومادتها في كل العصور. لذلك لا مندوحة ولا مجال ولا محيص ولا ريب أن أرسطو كان مزاجه عالياً جداً.

.

*إعلامي وكاتب .. سوريا

.

-لمتابعتنا على فيسوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك